بين الحنين واستحسان الصوت والشكل… دورة الزمن تعود إلى الفينيل
17 مارس 2023، 20:08 مساءً
نيويورك ـ (أ ف ب) – تعددت الأسباب والإقبال على أسطوانات الفينيل واحد، إذ أن إعجاب البعض بشكلها، وتفضيل آخرين نوعية صوتها، وحنين قسم ثالث إلى الزمن الجميل، عوامل ساهمت في جعل مبيعاتها في الولايات المتحدة تفوق حجم شراء الأقراص المدمجة (سي دي).
في متجره في غرينيتش فيلدج في نيويورك، يقطف جمال النصر ثمار هذه العودة الميمونة. ويعلّق هذا الرجل البالغ 50 عاماً والذي ترك الضفة الغربية في سن المراهقة ليستقر في نيويورك “من كان ليظنّ أن اسطوانات الفينيل ستعود إلى الحياة؟”
وبدأ فيجاي دامرلا (20 عاماً) الذي كان موجوداً في متجر “فيلدج ريفايفل ريكوردز” بجمع أسطوانات الفينيل مع أنه لا يملك جهازاً لتشغيلها، ويستمع إلى الموسيقى عبر الإنترنت في الغالب.
ويشرح أن أسطوانة الفينيل “تعادل ملصقاً لفنان، أو حتى ملصقاً لألبوم على الحائط”، مضيفاً “ولكن في الواقع، إنه جزء من بقايا الماضي”.
أما سيلين كورت (29 عاماً) التي تملك 250 أسطوانة فينيل، فالأهم بالنسبة إليها هو الحنين إلى صوت أكثر دفئاً، وهو ما تفتقر إليه الموسيقى الرقمية.
وترى أن “الأمر مختلف جداً”، إذ أن أسطوانة الفينيل تعطي “انطباعاً بالأصالة”.
– “ميتاليكا” تستثمر –
وعودة الفينيل لم تعد سرا. لكنّ عدد أسطوانات الفينيل المباعة عام 2022 في الولايات المتحدة بلغ 41 مليوناً فاق حجم الإقبال على شراء الأقراص المدمجة (33 مليوناً) للمرة الأولى منذ العام 1987، وفقاً لبيانات الصادرة الخميس عن جمعية صناعة التسجيلات الأميركية.
وتبنت المتاجر الكبرى مثل “والمارت” هذا النوع من الأسطوانات، فيما تعمل المصانع التي تنتج أسطوانات لأبرز النجوم كبيلي ايليش وهاري ستايلز وتايلور سويفت بأقصى طاقتها.
ووصل الأمر بفرقة موسيقى الهارد روك “ميتاليكا” إلى أن تستحوذ هذا الأسبوع على إحدى هذه الشركات المصنعة وهي “فورنيس ريكورد برسينغ” لتلبية الطلب على إعادة إصدار أسطوانات قديمة للفرقة.
ويمتلك جمال النصر في متجره مخزوناً متجدداً يبلغ نحو 200 ألف أسطوانة فينيل، فضلاً عن الأقراص المدمجة وأشرطة الكاسيت والتذكارات.
ويقول “في تسعينات القرن الفائت، عندما كان شخص ما يتحدث عن الفينيل، كان يبدو غير عصريّ”.
ويضيف “أمارس هذا العمل منذ 30 عاماً (…) وبات يأتيني الآن جيل جديد، يافعون يحضرون للبحث عن كل موسيقى الثلاثينات والأربعينات والخمسينات”.
ويلاحظ أن هؤلاء “يعرفون أكثر من الذين نشأوا في التسعينات أو الثمانينات”.
ويبيع جمال أسطوانات الفينيل الجديدة والمستعملة على السواء. وبسبب ارتفاع تكلفة تصنيعها وتوزيعها، فإن هامش ربحه على الجديدة لا يتجاوز 5 في المئة، ويعتمد على تلك القديمة لتعويض الفرق.
وفي غرينيتش فيلدج الذي أصبح واحداً من أغلى الأحياء في نيويورك ، إذ يصل بدل الإيجار الشهري فيه إلى 15 ألف دولار، يشهد عمل جمال تقلبات باستمرار.
– “تجربة ملموسة” –
ويقول “عندما أكون على وشك الغرق، آخذ كل ما أملك شخصياً وأعيده إلى المتجر”. ويضيف “أعتقد أنني أحب عملي أكثر مما أحب نفسي”.
ولا يتردد جمال النصر في أن يرسل لأحد المشاهير مثلاً أسطوانة طلبها. لكنّ الرجل الذي باتت تربطه صداقة بنجوم من أمثال بيلا حديد ولانا دل راي وروزاليا، يفضّل أن يعيش الراغبون في الشراء “التجربة الملموسة”.
ويشرح وجهة نظره قائلاً “أريد من الناس أن يأتوا إلى المتجر للبحث بين أسطوانات الفينيل والحصول على معلومات (…) سيرون أكثر بكثير مما هو موجود في الواجهة، فهناك الكثير من الكنوز المخفية هنا”.
وبات بيع التسجيلات الموسيقية المادية تجارة متخصصة. فالبث التدفقي للموسيقى يبقى السائد، إذ وصلت عائداته عام 2022 إلى 13,3 مليار دولار، أي ما يمثّل 84 في المئة من إجمالي مبيعات الموسيقى البالغ 15,9 مليار دولا، بحسب جمعية صناعة التسجيلات الأميركية.
لكنّ سيلين كورت الهولندية الأصل، ترى أن البث التدفقي “سريع جداً وسهل جداً”. وتشرح قائلة “ثمة طاقة أفضل عندما تجمع أسطوانات الفينيل، عندما تستمع إليها وتفخر بها”.