إيتيل عدنان.. مبدعة استثنائية نسيها العرب وتذكرها غوغل
مبدعة استثنائية من الرعيل الأول، متعددة الهويات واللغات، كتبت مبكرًا الشعر والرواية ومارست الفن التشكيلي، عبرت عن هموم وقضايا إنسانية، مثل: مأساة الهنود الحمر وعذابات الشعب الفيتنامي وخصوصية القضية الفلسطينية وعدالة حرب التحرير الجزائرية، لكن قدرها أن تسقط سهوًا من الذاكرة العربية ويتذكرها فقط “غوغل”، فمن هي إيتيل عدنان التي يحتفي بها اليوم محرك البحث العملاق متخذًا من صورتها أيقونة له؟.
ولدت “إيتيل” في لبنان عام 1925 لأم يونانية مسيحية وضابط سوري مسلم، سافرت إلى فرنسا بعمر 24 عامًا لدراسة الفلسفة ثم إلى الولايات المتحدة لدراسة فلسفة الفن وعادت إلى لبنان، حيث عملت بالصحافة الصادرة بالفرنسية وتميزت في تنفيذ الرسوم التوضيحية المصاحبة للمقالات قبل أن تغادر بيروت نهائيًّا مع بدء الحرب الأهلية.
ورغم أن مؤلفاتها صدرت بالفرنسية ثم بالإنجليزية لعدم إتقانها العربية، فإنها دأبت على تقديم نفسها في الغرب بصفة “الشاعرة العربية”. تلقت تعليمها في أرقى الجامعات العالمية مثل “السوربون” و”هارفارد” وحازت على العديد من الجوائز وأشكال التكريم منها لقب “فارس الأدب” الذي منحته إياها الحكومة الفرنسية عام 2014. من أبرز أعمالها “الست ماري روز” وهي رواية تتناول الحرب الأهلية اللبنانية و”البحر والضباب” وهي مجموعة شعرية، فضلاً عن “قصائد الزيزفون” و”باريس عندما تتعرى” و”سماء بلا سماء”.
الشعر بالنسبة إليها لم يكن مجموعة من الصور البلاغية والمجاز الجميل، بل طاقة ملهمة ومحرضة على التغيير لا سيما في المجتمعات التي تعاني من الطغيان. وحول تلك الفكرة كانت تقول: “تخرج القصيدة من روح وتصل إلى روح، لذلك فإنّ الطغاة يخافون سلطة الشعر، لأنها غير مرئية. الشعر له مفعول المنوم المغناطيسي، والسلطة خير من يدرك ذلك”.
وكانت ترفض مبدأ “الفن للفن” وترى أنّ الأدب له وظيفة محددة، ما جعلها تخاطب الشعراء قائلة: “أيها الشعراء، غيّروا العالم، أو اذهبوا إلى بيوتكم”.
وعندما توفيت في عام 2021، وصفها المقرّبون منها بأنها الشاعرة التي عاشت وماتت وهي محتفظة بروح الأطفال في داخلها. وهو المعنى الذي يتجلى في إحدى قصائدها: “هذا المساء، سأنام مبكرًا يا أصدقائي لأن الظلمة تكاثفت كثيرًا / وسأحاول ألا أضيّع المفتاح / وأن أنام مثلما ينام الأطفال”.