“ارجع كما أنت .. صحوا كنت أم مطرا…/ زهراء نرجس
أعشق البوح على دفاتر الذكريات وأحيانا أسرق من خلوتي سويعات أخرج فيها بعضا من وجع حروفي وأرسم بريشة وجعها لوحة لمفارقات الزمن وتخاريف الحياة ..وكثيرا ما أخرج في الرسم بالكلمات على المألوف وأتمرد ..وأحايين أخرى عندما يضعف هذا العشق ولا يستطيع المقاومة أنزوي في مكان منعزل وهادئ واستسلم للصمت..ذات مساء خريفي في قريتنا الوديعة شعرت نفسي بوجع .. واحسست بضيق وبحرارة تسري في جسدي ، خرجت لأتنشق بعض الهواء النقي واهمس للنسيم لعل وعسى ..
جلست على “زيرة” وتركت العنان للنظرات والتأمل ..غير بعيد مني كان راعي غنم يجلس و يستمع لسدوم ولد ايده بصوته العذب يشدو بمقطع من رائعة نزار :الحب ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينة وشعورنا ان الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشة وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا تنمو كروم حوله .. وغلال..
“دخلني الهول” وتنشقت الهواء النقي ..لكني كنت ضيفة ثقيلة فقد قطعت على الراعي خلوته ورحل قبل أن أقاسمه الهموم “ماه حامل ش”.. ربما يعاني هو الآخر.. المهم حلق بي ذلك الشريط عاليا في عوالم من الخيال والنشوة “وش ما نعرف هو شنه وقاع” ..
وأخذني في رحلة تذكرتها الشوق وجواز سفرها الحنين وحط بي في باريس ..فقد كانت هي وجهة القلب آنذاك ..حشاكم انتومَ .. وتلاقينا لقاء الغرباء ومضى كل إلى غايته. ..
كانت لحظات من “الخيالات والتخيلات “رائعة حقا ..لصوت سدوم الشجي ..شكى الراعي وبث شجونه ، وعلى نغماته العذبة تواصلت الأرواح في غربتها وتناجت..
سدوم الفن والأصالة ..سدوم الظاهرة الصوتية التي لن تتكرر.. سدوم من كنا نعود الى حضن صوته الدافئ في ازمات حبنا..في انكسار عواطفنا..في افراحنا وأتراحنا..
ارجع كما أنت، صحوا كنت أم مطرا فمــا حياتنا نحن إن لم تكن فيهـا.