من ذاكرة الوزير محمد فال ولد بلال
رحم الله السيد الفاضل الداه ولد الشيخ،…
عام 1990، كنتُ في مكتبي بالبنكـ (باميس) إذْ دخلَ عليّ السيّد ديدي ولد اسويْدي رحمه الله، وطلب منّي أنْ ألتَحِق به في فندق الأحمدي مساء نفس اليوم في الساعة العاشرة. وبالمُناسبة، ألفتُ إلى أنّ المرحوم ديدي كان أستاذي في اللغة العربية لمدّة شهور في إعداديّة روصو عام 1965.
جئْتُ في الموعد ووجدتُ معهُ محمّد ولد الحَيْمَرْ، رحمه الله، وعبْدو ولد محّم، والدّاه ولد الشّيخ (رحمه الله). افتَتَحَ عبدو محّم الجلسة بكلمة مقتضبَة أكّد فيها دعمَهُ للائحة “الشّورى” وعلى رأسها الدّاه ولد الشّيْخ. وأعْرَبَ ديدي، رحمه الله، عن رغْبَته في أنْ أتولّى إدارة الحملة، مُضيفاً أنّهم سيَتَحَدَّثُون في الموضوع إلى بقيّة الأطراف المؤثرة والقياديّة في اللائحة، مثل اصغيّر ولد امبارك وأبو بكر ولد أحمد وبُوميّه ولد ابياه …
قبلتُ الاقتراح بعد موافقة مدير البنك، أخي وعزيزي سيدي محمد ولد محمد الأمين، رحمه الله، الذي أصرّ على خصم مدّة الحملة من راتبي الشهري، حفاظا على حيّاد البنك ازاء الأطراف المتنافسة.بدأتُ العمل فوراً. وكانت المواجهة قويّة مع لائحة مسعود ولد بولخير ولائحة “الأطر” المحسوبة على التيار النّاصري. وذهبنا إلى شوط ثانٍ في مقاطعات انواكشوط الـ9. شوط ثانٍ ضد لائحة مسعود في 6 بلديات، وضد “الأطر” في 3 ..
نعم! 1990، و في عهد الرئيس معاوية لجَأنا إلى شَوط ثان في جميع بلديات انواكشوط؛ تلكم حقيقة تاريخيّة قلّ من يذكرها اليَوم.. و في نهاية المطاف، حصلنا على 24 مستشارا، وحصل مسعود على 10، و”الأطر” على 3!وخلال إدارتي للحملة، تعرفت على شخصية المغفور له بإذن الله، الداه ولد الشيخ. رأيت فيه من الاستقامة والالتزام والأدب والأناة ما لم أره في غيره قط. كان هادئا وموطأ الأكناف رغم صخب الحملة وضجيجها. ظل مبتسما و داعيا باستمرار إلى احترام قواعد التنافس السليم واحترام اللوائح الأخرى. كان يدفع بالتي هي أحسن، ويعامل الصديق والخصم على حد سواء بتواضع ومحبة و رفق. لم يسأل طيلة الحملة عن مال و لا تمويل ولا وسائل. أذكر أننا جئنا إليه في بداية المسار بأوراق محاسبية للتوقيع، قال: ابتعدوا عني بهذه الأوراق، ولا تقربون. لا خبرة لي في هذا المجال، وعمري لم يعد يسمح لي بدراسته وتحصيل معرفته.اللهم اغفر له وارحمه.