ثقافة وفنموضوعات رئيسية
سدنةُ الحرف… ومقامُ البيان العالي / كبرياء رجل

في مواقيت التسطّح، حين يتناسل الهشُّ كالفُقاعات، وتُعلَّقُ التُّرَّهاتُ على صلبِ الوعيّ كالأوسمة، تنبثق “سدنة الحرف” لا كصحيفةٍ تقترح محتوى، بل كمنبرٍ تُصفَّى فيه اللغة من شوائب الابتذال، وتُطهَّر فيه الفكرة من رجس الجهل، وتُستخرج فيه المعاني كما تُستخرج الجواهر من أعماق البحر.
هنا، لا تُسفُّ الحروفُ في سوق التوافه، ولا تُداسُ المعاني على أرصفة السرعة، بل تُقدَّم الكلمة كما تُقدَّم القربانُ في معابد الجمال: طاهرة، متأنّقة، واثقة الخطى، سامقة التكوين، لا تطلب إعجابًا، بل تستحقّ إجلالًا.
“سدنة الحرف” ليست عنوانًا وحسب، بل عهدٌ مقدّس مع اللغة، شراكةٌ أخلاقية مع القارئ، وميثاقٌ خفيّ بين أهل المعنى وسدنة الجمال.
في كل ركنٍ من أركانها، ترتقي الروح درجة، ويتسع الذهن أفقًا:
قسم النصوص ليس معرضًا للكتابة، بل مخدعُ الحرف المختار، تقف فيه الجملة كما تقف الملكة في بلاطها، بهيّةَ اللفظ، سامقةَ الصورة، مشحوذةَ الدلالة. وقد حظيتُ فيه ــ بفضل سعة صدركم ــ بنشر محاولاتي المتواضعة، التي أعلم يقينًا أنها لم تكن تليقُ بمقاماتِ ما تنشرون، لكنها رُفعت، لا لفرطِ جمالها، بل لفرطِ طهركم، وكرمِ جواركم، وعينكم التي لا تبحث عن الكمال، بل تحتضن البدايات.
قسم الثقافة والفنون، حديقة منسّقة بأيدٍ خِبْرَة، يُروى فيها الوجدان لا بالماء بل بالحبر، تُزهِر فيها العقول، وتُورق الأسئلة، وتُسقى الذائقة من عيون الذكرى، ومن زلال المعاصرة.
مقالات الرأي والخواطر، هنا السجال الراقي، لا العراك الهابط. هنا يُقارع الفكر بالفكر، لا بالتنابز. يُعرَض الرأي كمرآةٍ صقيلة، لا كمنبرٍ متعالٍ، وتُحرّر الخواطر كأنها همسُ الفلاسفة في لحظات الصفاء.
المكتبة، هي المحراب الثاني، حيث يُقدَّم الكتاب لا كغلاف وعنوان، بل كجغرافيا فكر، وسِفْرِِ من أسفار الروح. هناك، تكتبون التاريخ بعين القارئ لا بمزاج السوق، وتحتفون بالمؤلَّف كما يحتفي القُدّيس بمخطوطه المُلهِم.
الثقافة من العالم، ذاك الباب النبيل، حيث تتقاطع الحضارات، وتتجاور الحِكَم، وتُقام الندوات بين الأندلس وبغداد، بين نواكشوط وباريس، وتدور الكلمة دورتها الخالدة دون أن تُكسر على عتبات القُطْرية الضيّقة.
قسم الفيديو، عيونٌ تتكلّم، وعقول تُضيء، وصوتٌ لا ينفلت من جوقة العبث، بل يُوزَن بميزان الرصانة، ويُفرَز بوعي المحتوى، ويُقدَّم كما تُقدَّم الأيقونة في المحفل الرفيع.
وفي علياءِ هذه الكوكبة، ينهضُ المختار السالم… لا كاسمٍ يُقال، بل كرمزٍ يُستحضر. شاعرٌ لا تُقاس قوافيه بالوزن العروضي فحسب، بل بوزن الموقف، وبميزان الشجاعة. إعلاميٌّ لا يكتفي بالرصد، بل يحفرُ في المعنى حفّارًا للضوء، وناقدٌ لا يُشهر سيفه عبثًا، بل يُنقّب في الفكرة كما يُنقّب الناسك عن اليقين.
المختار السالم … رُكنٌ من أركان السيادة اللغوية، وعينٌ تقرأ المستقبل من سطور الماضي، وصوتٌ يحمل على كتفيه تراث أمةٍ لا تزال تُناضل من أجل أن تُقرأ كما ينبغي لها أن تُقرأ.
فله منّي، ومن كل حُروف امتناني، سجدةُ شكر، وانحناءةُ تبجيل، فهو لم يكتب الشعر بل صار هو نفسه شعرًا، ولم يقرأ الواقع بل أعاد كتابته، كما تُكتب الملاحم الخالدة.
وأنتم يا سدنة الحرف، يا من جعلتم من الصحافة فعل حبٍّ للحقيقة، ومن الكلمة ميثاقًا مع العقل، ومن الحبر طقسًا من طقوس النبل… لكم من الأعماق شكر لا يُحد، وامتنان لا يُكتَب، وإجلالٌ لا يفتر.
أمضي، وفي القلب غبطة، أنني كتبت ذات يوم بينكم، ووضعت نصوصي ـ وإن كانت دون المقام ـ على أعتاب مملكتكم، ففتحتم الأبواب لا لتُخضعوا النص، بل لتحتضنوا المحاولة.
لكم المجد ما امتدّ الأفق، وما بقي للبيان ظلٌّ يحبو على صفحات النبل.
كامل التبجيل.
المصدر: الفيسبوك – صفحة كبرياء رجل.
هنا، لا تُسفُّ الحروفُ في سوق التوافه، ولا تُداسُ المعاني على أرصفة السرعة، بل تُقدَّم الكلمة كما تُقدَّم القربانُ في معابد الجمال: طاهرة، متأنّقة، واثقة الخطى، سامقة التكوين، لا تطلب إعجابًا، بل تستحقّ إجلالًا.
“سدنة الحرف” ليست عنوانًا وحسب، بل عهدٌ مقدّس مع اللغة، شراكةٌ أخلاقية مع القارئ، وميثاقٌ خفيّ بين أهل المعنى وسدنة الجمال.
في كل ركنٍ من أركانها، ترتقي الروح درجة، ويتسع الذهن أفقًا:
قسم النصوص ليس معرضًا للكتابة، بل مخدعُ الحرف المختار، تقف فيه الجملة كما تقف الملكة في بلاطها، بهيّةَ اللفظ، سامقةَ الصورة، مشحوذةَ الدلالة. وقد حظيتُ فيه ــ بفضل سعة صدركم ــ بنشر محاولاتي المتواضعة، التي أعلم يقينًا أنها لم تكن تليقُ بمقاماتِ ما تنشرون، لكنها رُفعت، لا لفرطِ جمالها، بل لفرطِ طهركم، وكرمِ جواركم، وعينكم التي لا تبحث عن الكمال، بل تحتضن البدايات.
قسم الثقافة والفنون، حديقة منسّقة بأيدٍ خِبْرَة، يُروى فيها الوجدان لا بالماء بل بالحبر، تُزهِر فيها العقول، وتُورق الأسئلة، وتُسقى الذائقة من عيون الذكرى، ومن زلال المعاصرة.
مقالات الرأي والخواطر، هنا السجال الراقي، لا العراك الهابط. هنا يُقارع الفكر بالفكر، لا بالتنابز. يُعرَض الرأي كمرآةٍ صقيلة، لا كمنبرٍ متعالٍ، وتُحرّر الخواطر كأنها همسُ الفلاسفة في لحظات الصفاء.
المكتبة، هي المحراب الثاني، حيث يُقدَّم الكتاب لا كغلاف وعنوان، بل كجغرافيا فكر، وسِفْرِِ من أسفار الروح. هناك، تكتبون التاريخ بعين القارئ لا بمزاج السوق، وتحتفون بالمؤلَّف كما يحتفي القُدّيس بمخطوطه المُلهِم.
الثقافة من العالم، ذاك الباب النبيل، حيث تتقاطع الحضارات، وتتجاور الحِكَم، وتُقام الندوات بين الأندلس وبغداد، بين نواكشوط وباريس، وتدور الكلمة دورتها الخالدة دون أن تُكسر على عتبات القُطْرية الضيّقة.
قسم الفيديو، عيونٌ تتكلّم، وعقول تُضيء، وصوتٌ لا ينفلت من جوقة العبث، بل يُوزَن بميزان الرصانة، ويُفرَز بوعي المحتوى، ويُقدَّم كما تُقدَّم الأيقونة في المحفل الرفيع.
وفي علياءِ هذه الكوكبة، ينهضُ المختار السالم… لا كاسمٍ يُقال، بل كرمزٍ يُستحضر. شاعرٌ لا تُقاس قوافيه بالوزن العروضي فحسب، بل بوزن الموقف، وبميزان الشجاعة. إعلاميٌّ لا يكتفي بالرصد، بل يحفرُ في المعنى حفّارًا للضوء، وناقدٌ لا يُشهر سيفه عبثًا، بل يُنقّب في الفكرة كما يُنقّب الناسك عن اليقين.
المختار السالم … رُكنٌ من أركان السيادة اللغوية، وعينٌ تقرأ المستقبل من سطور الماضي، وصوتٌ يحمل على كتفيه تراث أمةٍ لا تزال تُناضل من أجل أن تُقرأ كما ينبغي لها أن تُقرأ.
فله منّي، ومن كل حُروف امتناني، سجدةُ شكر، وانحناءةُ تبجيل، فهو لم يكتب الشعر بل صار هو نفسه شعرًا، ولم يقرأ الواقع بل أعاد كتابته، كما تُكتب الملاحم الخالدة.
وأنتم يا سدنة الحرف، يا من جعلتم من الصحافة فعل حبٍّ للحقيقة، ومن الكلمة ميثاقًا مع العقل، ومن الحبر طقسًا من طقوس النبل… لكم من الأعماق شكر لا يُحد، وامتنان لا يُكتَب، وإجلالٌ لا يفتر.
أمضي، وفي القلب غبطة، أنني كتبت ذات يوم بينكم، ووضعت نصوصي ـ وإن كانت دون المقام ـ على أعتاب مملكتكم، ففتحتم الأبواب لا لتُخضعوا النص، بل لتحتضنوا المحاولة.
لكم المجد ما امتدّ الأفق، وما بقي للبيان ظلٌّ يحبو على صفحات النبل.
كامل التبجيل.
المصدر: الفيسبوك – صفحة كبرياء رجل.