تقرير إذاعي: موريتانيات في الشرطة/ الشيخ بكاي بي بي سي
فوجئ الموريتانيون بأيد ناعمة تنظم المرور في شوارع العاصمة نواكشوط .
وأثار الحدث تعليقات كثيرة في الشارع وبعض الجدل، غير أن الفضول بالدرجة الاولى حرك كثيرين تحلقوا خلال الايام الاولى حول الشرطيات..
وتقول الشرطيات إنهن تمارسن العمل من دون الشعور بأي تمييز.. كما لا تشعرن في الوقت ذاته بأن أنوثتهن تضررت.
مراسلنا في نواكشوط الشيخ بكاي بعث بالتقرير التالي:
https://soundcloud.com/sheikh-bekaye/mauripolice
التقرير كما كتب أيضا للأونلاين:
الشيخ بكاي- بي بي سي – نواكشوط
فتيات توقفك في شوارع العاصمة نواكشوط.. تطلب منك الأوراق في أدب جم. وتفسح في الطريق أمام سيارتك بعد تفتيش سريع… لكن حركة السير تتوقف لرؤيتهن ويتحلق حولهن المارة. شرطيات في مجتمع محافظ يمنح المرأة هامشا كبيرا من الحرية، لكن يضع أمامها الكثير من الخطوط الحمراء…
تقول السالمة وهي إحدي المائتي شرطية التي ألقي بها في الشارع وسط النقد والإستغراب، إنها شعرت بالإرتباك حينما نزلت للمرة الأولي إلي الشارع. “فقد كنت واقعة تحت ضغط نظرة المجتمع لعمل المرأة في الشرطة الذي يعتبره هذا المجتمع أمرا غير طبيعي”.
وتقول عائشة وهي شرطية أخري إنها وزميلاتها في ورطة اجتماعية، ” فنحن نواجه ضغوط الشارع في مجتمع لا يقبل أن تلبس المرأة زي الشرطة، و تنزل إلي الشارع لتمارس هذا العمل”.
ودخلت المرأة الموريتانية الشرطة والجيش في إطار سياسة انتهجها الرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطايع استهدفت توسيع مجال مشاركة المرأة، وواصلها المجلس العسكري الحالي الذي فرض في الإنتخابات التشريعية والبلدية التي انتهت مؤخرا دحول النساء إلي البرلمان بنسبة تجاوزت العشرين في المائة. وبرغم أن الموريتانية ظلت علي الدوام أكثر حضورا من نساء العالم العربي الأخري فإن الأوساط المحافظة رأت في السياسات الجديدة قدرا من التطرف، خصوصا ولوج المرأة قطاعات الجيش والشرطة.
و تعتقد السالمه أن الزي العسكري هو السبب ” هناك نساء تسافرن إلي هونغ كونغ للتجارة أو غيرها، وتسافرن إلي جميع بلدان العالم ، ولم تتعرضن للنقد . فلماذا إذن ننتقد نحن؟… أعتقد أن ذلك بسبب زي الشرطة … المجتمع لا يقبل أن نلببس هذا الزي”.
وهل تشعرالسالمة أنها عارية وهي في زي الشرطة؟:
” لا أشعر أني عارية وأنا في ثوب الشرطة علي العكس من ذلك أشعر أنه أكثر سترا من الملحفة ( الثوب الموريتاني للمرأة) لأنه لا يبين مني إلا الوجه واليدين . أنا أضع علي رأسي غطاء وأضع فوق لباس الشرطة قطعة أخري”.
تبدي الشرطيات نشاطا وحزما وهن تفتشن السيارات أو تنظمن المرور. غير أن حركة السير تبدو بطيئة أحيانا. والسبب هو : هذا السائق يريد حديثا أطول مع … مع… “أنثي الشرطة”… وذاك لا يصدق ما يري … وآخر يتسلي بمنظر غير معهود . وهذا ما تشتكي منه فاطمة:
“حينما نكون في الشارع يتحلق حولنا المارة ، و ينظر إلينا الكثيرون باستغراب…”
وخلال الأيام الاولي كان المارة يتحلقون حول الشرطيات في شكل لافت. غير أن تلك المرحلة آخذة في الإنتهاء ، وإن بقيت منها التفاتات خاصة ، ونظرات لا تخلو من تعليق يجعل فاطمه تقول:
“حينما نكون واقفات في الشارع لابسات زي الشرطة نشعر بالفخر، ولا يضايقنا أن يقف الناس في الشارع ليتفرجوا علينا، علي العكس من ذلك هذا يشجعنا علي العمل”.
وهل تشعر الشرطية بوجود تمييز بينها وزميلها الشرطي؟… يقول البعض إنها ستظل امرأة أينما كانت. لكن فاطمة ترفض ذلك:
” يعاملونني معاملة شرطي لا معاملة امرأة … نحن في مجال العمل شرطيون ولا نقبل من زملائنا أن يكونو ا أفضل منا، فنحن نريد أن نكون الأوائل”.
ويري مفتش الشرطة يحي أن الشرطية أكثر استعدادا وأدبا وهي فوق ذلك حلت مشكل الوصول إلي مناطق يمنع علي الرجال الإقتراب منها:
“نساء مع نساء تفتشنهن بدقة… فنحن الرجال هناك مناطق في المرأة لا نتسطيع تفتيشها لأننا مسلمين وهن أجنبيات علينا… نفتش الظاهر وما خفي لا نتستطيع الوصول إليه …”
ولا تواجه الشرطية المشاكل في الشارع فقط… لديها في البيت مشاكل، كما تقول فاطمه. فبعض الرجال لا يفهم أن تعود زوجته من العمل الثانية أو الثالثة فجرا و”…. والبعض الآخر يضغط عليها من أجل ترك العمل”. وهذا ربما ما يجعل فاطمة تجزم بأن الزوج المناسب للشرطبة هو زميلها الشرطي:
“الشرطي يفهم العمل في الشرطة ودورياتها، وإذا أنا تأخرت يتفهم ذلك، ولن يكون مثل آخر ربما قال إنني كنت ألعب”.
غير أن عائشة تبدو أقل جزما: “…. أفضل زوج للشرطية هو الزوج الذي يفهمها وتفهمه من أي قطاع كان” .
برغم العسكرية ومضايقات المجتمع لا تنسي الشرطيات الأنوثة. وتدافع عائشة عن أنوثتها باستماتة:
“أشعر أنني لا أزال أنثي… وإذا كانت أنوثتي لم تزدد فإنها لم تنقص… لا أشعر أني فقدت أي شيء .. أشعر بأنني لا أزال امرأة ….”.
وتطلق عائشة ضحكة عريضة قبل أن تنفخ في صفارتها مودعة.