بداية المرحلة الثانية من المؤامرة الامريكية على العراق
1 يناير 2020، 23:58 مساءً
تحت عنوان ((امريكا تعمل على تشكيل حكومة عراقية معادية لايران)) كتبت في رأي اليوم الغراء في 18/5/2018 اي مباشرة بعد الانتخابات العراقية :
((ان الحرب القائمة في المنطقة ، من ليبيا عبر سوريا واليمن، هي ليست بين السنة والشيعة ولا بين شعوب المنطقة المساكين،.. بل انها بداية الحرب بين امريكا وروسيا، عبر المنطقة وعبر ايران وحتى جورجيا واوكرانيا وبولندة. ))
فالمؤامرة الامريكية على العراق والتي بدأت مرحلتها الاولى في اول تشرين الاول/ اكتوبر سنة 2019 جاءت لتتوسع لتشمل ايران واخضاعها مستخدما ً نفس الطريقة التي نفذت في ليبيا وسوريا، كضرورة عسكرية لبدء حملة جديدة ضد روسيا من الجنوب. فتحليل الخبير السياسي الاسترالي المشهور جون بيلجر حول كون ((الحرب العالمية الثالثة قد بدأت فعلا ً)) على الاقل منذ احتلال العراق تحليل لا يمكن اهماله ببساطة.
أن ما يجري في العراق منذ 1/10/2019 عبارة عن حلقة من هذه الحرب القائمة بين القطب الامريكي الهرم والقطب الجديد لروسيا والصين وايران وبلدان اخرى نالت الامرين من الاحتلال الامريكي البغيض. و بهذ الخصوص كتب الدكتور احمد الاسدي في رأي اليوم في 12/11/2019 :
(( واليـوم نقولهـا بصـراحـة القول وبدون مواربـه وتردد ومجاملـة أو خـوف من احـد: إن ما يحدث بالشارع العراقي ما هو إلا الصفحـة المتأخـرة مـن المشروع الاسرائيلي الامريكي الممول اماراتيا وسعوديـا , لنقـل معـركتهـم الخاسئه مـع ايـران الـى الساحـة العراقيـة وعلى حساب دم الشعب العراقي وفقراءه ومحرومية ، مستغلين سذاجة البعض وعمالة البعض الآخر ، بعـد أن فشلـوا في نقل هذة المعركة الى العمق الايراني مثلما توعـد محمد بن سلمان وهـدد و عربد ترامب وبومبيو و نتنياهـو وبولتن .))
اكد الباحث عبد الخالق الفلاح على عدم وجود قيادة عراقية لتوجيه المتظاهرين واضاف في رأي اليوم في 27/11/2019 ليجزم: (( أن الاستراتيجيات القديمة للسيطرة على البلدان من قبل الدول الاستعمارية لم تعد مجدية، ففكرت من أهمية تجديد وتطوير استراتيجية الاختراق النظيف ولم يعد ضرورياً أن ترسل جيوشاً وتدفع تكاليفها الباهظة، ولكن البديل كان العمل على اكتشاف العناصر الرخيصة التي تؤيدها في هذه المجتمعات والمخلصة لها وتم تمويلها والاعتماد عليها لإحداث الفوضى التي تريدها والتي تخدم مصالحها أولاً وأخيراً .))
لقد كانت اسقاط حكومة عادل عبد المهدي وتشكيل اخرى موالية لامريكا النقطة البارزة في هذه المؤامرة لعدة اسباب اهمها الغاء الاتفاق على المقايضة التي تقوم بموجبها الصين ببناء مشاريع عملاقة في العراق مقابل تجهيزها بالنفط . تقدر قيمة هذه المقايضة بـ 700 مليار دولار خلال عشر سنوات من عمر الصفقة. اي ان امريكا ستخسر في السنة 70 مليار دولار من واردات العراق التي كانت تتوقع الحصول عليها. يعتبر ترامب هذه الخسارة بمثابة هزيمة اقتصادية فضيعة ، خاصة ً انه يعتبر هدفه الاول، كرئيس للجمهورية، هو وضع مصالح بلاده فوق كل شيء. لقد اعتقدت امريكا ان اسقاط الحكومة العراقية عملية بسيطة لا تحتاج سوى الاستفادة من فسادها فخدعت المتظاهرين الابرياء وحثتهم ضد الحكومة بحجة المطالبة بحقوقهم المشروعة. الا انها فشلت وفشلت معها المرحلة الاولى من المؤامرة. ذلك لأن سقوط عبد المهدي لم تلغي الاتفاق الصيني. اضطرت امريكا الى تصعيد حملتها، خاصة بعد ان تم فضح اهدافها من قبل قيس الخزعلي الذي اشار الى دور اسرائيل ودولة الامارات ولمّح بمشاركة الرئيس برهم صالح في الموضوع. بل ذهبت عصائب اهل الحق وحزب الله العراقي بتهديد القواعد الامريكية في المنطقة الخضراء وكركوك والتاجي. كل هذا فسح المجال لامريكا بالبدء بالمرحلة الثانية من المؤامرة.
حسب افتتاحية رأي اليوم في 29/12/2019 (( شنت القوات الأميركية سلسلة غارات الأحد على قواعد تابعة لفصيل عراقي موال لإيران، ما أسفر عن مقتل 15 مقاتلا … وتأتي الغارات على قواعد ومخازن أسلحة تابعة لكتائب حزب الله العراقي عند الحدود العراقية السورية .)) قامت امريكا بهذه الجريمة بحجة مقتل متقاعد مدني دون تقديم اي اثبات وحتى دون ان تذكر اسمه.
كنتيجة لهذه الجريمة البشعة تفجرت الاحتجاجات وقام المتظاهرون بمحاصرة السفارة الامريكية وحرق العلم الامريكي في ساحة التحرير ومدن عديدة اخرى.
المتوقع ان الصدامات الدموية، في هذه المرحلة، ستتوسع لتهديد المصالح الايرانية و قد تدفع ايران ، بل حليفتها الروسية، الى مساعدة العراقيين بغية عرقلة تطور الاحداث لتشمل ايران وتقترب من روسيا. والمعلوم ان لامريكا حلفاء داخل العراق قد تقوم بسوقهم مستخدمة التشنجات الطائفية التي شجعتها حتى قبل الاحتلال. تستطيع امريكا مثلا ً أن ترفع من شدة الاضطرابات عن طريق ادخال اعوانها في المحافظات الشمالية والغربية، اي في نينوى وصلاح الدين والانبار مستخدمة منظمات (( الصحوة )) الارهابية من اهالي المنطقة ، تلك التي مولتها و سلحتها سابقا ًلقهر المقاومة فيما سمي بـ (( المثلث السني )) .
وبهذا الخصوص كتب عبد الخالق الفلاح في رأي اليوم، راجع اعلاه، يقول ((… تحدث مايك بنس نائب الرئيس الامريكي في الانبار مع شيوخها في قاعدة عين الاسد خلال زيارته المفاجئة وفي ظلام الليل لها “بتشكيل اقليم من ثلاث محافظات في المنطقة الغربية في العراق” وهو جزء من التدخل السافر لواشنطن في شؤون العراق والمنطقة من اجل اثارة الشارع الملتهب اساساً “وطمئنهم لاستقطاب قوى إقليمية ودولية لمساندة موقفها )) بينما اقترح محمد حسن الساعدي في رأي اليوم في 8/9/2019 يقول: (( تعمد القوات الامريكية المتواجدة هناك مع عصابات داعش، الى قطع الطريق بين سوريا والعراق وإيران، ومنع أي امداد عسكري الى سوريا ولبنان في أي حرب قادمة في المنطقة عموماً .))
في الحقيقة لم تكتفي امريكا بغرب العراق بل انزلت قواتها في خانقين التي تبعد عشرات الكليومترات من الحدود الايرانية بحجة انتشار داعش في المنطقة. هذا علاوة على سيطرة امريكا، في المنطقة الكردية، على قاعدتي حرير وحلبجة القريبتين من الحدود. وفوق كل ما ورد هناك قوات البيشمرغة التابعة لمسعود البارزاني، المدججة باحدث الاسلحة الامريكية وباشراف المدربين من اسرائيل.
ما زالت المرحلة الثانية من المؤامرة في بدايتها والتصرفات الاجرامية السابقة لامريكا في العراق و العالم لا تبشر بالخير. من الضروري، اذن، ان يتوحد الشعب العراقي للنضال ضدها و طردها وغلق سفارتها وقواعدها العسكرية لينال العراق سيادته الكاملة من جديد والى الامام.