عشر سنين من الإنتاج في مصنع الإدارة العمومية/ عبد القادر ولد محمد
في تقرير تقييمي كتب احد كبار الاداريين المشهود لهم بالكفاءة ما مفاده بان المثقف لا يصلح للادارة العمومية و لا شك أن لمثل هذا الحكم ما يبرره اذا أخذنا بعين الاعتبار ميول المثقفين إلى ابداء ارائهم بل إلى المشاكسة احيانا لانه من الصعب ارغام مثقف نزيه بالموافقة التلقائية على ما يخالف قناعته لكن المثقف الكبير الاديب العملاق بديع الزمان محمد فال بن عبد اللطيف المعروف بمنتهى الخلق الرفيع و ما يترتب عليه من النزاهة الفكرية و التعفف عن وسخ الدنيا استطاع في مساره المتميز أن يوظف ثقافته الأصيلة في خدمته لمعبد الإدارة العمومية الذى تم تأسيسه على قاعدة الانضباط تلك القاعدة التي تعززت في ظل اسناد وزارة الداخلية إلى قادة قادمين من الصامتة الكبرى تعودوا في مسارهم العسكري على إعطاء الأوامر و على امتثال المامورين .و قد قال احد هؤلاء القادة بخصوص سلوك الاديب محمد فال بان الدول لا تبنى بالطيب و إنما بالصرامة مع العدل ولعل تلك الملاحظة العابرة تعكس عن حسن نية حكما مسبقا مفاده ان ” الخمل” و غيرهم من أبناء الصالحين نفعنا الله ببركتهم مثل المثقفين لا يصلحون لمهام وزارة الداخالية كما يتصورها البعض..ذلك لان الصورة النمطية لهذه الوزارة تقدمها كما لو كانت وكرا من الجواسيس الذين يغردون ليلا و نهارا بما يضر الناس و انه لا يمكن لموظف أن يتقدم فيها بشبر الا اذا كان يتقن فن النميمة و انواع التملق .. و بالطبع تلك صورة كاذبة خاطئة لان وزارة الداخلية هي العمود الفقري لادارة الدولة و هي التي يترتب عليها إصلاح الإدارة العمومية او افسادها ..ثم أنها وزارة ضمت مذ نشاتها خيرة الاطر الاكفاء الذين خدموا الدولة بإخلاص في ظروف من ندرة الموارد و المعدات و من قساوة الظروف التي لا يمكن لجيل اليوم أن يتصورها ..و قد كشف الكاتب الكبير محمد فال بن عبد اللطيف بأسلوب البديع في سرده لتجربته خلال عشر سنين بالادارة المركزية لوزارة الداخالية النقاب عن اصول الإصلاحات الجذرية التي ادت إلى تحولات كبرى قي نمط تسير الدولة. ففي هذا الكتاب تتجلى قدرة المثقف على كتابة تاريخ الدولة بتجرد و بموضوعية بعيدا عن الدعاية الديماغوحية للاعلام الرسمي و عن مزايادات المعارضة التاريخية.التي اغترت بمظاهر قوتها غداة انطلاق المسلسل الديمقراطي قبل أن تتفكك بفعل تناقضاتها البنيويةو في هذا القيم معلومات لا غنى عنها لمن يريد .حقيقة ما جرى مذ تنظيم اول انتخابات تعددية في عهد الدولة الوطنية سنة 1986 إيام انشاء البلديات التي تعاملت مها الدولة في ظل الحكم الاستثنائي بجدية ملحوظة و التي كان يراد لها ان تكون مسلسلا هادئا يقود إلى ارساء قواعد التنمية المحلية المعينة على ترسيخ ديمقراطية صليه و قد تم تكليف وزارة الداخلية بدراسة مقارنة و بحملات تاطيرية كان الكاتب ضمن الاطر القائمين عليها كما صاحبت ذلك التحول نية صادقة في إصلاح الحالة المدنية و خلافا لحكم مسبق اخر مفاده ان العسكريين افسدوا الإدارة يظهر الكاتب بامانة كيف أدار بعض كبار الضباط وزارة الداخلية بكفاءة و في احترام يذكر و يشكر للقوانين المعمول بها. صحيح ان ظروفا أليمة تتعلق اساسا بما بعرف .بسنين الجمر اربكت الدولة باكملها و أثرت على .عمليه دمقرطة الادارة العمومية التي اكتسبت وزارة الداخلية خبرة قي تسيرها و لا شك أن تلك الظروف الماساوية القت بظلالها على المسلسل الديمقراطي قي بداية التسعينات لكن الإدارة العمومية ممثلة في وزارة الداخلية قامت بواجبها المتمثل في حفظ استقرار البلد و الحفاظ على مؤسساته و كما اشار الكاتب كان من الظلم البين اعفاءها من مهمة الإشراف على الانتخابات قي حقبة لاحقة لان قي ذلك الاجراء الذي طبلت له الطبقة السياسية نزع ثقة من الدولة و أرى شخصيا إضافة إلى ما ذهب اليه الكاتب النبيه بان الاوان حان لتصحيح ذلك الخطأ الفادح الذي تم ارتكابه في غفلة من التاريخ .. ذلك لأنني واثق يان إصلاح الإدارة العمومية يمر حتما بوضع الثقة قي موظفي الدولة و في وضع هؤلاء امام مسؤلياتهم طبقا لمعايير الكفاءة و حياد الإدارة إلى غير ذلك من الميزات المطلوبة من الموظف النموذحي و لعل اهم ما يميز كتاب عشر سنين في وزارة الداخلية هو ان صاحبه موظف نموذجي قادر على الإنتاج الفكري في مصنع الإدارة عير الكتابة التي تعتبر ركن الزاوية للادارة فالذين لا يستطيعون الكتابة و ما اكثرهم اليوم في الإدارة العمومية لا مكان لهم في تاريخ الإدارة … ” و نكتب ما قدموا و اثارهم ” عبد القادر ولد محمد