اليمن: دعوة خليجية مُـفاجِـئة لأطراف الصراع بمن فيهم الحوثيين للمفاوضات في الرياض.. لماذا الآن؟ / صلاح السقلدي
بعد أيام من تصنيف مجلس أمناء وزراء الداخلية العرب حركة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية بالحركة الإرهابية، وبعد أسابيع من وصف مجلس الأمن الدولي لذات الحركة بأوصاف ونعوت ارهابية مجلس التعاون الخليجي يعتزم دعوة الحركة الحوثية وأطراف يمنية أخرى لإجراء محادثات في الرياض تتناول الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية للحرب، ووافقت على الدعوة السلطة اليمنية المعترف بها وفقا لوكالة رويترز التي أذاعت الخبر أمس الاثنين عن مسؤولين خليجيين، مضيفة أن المسؤولين الحوثيون سيكونوا ضيوفا على نايف فلاح مبارك الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون في مقر المجلس بالرياض بضماناته الأمنية، للمشاركة في المحادثات المقرر أن تتم في الفترة من 29 آذار/ مارس، إلى السابع من نيسان/ أبريل.
هذه الدعوة الخليجية والدعوات التي تطلقها الأمم المتحدة للحوثيين تباعا لإجراء مفاوضات تؤكد قطعاً ان المساعي الخليجية بتصنيف الحوثيين بالإرهاب غير جادة ولا تهدف أكثر من ممارسة الضغوط عليهم لجرهم لطاولة الحوار،فضلاً عن معرفة الخليجيون والأوروبيون أن معاملة الحوثيين معاملة حقيقية كحركة إرهابية سيعقّـد الوضع، المُعقد أصلا،ولن يضيف شيئا من الضغوطات على حركة لا تأبه بهكذا تصنيف ولا يمتلك خصومها أوراق ضغط فاعلة عليها تجبرها على الإذعان من قبيل تجميد ارصدة مالية بالخارج أو منع من السفر أو سواها من أوراق ضغط.
-وبالعودة للدعوة الخليجية لليمنيين بمن فيهم الحوثيين لمحادثات بالرياض فمن المستبعد ان يقبل الحوثيون هكذا دعوة، خصوصا ان تقام بالمملكة العربية السعودية ودون تلبية مطالبهم التي لطالما طرحوها، ومن أبرزها وقف شامل للحرب وليس فقط وقفا لإطلاق النار، وكذا رفع الحظر عن المطارات والموانئ البحرية والمنافذ البرية،وان تكون المحادثات دون شروط أو حلول سياسية مُــــسبقة، وغير ذلك من النقاط الأخرى.
-كما أنهم يرفضون من ناحية المبدأ أية مبادرة تطلقها السعودية بإعتبار المملكة خصماً لا وسيطا بالحرب،حيث سبق وأن رفضوا مبادرة كانت أطلقتها قبل قرابة عام، حظيت بتأييد أمريكي وخليجي، ووافقت عليها السلطة اليمنية المدعومة من الرياض والمسماة بالشرعية.
– لا نعلم هل ثمة علاقة بين هذه الدعوة وبين المشاورات المكثفة التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن بالعاصمة الأردنية مسقط منذ أيام مع عدد من القوى اليمنية شمالية وجنوبية ام أنها تأتي لإجهاضها خشية أن تعمل الأمم المتحدة على تقليص الدور الخليجي وتحجيم هيمنته في رسم ملامح وتفاصيل مستقبل اليمن شمالا وجنوبا.
– منذ قرابة عامين على الأقل لم نعد نشك مطلقا برغبة المملكة العربية السعودية بوقف الحرب ولا بأن الحوثيين هم من يرفض وقف الحرب إلا بشروط- سبق الإشارة لبعضها-، فالمملكة باتت تعي ان الحسم العسكري وهزيمة الحوثيين وإخراجهم من المدن الرئيسية وتجريدهم مع أسلحتهم الثقيلة بات مستحيلا، علاوة على شعورها بثقل حِمـل كُـلفة الحرب التي تثقل كاهلها اقتصاديا وأخلاقيا،وتدرك أن الولايات المتحدة قد أدارت لها ظهرها تماما، وزادت الحرب بأوكرانيا والاهتمام الأمريكي بها رسخت لدى الرياض حقيقة أن واشنطن أصبحت بعيدة عن الرياض أكثر من اي وقت مضى،- لو مؤقتا-، كما أن العودة للاتفاق النووي الإيراني قد أصبح وشيكا، فكل هذه العوامل وغيرها من العوامل المخيبة للسعودية جعلتها تنشد فعلا وقف هذه الحرب ،وأن كان ثمة اشتراطات تضعها على الحوثيين بل وعلى شركائها اليمنيين. كما أن السعودية ومعها الإمارات في الوقت الذي تستعجل فيه طي صفحة الحرب باليمن، فهي(السعودية) تشعر بأنها قد حققت الكثير من الأهداف الغير معلنة لها على الأرض باليمن ورسخت حضورها العسكرية والسياسي والاجتماعي والفكري بهذا البلد المنهك إلى درجة يصعب معه اقتلاعها بالمدى المنظور والمتوسط، ولن تخرج بالتالي خالية الوفاض إن وقفت الحرب عند هذا المستوى.