مسرحية “1984” الوثيقة الصلة بالأحداث الراهنة محاولة لإحياء نشاط الخشبة الأوكرانية
29 يونيو 2022، 01:33 صباحًا
كييف (أوكرانيا) – (أ ف ب) – بدت مسرحية “1984” المقتبسة من الرواية الشهيرة للكاتب جورج أورويل والتي عُرضَت نهاية الأسبوع الفائت في كييف للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي، أشبه بتعبير على الخشبة عن الوضع في أوكرانيا، نظراً إلى أوجه الشبه والتطابق، ولم يقطع متعة الممثلين والجمهور سوى إنذار ببدء القصف.
وقال الممثل إيغور نيكولاييف لوكالة فرانس برس قبل وقت قصير من أول عرض لهذه المسرحية منذ بداية الحرب في 24 شباط/فبراير “إنها وثيقة الصلة (بالأحداث) إلى درجة أنك لا تستطيع أن تفوتها”. وأضاف “هذا العرض يتحدث عن نفسه بوضوح شديد، وسيصبح المشاهدون أكثر اقتناعاً بوجود الخير والشر، الشر المطلق”.
أما الممثلة يوليا بروسينتسيفا فعلّقت قائلة “أستطيع أن أؤكد كل كلمة كتبها جورج أورويل، نظراً إلى كوني أعيشها” يومياً. واعتبرت أن المسرحية “متصلة (بما يحصل) ليس بالنسبة إلى الأوكرانيين فحسب، بل لأوروبا أيضاً”.
وتتناول الرواية التي نشرها الكاتب البريطاني عام 1949 نظاماً شمولياً مستوحى من الستالينية والنازية، تنعدم فيه حرية التعبير، ويصبح الفكر نفسه خاضعاً للرقابة، فيما يسود العنف والأكاذيب المجتمع.
أما في الواقع، فتواظب روسيا على قصف أوكرانيا يومياً منذ أكثر من أربعة أشهر، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا، لكنها تحظر على مواطنيها استخدام كلمة “حرب” تحت طائلة فرض عقوبات قاسية على من يفعل. ويسوّق الكرملين من خلال وسائل الإعلام التابعة له روايته لما يصفه بأنه “عملية عسكرية خاصة”، فيما ترى فيها كييف وحلفاؤها الغربيون مجرّد أكاذيب.
وتنطوي مشاهد المسرحية التي تُقدّم في صالة تتسع لحوالى 250 شخصاً على خشبة مسرح “بوديل” الحديث في وسط كييف، على شيء من الرعب. فعلى وقع موسيقى أشبه بصفارات الإنذار، يكون ونستون، وهو الشخصية الرئيسية ويرتدي بزة برتقالية، مقيّداً بسلسلة حبال، ما يجعله تحت رحمة عناصر الشرطة الذين جُرّدوا من إنسانيتهم بواسطة أقنعة بيضاء. وفي المشهد الأخير، تُطلق النار من مسدس على جميع الممثلين تقريباً.
وقال نيكولاييف “إنه مشهد بالغ الصعوبة جسديا ونفسيا، لكنه ليس بقدر الصعوبة والألم النفسي والجسدي الذي يعانيه الأشخاص الذين يدافعون عن بلدنا الآن”.
– “من واجبنا” –
كذلك أجرى عدد من المتفرجين الذين اشتروا تذاكرهم قبل بدء الحرب ثم شاهدوا العروض بعد إرجائها مراراً، مقارنة بين “1984” وما يشهده بلدهم راهناً.
وقال رومان فالينكو “بات من المناسب بعد اندلاع الحرب مشاهدة +1984+”.
أما تاتيانا ملنوك فقالت قبيل بدء المسرحية “إنها المرة الأولى التي يمكننا فيها الذهاب إلى المسرح (منذ بداية الحرب)، أعتقد أن هذا العمل جيد جداً، والآن أصبح وثيق الصلة” بالأحداث.
وكانت سعادة الممثلين والمتفرجين على السواء كبيرة بالعودة أخيراً إلى الخشبة بعدما أدت الحرب وتدابير حظر التجول إلى شلّ الحياة الثقافية طوال أربعة أشهر. وأعيد في الأسابيع الأخيرة فتح بعض المسارح ودور السينما أو حتى أوبرا كييف، لكن مع برامج محدودة.
وقال يوري فيليبينكو الذي يؤدي دور أوبراين، وهو عميل في شرطة الفكر وأحد الشخصيات الرئيسية في رواية أورويل، إنها “أول مسرحية” يشارك فيها “منذ أربعة أشهر”. وأضاف “الثقافة جزء من أمتنا، لا يمكننا العيش من دون ثقافة”.
ولاحظت الممثلة بروسينتسيفا إن الروس “لا يريدون أن يكون الشعب الأوكراني موجوداً”، مضيفة “بالتالي من واجبنا إحياء الثقافة الآن”.
وروت بروسينتسيفا، وهي من مدينة سيفيرودونيتسك في إقليم دونباس التي سيطر عليها الجيش الروسي تماماً بعد أسابيع من القصف المتواصل، كيف أثرت المعارك على عائلتها.
وقالت “تمكنت والدتي من المغادرة، وقتل عمي، وبقيت جدتي في سيفيرودونيتسك المحتلة”.
وشدد رومان فالينكو أيضاً على أهمية دعم الثقافة، وقال “الدولة تدعو إلى دعم الاقتصاد، وشراء التذاكر يعني أيضاً دعم الاقتصاد والمسرح”.
لكنّ معاودة النشاط المسرحي غير مضمونة بعد. فالسبت، اضطر منظمو العرض إلى وقفه قبل النهاية بسبب تحذير جديد من القصف. وألغي عرض الأحد بعد ضربات صاروخية جديدة على حي قرب وسط كييف فجراً.