مع الدجال..!!/ ذاكو وينهو ( المرتضى ولد محمد اشفاق)
الدهماء خليط بشري غير مصنف، يشبه اليوم “بالوطة راباخ”،تتصدره العامة، لا يصدر عن رأي، ولا يوجهه قانون…
لا يبحث عن حكمة، يثيره الفضول، يتسلى بالمحن والشرور…
لكن الدهماء هي رحم ثقافة الشعوب، منها تنطلق الأحكام المرتجلة على الظواهر والأشياء وعلى الإنسان نفسه، وفيها تولد مسميات الأماكن والأحياء والمدائن، وجديد رسوم القماش وصباغته، وأنواع الضفائر والحلاقة، وحتى الأشياء العصرية من حلوى وغيرها، مطلق الاسم مجهول،،
أمة إذا ضحكت سعلت، وإذا هدأت سألت، وإذا سألت أحرجت، وإذا غضبت فجرت…
نكرات لا تنتسب إلى مشترك، ولا تتسمى بمميز، تتنظم في سلك الفراغ رغم التنافر، ولا تطمع في الصعود، مرتاحة بغبائها، سعيدة بشقائها،لكن سلطانها غالب،
لا فرق فيها بين نابل وحابل وحاطب، وحكمها ماض، ورأيها قاض، وإن خلا من دليلها وفاض…
الدهماء مهد الإشاعة، يصعد بها رهط وينحط آخرون، يعز بها سلطان، وينهار بها بنيان، ويذل بها حق ويعز بهتان، ويدال بها حكم ولله في خلقه شان، لا يحزنهم إقلال ولا نفاد، ولا يجزعون لقلة زاد، ولا يؤرقهم فزع يوم التناد..
قال الدجال لما أنهكنا ظهور المطايا، وواصلنا الغدايا بالعشايا، وجاوزنا البحر إلى النهر، والعمران إلى القفر، رأينا أقواما حيارى، تخالهم سكارى وماهم بسكارى، يجتمعون على صوت الطست، ويمهرون في الوضع والنحت، إذا انفجر إطار السيارة خرجوا إليه مُجْفَلين، أطفالا وراشدين، تاركين بيوتهم للغنم والمجرمين، فتُؤكل المصاحف ويٌعبث بالنفيس والثمين، يزدحمون على ميت بوباء، في جلبة وغوغاء، ينظرون إلى السماء شاخصين، لأن مختبلا قال إنه رأى فيها سورة يس، يبحثون في المصحف عن الشعرةالواقية، والمنجية الشافية…
ينسى الرجل أمه، ويهجر خاله وعمه، وهم أحياء يرزقون في حيه، ويتمادى في قطع رحمه وغيه، ثم تراه يجيش الحشود، ويبذل الجهود، لوصل رحم مجهول مفقود، غيبته الرموس الدوارس، وحالت دونه القرون العوابس، ذكره رجم بالغيب، وحقيقته وهم وريب،
قال الدجال لرهطه:
هؤلاء هم دار القرار، وأهل البركة والمزار، وأهل الحكم والقرار، طوبى لمن والاهم، وتعسا لمن جافاهم…يصدقون الكذاب، ويتوسعون في أكل كل ذي ناب،،،
بايعت سيدهم على حفظ ما قال، وبايعني باتباعي في الحال، حذو النعال للنعال، ودعوة النساء إلي والرجال،،،فقلت لموظفهم المحتال، حدثني عن منصبك هل أنت من أهل الخبرة والمجال، وهل لك في تركه نية فقال:
ولي منصب آليت أني أصونه
وأن لا أرى غيري له الدهر حائزا
سأبقى نصير الحكم في كل فترة
وأبقى لخصم الحكم سهما و هامزا
فللحاكم المنصور سلمت مقودى
لأبقى بذي الوجهين في الناس فائزا
فقلت له حسبك،حسبك لقد صدقتني المقال، وهذا عين العمه والضلال،
وأنت أيها المتزلف العاشق ، والوامق المنافق، خبرني من أنت ومن أي الخلائق ،فقال :
وإني مَكَبٌّ للغنيِّ فإن يشأ
رمى لي النوى مِنْ فيه أو شاء ماعزا
أنا النذل عبد البطن أكفر بالعلا
وأكره من يحيا عفيفا وعاجزا
فكل أحاديث الشهامة كذبة
فما عاد صون الوجه للحر جائزا
أبيع حروفي في المزاد وإنني
أُرى هامزا في ذاك طورا ولامزا
وأغتاب أهل العلم والفضل والنهى
وأكذب كي أحمي بغِيًّا وناشزا
ولي ألف وجه خرَّق القبحٌ جِلْدَها
يُدَوِّرُها شِعْري مديدا وراجزا
ولي كل يوم خسة وفضيحة
وما كان لي نهج الشريعة حاجزا
فقلت له:
أحسنت، أحسنت، فقال دعني أكمل أيها الدجال، هل هذا يكفي من طامع محتال:
وإن قال من أثرى أصدق قوله
ولو قال إن الحق ما عاد جائزا
وإن قال إن الصبح عشرون ركعة
لأقسمت أن الحكم قد كان بارزا
وإن قال لي هذا أبوك فسُبّه
لقلت وإن تُحْبِبْ ترانيَ عانِزا
وإن قال إن الشعب فيء ومغنم
لصحت لأنت العدل مذ كنت ناهزا
فقل ما تشا إني ظهيرك لا أَنِي
سأبقى لما تبغي من الدعم جاهزا
فقلت لرهطي ويحكم، رخص الشعر إذن وأفل نجمه، وخبا وهجه وضمر حجمه، لا مقام لكم فهؤلاء أمة لا تدركها مطايا الخواطر، ألم تروا أنهم لم يحوجونا إلى نشر البشائر، وهذه جيادنا بين الفواتر والعواثر، لم نغرهم بجنة، ولم نرهبهم بنار، فانطلقوا يلبون في مباركة وانبهار، وتجاوزوا كل حد ومقدار، فالفرار الفرار، أيها الأبالسة الأشرار، لا بقاء لكم ولا قرار ….لا قبل لكم بأرض الشعراء والغباء والببغاء…الحرف في أفواهم أسير، يحلون به كل جائر وحقير، فالنفير النفير، ضاقت الدار واخلولق الحصير،،إلى باب لد أيها الشيطان الرجيم، مازلنا نحتاج إلى تقويم، كي نحيد مثلهم عن الصراط المستقيم…