ثقافة وفنموضوعات رئيسية
موريتانيا بين العروي والجابري نحو طريق ثالث للنهضة / قاسم صالح

من المغرب خرج مفكران هزا العقل العربي المعاصر عبد الله العروي، بدعوته إلى القطيعة مع التراث والالتحاق بالحداثة الغربية، ومحمد عابد الجابري، بمشروعه الكبير في نقد العقل العربي وإعادة قراءة التراث من الداخل.
وبينهما ظل سؤال النهضة معلقا هل ننجو بالقطيعة، أم بالعودة النقدية إلى التراث، أم أن خلاصنا في طريق ثالث يتجاوز الثنائية؟.
هذا السؤال، إذا أُسقط على الحالة الموريتانية، يبدو أكثر إلحاحا، بحكم أن موريتانيا تعيش بين ثقل تراث فقهي وصوفي مهيمن، وبين حاجة ملحة إلى التحديث والتنمية، في ظل دولة حديثة ما تزال تصارع قيود القبيلة والتبعية الاقتصادية.
رأى العروي أن التراث بات عائقا أمام دخول العرب إلى عصر الحداثة. القطيعة بالنسبة له ليست إلغاء للهوية، بل شرطا لتجاوز التكرار وإنتاج دولة حديثة مبنية على العقلانية والمؤسسات.
في الحالة الموريتانية، يتجسد هذا الطرح في الدعوة إلى:
إصلاح التعليم بتقليص الطابع التقليدي المحض للمحاظر.
بناء دولة مدنية تتجاوز القبيلة والطائفة.
القطيعة مع ثقافة الذاكرة التي تستنزف طاقات الشباب في الحفظ بدل النقد والإبداع.
الجابري، بخلاف العروي، انطلق من الداخل، مؤمنا أن النهضة تبدأ بإعادة قراءة تراثنا. فقد رأى أن العقل العربي يتوزع بين برهاني (ابن رشد)، وبياني (الفقهاء)، وعرفاني (المتصوفة)، وأن مشروع النهضة يقوم على تفعيل البعد البرهاني.
في موريتانيا، يمكن أن يكون هذا المسار أكثر قربا للواقع
إعادة تأويل المحاظر باعتبارها مخزونا معرفيا يمكن أن يتحول من حفظ المتون إلى إنتاج فكر نقدي.
توظيف التراث الصوفي في تعزيز قيم التحرر والعدالة، بدل تكريس الاستسلام والقدرية.
استلهام تجربة ابن خلدون في فهم البنية القبلية، لإعادة تنظيم المجتمع على أسس مدنية.
الطريق الثالث: رؤية ناصرية لمستقبل موريتانيا
لكن موريتانيا، كما الأمة العربية عموما، لا يمكن أن تختزل في خيار العروي أو الجابري فقط. إنها بحاجة إلى طريق ثالث، يتجسد في فكر قومي تقدمي يستلهم المشروع الناصري.
من العروي نستفيد دعوته إلى بناء الدولة الحديثة، مؤسسة لا قبيلة، مواطنة لا تبعية.
ومن الجابري نستلهم إعادة قراءة التراث بمنهج نقدي، لاستنهاض قيم العقلانية والعدل في تجربة ابن رشد وابن خلدون.
ومن الناصرية نستحضر التجربة التحررية التي تربط النهضة بالاستقلال الوطني، والعدالة الاجتماعية، وتحرير الموارد من التبعية الخارجية.
إن خلاص موريتانيا لن يكون في استنساخ الحداثة الغربية كما أراد العروي، ولا في الارتماء الكامل في التراث كما يخشى بعض نقاد الجابري، بل في صياغة مشروع تركيبي أصيل مشروع وطني تحرري نقدي، يستوعب التراث ليعيد إنتاجه بروح معاصرة، ويستفيد من الحداثة دون أن يفقد جذوره، ويرتبط في النهاية بمشروع قومي عربي أوسع، حيث تكون العدالة الاجتماعية والوحدة والكرامة هي مرتكزات النهضة.
قاسم صالح.
وبينهما ظل سؤال النهضة معلقا هل ننجو بالقطيعة، أم بالعودة النقدية إلى التراث، أم أن خلاصنا في طريق ثالث يتجاوز الثنائية؟.
هذا السؤال، إذا أُسقط على الحالة الموريتانية، يبدو أكثر إلحاحا، بحكم أن موريتانيا تعيش بين ثقل تراث فقهي وصوفي مهيمن، وبين حاجة ملحة إلى التحديث والتنمية، في ظل دولة حديثة ما تزال تصارع قيود القبيلة والتبعية الاقتصادية.
رأى العروي أن التراث بات عائقا أمام دخول العرب إلى عصر الحداثة. القطيعة بالنسبة له ليست إلغاء للهوية، بل شرطا لتجاوز التكرار وإنتاج دولة حديثة مبنية على العقلانية والمؤسسات.
في الحالة الموريتانية، يتجسد هذا الطرح في الدعوة إلى:
إصلاح التعليم بتقليص الطابع التقليدي المحض للمحاظر.
بناء دولة مدنية تتجاوز القبيلة والطائفة.
القطيعة مع ثقافة الذاكرة التي تستنزف طاقات الشباب في الحفظ بدل النقد والإبداع.
الجابري، بخلاف العروي، انطلق من الداخل، مؤمنا أن النهضة تبدأ بإعادة قراءة تراثنا. فقد رأى أن العقل العربي يتوزع بين برهاني (ابن رشد)، وبياني (الفقهاء)، وعرفاني (المتصوفة)، وأن مشروع النهضة يقوم على تفعيل البعد البرهاني.
في موريتانيا، يمكن أن يكون هذا المسار أكثر قربا للواقع
إعادة تأويل المحاظر باعتبارها مخزونا معرفيا يمكن أن يتحول من حفظ المتون إلى إنتاج فكر نقدي.
توظيف التراث الصوفي في تعزيز قيم التحرر والعدالة، بدل تكريس الاستسلام والقدرية.
استلهام تجربة ابن خلدون في فهم البنية القبلية، لإعادة تنظيم المجتمع على أسس مدنية.
الطريق الثالث: رؤية ناصرية لمستقبل موريتانيا
لكن موريتانيا، كما الأمة العربية عموما، لا يمكن أن تختزل في خيار العروي أو الجابري فقط. إنها بحاجة إلى طريق ثالث، يتجسد في فكر قومي تقدمي يستلهم المشروع الناصري.
من العروي نستفيد دعوته إلى بناء الدولة الحديثة، مؤسسة لا قبيلة، مواطنة لا تبعية.
ومن الجابري نستلهم إعادة قراءة التراث بمنهج نقدي، لاستنهاض قيم العقلانية والعدل في تجربة ابن رشد وابن خلدون.
ومن الناصرية نستحضر التجربة التحررية التي تربط النهضة بالاستقلال الوطني، والعدالة الاجتماعية، وتحرير الموارد من التبعية الخارجية.
إن خلاص موريتانيا لن يكون في استنساخ الحداثة الغربية كما أراد العروي، ولا في الارتماء الكامل في التراث كما يخشى بعض نقاد الجابري، بل في صياغة مشروع تركيبي أصيل مشروع وطني تحرري نقدي، يستوعب التراث ليعيد إنتاجه بروح معاصرة، ويستفيد من الحداثة دون أن يفقد جذوره، ويرتبط في النهاية بمشروع قومي عربي أوسع، حيث تكون العدالة الاجتماعية والوحدة والكرامة هي مرتكزات النهضة.
قاسم صالح.



