canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
كتاب عربموضوعات رئيسية

وللحرية الحمراء باب… يحتاج يدًا حُرّةٍ تدُقّه؟/ دكتور محيي الدين عميمور

تلقيت في نهاية العام الماضي عتابا من بعض الرفقاء لأنني كتبت تقييما للوضعية البائسة والذليلة التي يعيشها الوطن العربي بعد صاعقة السابع من أكتوبر 2023 وقلت عنها إنها وضعية لا يشبهها في نظري، كطبيب قديم، إلا حالة البرود الجنسي.

ولا أعتذر عن هذا التعبير الذي كنت استعملته في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما بدأت أحس بالانهيار الذي أصبحنا، آنذاك، على مشارفه، بعد أن قال لنا بعض علمائنا، بتعليمات ممن تعرفون: “وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله”.

لكن ما أصبحنا نعيشه كان مهزلة مُبكية، وبعد “دعْ سمائي فسمائي مُحرقة” و”أنا النيل مقبرة الغزاة”، و”قسما بالنازلات الماحقات” فُرضت علينا “إدي إدي” (التي أتعفف عن ذكر معناها الحقيقي) ومثيلاتها من أمثال “السحّ الدحّ امبو”.

وقلت يومها حرفيا ما لا أعتذر عن اجتراره، لأنه كان من النتائج التي وصلنا إليها بعد الزيارة الخبيثة التي دمّرت سورا كنا نحتمي وراءه من أطماع الكيان: “كان يكفي في الخمسينيات أن يلقى القبض على مناضل لكي يلتهب الوطن العربي ويُلهب العالم معه، وأما في الثمانينيات (نعم …في الثمانينيات) فلم يعُد مئات الشهداء من الأطفال والنساء والعجزة في مستوى استثارة شارع واحد (فماذا عن اليوم والشهداء يتساقطون بالآلاف)”.

وهكذا أصبحنا نعيش وضعية لا مبالاة دفعتني لاستعمال ذلك التعبير الطبي لأنني لم أجد غيره، وقلت يومها عنه إنه أساسا يُمثل ” حالة نفسية لا عضوية، حيث نجد أن الأنثى في سن الخصوبة (بالتعبير الطبي) يستثيرها من تحبه، فتتفاعل معه، وقبل أن تصل إلى القمة يتخلى عنها الرفيق، ضعفا وخورا أو جهلا وأنانية.

وتكبت مشاعرها، حياء وعفة، لتنتظر محاولة أخرى، ولكن ما حدث يتكرر…مرتان …ثلاثة …أكثر …وفي لحظة معينة يتوقف تفاعلها، ولا تفيد أي إثارة أو استثارة، فقد ماتت المشاعر وتجمدت الأحاسيس، وتحولت الأنثى إلى رخام بارد كرخام القبور.

هل يكون السبب فيما أصاب شعوبنا خيبة أمل مماثلة؟

فالذي حدث هو تبخر الشعارات الرائعة التي رددناها وراء القيادات الوطنية في الخمسينيات والستينيات وبعض السبعينيات، والتي عجزت القيادات عن تحقيقها لأنها لم تستطع أن تحقق التوازن بين التزامات الأمن القومي ومتطلبات الحرية السياسية واحتياجات التنمية الوطنية، بدون أن ننسى مؤامرات قوى استعمارية استثمرت صراعات الساحة العربية التي لم نكن ندرك حجم ما تتعرض له من اختراقات، وكل هذا هو ما وصل بنا إلى ما وصلنا إليه، والذي جعل كل مواطن حرّ لا يجرؤ على النظر في وجه زوجه.

وأكاد أُجنّ وأنا أتساءل: كيف تلتهب شوارع المدن في أوربا سخطا على الكيان الصهيوني المجرم بينما يتبارى الشباب العربي في الرقص والغناء في حفلات تنظمها السلطات العليا في جلّ البلاد، ليغطى ذلك على صرخات أحرار فلسطين ولبنان، ويُنسينا أطفال غزة الذين يكتبون أسماءهم على أذرعتهم ليمكن التعرف عليهم بعد استشهادهم.

ويُحطّمُ طلبة جامعة بريطانية خزانة زجاجية كانت تضم تمثالا نصفيا لحاييم وايزمان، بينما لا يخرج في الوطن العربي من يُذكر بسليمان الحلبي السوري أو ببن صدوق الجزائري أو سليمان خاطر المصري.

كان من أبسط الأمور أن أردد صرخة “أبو القاسم الشابي” : ليتني كنتُ حطَّاباً فأهوي على الجذوعِ بفأسي، وكان من السهل اليسير أن ألعن كل شيئ، بدءا بنفسي وبما يحيط وبمن يحيط بي، بعد أن تأكد أن الدول العربية، في معظمها، لا تملك سيادتها ولا تتحكم في قرارها، وجلّ مواقفها الذليلة هي تلبية لإرادة خارجية لا تملك أمامها إلا الانحناء بل والسجود، ثم تكليف الإعلام المرتزق بترويج تبريرات لا تقنع حتى من يصوغون عبارتها.

والسؤال : لماذا أصابتنا الخنوثة السياسية مقارنة برجولة الشارع الأوربي.

والإجابة الصادقة هي التي تعطي التشخيص السليم، وهو الطريق الأمثل للعلاج.

وبدون لف ولا دوران تبرز الإجابة كالبرق يخطف الأبصار.

المجتمعات الأوربية تعيش حرية الإرادة التي يفتقدها الوطن العربي، وهو ما يتطلب التعمق في بحث الأسباب التي تجعل اعتبارنا “خير أمة أُخرجت للناس” نكتة بائخة لا تنطبق علينا بقدر ما تنطبق على مجتمع الحيوانات ( وحتى لا يُضيع البعض وقته ووقتكم في الاحتجاج أذكره بقوله تعالى:وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ. [الْأَنْعَام: 38])

واستعراض السنوات الماضية يكشف أمرا بالغ الغرابة، وهو فشل كل المؤسسات العربية في الوصول إلى حدّ أدنى من العمل الموحد والتنسيق المشترك،  باستثناء واحد لم ينتبه له كثيرون هو أن معظم وزراء الداخلية العرب يتعاملون مع الأحداث الداخلية والدولية ككتلة واحدة متناسقة الجهد موحدة التوجه، لا فرق في ذلك بين جمهورية أو ملكية أو جمهلكية أو إمارة، ويكفي للدلالة على هذا الموقف السلبي من الربيع العربي، والذي كان ربيعا حقيقيا أُجهِضت نتائجه بتواطؤ معظم المخابرات العربية مع مخابرات غير عربية، بعد أن تأكد الجميع أن نجاحه يعني أن الشعوب بدأت تأخذ مصيرها بيدها، وهذا أمر مرفوض من كل المصالح الاحتكارية في الشمال المتواطئة مع جُلّ القيادات العربية.

ولكن، لماذا وزارات الداخلية ومخابراتها؟

والردّ البسيط هو أن الحرص على حماية العروش وكراسي الحكم يفرض على هذه المؤسسات، المكلفة بأمن النظام، تنسيقا يصل إلى حدّ التحالف، حتى بين الدول المتخاصمة، وهو أمر يأخذ وضعا خاصا عندما يكون البعض متحالفا مع الكيان الصهيوني.

وأنا أعرف أن تناول قضايا الأمن إعلاميا يثير لغطا مفتعلا نتيجة لحساسية مصطنعة يقف وراءها مستفيدون من وضعية الغموض والتعتيم، في حين أن الضوء هو أكبر حماية لأي مؤسسة وطنية، بشرط أن يكون ضوءا ينير الطريق لا نورا كشافا يعمي البصر ويوجه إلى غير الاتجاه الوطني المطلوب.

جهاز الأمن بالنسبة لجسم الأمة يماثل دور الرئتين والكلى في الجسم البشري، ومهمته إنقاذ الإنسان من السموم البيولوجية التي تدمّر حياته، والدفاع عنه هو واجب كل وطني يدرك أهمية الأمن والاستقرار للوطن.

لكن هذا قد يتطلب أحيانا حماية بعض قيادات الجهاز من أنفسهم، خصوصا عندما تتضخم مسؤولياتهم في ظروف معينة إلى حدّ قد يخلق الإحساس لدى بعضهم بأنهم كيان متميز عن بقية خلق الله من العاملين في خدمة الوطن، وهو ما عبّر عنه يوما صلاح نصر، مدير مخابرات جمال عبد الناصر، عندما قال متباهيا لعشيقته: “أنا قادر على أن أدفع الرئيس إلى عدم البيات في داره، بمجرد أن أقول له أن هناك محاولة اغتيال تستهدفه”.

وكنت قلت في فبراير 2008 بأن “رجال الأمن هم مواطنون يسهرون على أمن المواطن (..) وكأي مواطنين فيهم الصالح والطالح، ومنهم الكفء ومنهم غير ذلك، أما مؤسسة الأمن فهي جهاز مهمته الدستورية حماية الأمن القومي، ببعده الوطني والجهوي والدوليّ.

وحدث في العديد من الأقطار العربية (ولا أعمم حتى أضمن السلامة) أن الجهاز انحرف تدريجيا من مرحلة جمع المعلومات الحيوية المتعلقة بمسيرة الدولة وتقديمها للقيادة، إلى مرحلة جديدة انتزع فيها الجهاز لنفسه حق إبداء الرأي المُلزم، والتعليق على المعلومات التي يقدمها للقيادة السياسية بما يخلط بين المعلومة المحايدة والرأي الموجَّه أو الموجِّه، وشيئا فشيئا أصبح هو صاحب القرار، وأضيف إلى هذا الاهتمام بالسيطرة على الشخصيات الفاعلة في الدولة عبر استعمال الوسائل التي تسهل ابتزازها والضغط عليها، وغالبا على حساب المهام الرئيسية للمخابرات.، وكل هذا كان من أسباب هزيمة 1967، لأن المخابرات لم تقم بدورها المنوط بها.

هنا تتأكد صحة مقارنة المفكر المصري الدكتور سعد الدين إبراهيم بين أجهزة المخابرات ومرض السرطان، حيث أن عناصر ذلك المرض المدمر هي خلايا كانت تقوم بدورها مع بقية خلايا الجسم، لكنها، في لحظة ما، أصيبت بنوع من الجنون وخرجت عن سلطة النظام الذي يُسيّر حياة الإنسان، وأقامت لنفسها نظاما خاصا ينثر خلاياه المدمرة في كل أنسجة الجسم، فتمتص طاقته وتروح تعيش لنفسها على حساب حياته، ولا تخضع، كبقية خلايا الجسم، لسلطة الغُدد وتعليمات الحوامض الأمينية، أي تصبح جسما داخل الجسم، على غرار تعبير: دولة داخل الدولة.

وكانت المشكلة أن الوطن العربي لم يعِ الدرس الذي عرفته بلدان تعيش مرحلة الرداءة السياسية، حيث لم يكتفِ جهاز مخابراتها، الموروث غالبا عن العهد الكولونيالي أو المُكون في مدرسته، بأن يكون المرجع المعلوماتي الأول في كل ما يتعلق بالقرار السياسي بل والإداري، بل طور أداءه من جمْع المعطيات التي توضع تحت تصرف صاحب القرار، إلى محاولة السيطرة المطلقة على القرار نفسه، وتزامن ذلك بزرع عناصره، المُسيّرة بمنطق الولاء المُطلق للمسؤول المباشر، داخل جلّ الأجهزة والأحزاب والجمعيات والمؤسسات الوطنية، بما في ذلك الجامعات والمراكز التعليمية والهيئات الإدارية والأجهزة الإعلامية، بل وفي مجال العمل الديبلوماسي والتشريعي والقضائي (وفي بلد عربي معين نجد أن رؤساء معظم مجالس البلديات هم جنرالات) وأصبح الجميع لا يتحرك إلاّ بالمهماز.

وليس سّرا أن هناك أجهزة عربية تنسق بشكل كامل مع الموساد إن لم أقل أنها تسير على هداه، وقبل عمليات التطبيع بسنوات وسنوات، مما يذكر فورا بحكاية الأواني المستطرقة.

وحرية الاستنتاج مكفولة لكل قارئ ما زال يتذكر دروس الفيزياء.

وقد تجاوز الشمال كل ذلك إلى أوضاع أكثر ذكاء، بفضل تحديد الخطوط الحمراء للدولة، وليس للنظام، وبفضل تنظيم التداول على قيادة المؤسسات التنفيذية، والفصل التكامليّ بين السلطات الأربعة (والإعلام هو السلطة الرابعة التي تمثل الرأي العام) وأخيرا التزام كل مؤسسة بدورها الذي يُحدده الدستور.

ببساطة، تطبيق الديموقراطية التي تضمن حرية الرأي، والتي تجعل الشعب قادرا على أن يقول ما يريده بكل حرية، ولو كان ذلك يتناقض مع ما تريده الحكومة.

وهذا، حتى الآن وبشكل عام، لا يتوفر في بلدان يمكن فيها أن تلعن ربّ العباد ولكنك لا تستطيع أن تنتقد شرطي المرور.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى