كابوس الحظر / محمد الأمين سيدي بوبكر
بينما كنت رفقة اثنين من الإخوة عائدين من إيصال أحد الاخوة لمُنطلق سفره – في بلدة لم أعهد فيها منفذا جويا، ولا مواعيد أسفار ليلية – إذ وقعنا في كمين أمني للشرطة الوطنية لم نعهده هو الآخر في المكان.
أومأ إلينا أحد الجنود بالتوقف؛ فأوقف الأخ السيارة وأعطاه المفتاح كما طلب؛ ونظر إلي نظرة استنجاد؛ ففتحت الباب ونزلت متجها صوب أفراد الأمن، فألقيت عليهم التحية وسألتهم عن قائدهم، فأشاروا إليه..!
تقدمت إليه؛ وقدمت له نفسي.. مبينا سبب مخالفة الحظر ومعتذرا عن ذلك – طبعا دون إبداء رأيي في الحظر الذي لا أراه سوى تبديد للممتلكات العامة؛ أو مبرر للصرف كما يراه آخرون؛ وتضييق على الناس؛ إذ لاقيمة صحية له في بلد لا ينظف ولايعقم الشوارع والأماكن العامة في ساعات الحظر كما هو الحال في بعض البلدان، التي تفرض حظر التجول، ولا أعتبر ضابط الأمن المرابط على قارعة الطريق محل انتقاد لسياسات قد لا يحق له إبداء الرأي فيها – مضيفا “لقد رأيت تعميم مدير الأمن الأخير، وأتفهم حرصكم على تطبيق الأوامر؛ ولن أطلب منكم الافراج عن السيارة لكن أرجو منكم إيصالنا إلى المنزل في سيارتنا أو إحدى سياراتكم” – ولا أعرف من أين استلهمت هذه الفكرة (الملائكية) – فقاطعني قائلا “سنتحفظ عليكم حتى الصباح” فتفاجأت! وكأني لم أقرأ الفقرة المتعلقة بإيقاف المارة ومصادرة مفاتيح السيارات أو لم استوعبها على الأقل؛ فقلت “ذاك هو الفيه الخير”.
هممت بالاتصال بأحد مسؤولي في العمل لإخباره بما حصل – عله يجد هاتفي خارج التغطية – فأخرجت الهاتف من جيبي.. وينتابني قلق من تأخر الوقت لأني عاهدت نفسي ألا أتصل بمن تجاوز عقده الثالث بعد منتصف الليل لما دون الحياة؛ فرن الهاتف جنب المخدة مؤذنا بحلول الصباح؛ فالتفت إلى الجانب الأيسر ونفثت ثلاث مرات وقلت اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان وشر ما رأيت في منامي.. {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله}.
صدق الله العظيم.
نعم.. ليس سوى كابوس في ليلة من ليالي خريف نواكشوط؛ لكنه مناسبة لأناشدكم جميعا التوجه إلى مراكز التلقيح للقضاء على وباء كورونا وما سببه من أحكام عرفية.. ومن أجل صباح جديد لا وباء فيه ولاحظر ولا تحفظات.
دمتم بصحة وعافية
—
محمد الأمين سيدي بوبكر