في عيد ميلادك/ عبد القادر ولد حمد
انت اكبر مني سنا و بالطبع أكبر مني مقاما فقد ولدت في أحضانك بعد أن مرت أربعة أشهر و أربعة عشرين يوم على استقلالك الوطني و يمكنني أن أفتخر بأنني خلافا لاغليية مواليد تلك الفترة من القلائل الذين تم ضبط تاريخ ميلادهم في سجلك المدني حديث النشأة حيث أن شهادة تاريخ ازديادي تم توقيعها في ظرف أسبوع أو ما يزيد عليه بقليل من طرف أول حاكم موريتاني لدائرة ادرار اعني الأمير عيده الذي حدث الرئيس المختار ولد داداه في مذكراته عن أسباب تعيينه استثنائيا بالنسبة لقاعدة مفادها أن حاكم الدائرة أو الوالي لا يجوز أن يكون من المنحدرين منها…كان جيل التاسيس حينها يخشى عليك من العصبيات المنافية لهويتك الوطنية و على وجه الخصوص من التعصب العشائري المناويء لبسط سلطتك و هيبة دولتك لذلك سعى إلى دمج جميع التيارات و على رأسها تيار النهضة الوطنية ( الذي كان اول من طالب باستقلاك ) في بوتقة الحزب الواحد ..لقد فرضت علينا احادية التفكير السياسي في سنك المبكر …لكن يمكن القول بل يجب الاعتراف بأنك سعيت جادة إلى تربيتنا في مدرسة جمهورية كانت القبيلة و العشيرة و الفصيلة و الشريحة تقف عند بابها الذي كان بمثابة السد الواقي من سيل العصبيات البائدة…. في هذا السياق لا أجد العبارات الكفيلة بشكرك لأنني انتمي إلى جيل لا يمكنه ابدا ان يكافؤك على الجهود التي بذلت من اجل تربيته المدنية بغية ترسيخ فكرة المواطنة في الاذهان بعيدا عن النزعات الضيقة للمجتمع الاهلي المنسوجة من حسد أولاد العم و على اساس تراتبية وظيفية لم تعد صالحة للزمان و لا للمكان..لقد تعلمنا بمساعدتك الثمينة كيف نتحرر من الأحكام المسبقة و كيف نتحرر من ثقل الأساطير المعيقة للتقدم و للانعتاق السياسي و الاقتصادي و الثقافي و قد تعلمنا و ذلك هو أهم مكسب كيف نحلم بالحرية الفردية و بالحريات العامة و كيف نناضل معا من اجلها.. بمناسبة عيدك أريدك كما عهدتك في في ايام المدرسة الجميلة ….أريدك جميلة تتعالى بحسنها على قبح الواقع اريدك وطنا يسع جميع الموريتانين بمختلف انتمائاتهم الجهوية و العرقية لا فضل لاحد منهم على الآخر الا بما تحدده معايير العدل و الانصاف.. أريدك دولة يسود فيها منطق القانون ..أريدك ورشة كبرى يعمل فيها الجميع كل حسب كفائته و طاقته أريدك نداءا لا بنائك الذين هاجروا بحثا عن العمل ببلدان أخرى أريدك فضاءا خاليا من الظلم الباطني و الظاهر و من مظاهر البؤس و الفاقة اريدك وطنا رؤوفا يعرف كيف يوزع ثرواته على ذويه ..و بالجملة أريدك حلما لشبابك ..لمستقبلك ..الذي قد لا يرى جمالك و لا الإنجازات التي تحققت في مسيرتك الطويلة ..و ذلك بفعل غيوم مثيرة للتشاؤم تحجب ما تم إنجازه بالماضي في ظروف صعبة …و اذ أقف اجلالا لكل من ضحى في سبيلك و انحني اعتذارا لكل من تم ظلمه بسلطتك لاستظل برايتك المرفوعة و بالوانك الوطنية المنشورة بمناسبة الذكرى الواحدة و الستين لعيد الاستقلال لابارك لك فيه … راجيا من المولى عز وجل لك الحفظ من كل شر و التقدم البناء لما فبه خير شعبك .. كل عام و انت بخير يا موريتان اعليك امبارك الاستقلال.. احبك ..عبد القادر ولد محمد