زعيم البوليساريو: المغرب يقول إننا منهكون ومتناحرون فلماذا لا يقبل الاستفتاء؟
الرابوني (جنوب الجزائر)- الشيخ بكاي- (أرشيف)-وصف محمد عبد العزيز رئيس الجمهورية العربية الصحراوية – التي أعلنتها البوليساريو- الوضع في المخيمات الصحراوية جنوب الجزائر بالصعب، لكنه أكد أن الموجودين هنا موجودون بإرادتهم ولهم القدرة على تحرير الصحراء الغربية من ما وصفه بالاحتلال المغربي، وأعرب عن أمله في أن تتمكن الامم المتحدة وطرفا النزاع من تنظيم استفتاء تقرير المصير متهما المغرب بوضع العراقيل أمامه..
وقال عبد العزيز في مقابلة مع ” الوسط” في مكتبه بالرابوني جنوب تيندوف الجزائرية إن الانشقاقات التي حدثت في الجبهة عادية وليست ظاهرة غريبة فلكل الثورات خونة ومنبطحون، وشبه ما وصفه بالنتظار المغرب تفكك الجبهة بقصة ذئب جائع “رأى جملا يحرك فمه فأعتقد ان شاربه سيسقط وظل يجري خلف الجمل فى انتظار سقوط الشارب حتى مات”.
نص المقابلة:
في أي تاريخ تتوقعون اجراء الاستفتاء الذي تعمل الأمم المتحدة علي تنظيمه لتقرير مصير الصحراء؟
هناك جانبان للموضوع:سياسي وفني، الجانب السياسي يتضمن الشروط التى يضعها الطرفان لإجراء الإستفتاء، والمطروح في هذا المجال أساسا هو مشكل من يحق لهم التصويت. اما الموضوع الفني فهو يأتي بعد اتفاق الطرفين على الشروط، ولا أظن الجانب الفني معقد الا انه من وجهة نظري يتطلب اربعة اشهر(…..).
والمشكل الحقيقي الذي ما زال يعرقل السلام هو الجانب السياسي ، فعدم الاتفاق على الشروط السياسية هو المشكل، ونحن مازلنا لم نتفق على تحديد هوية الناخبين، وهذا يجعلني لا استطيع توقع تاريخ معين، ولذا استبعد ان يجري الاستفتاء خلال الشهور الاربعة المتبقية من العام الجارى، ولكن ممكن في بداية العام القادم.
يشعر المرء هنا بقدر كبير من اليأس من تقدم مسلسل السلام،هل هذا هو شعوركم؟
مخطط السلام نال اجماع الطرفين والعالم .. الاموال رصدت للاستفتاء وهذا مكسب ، صحيح ان درجة التفاؤل صيف 1991 كانت عالية جدا وكنا نتوقع الاستفتاء فى بداية 1992 (…..) لكن العراقيل التى وضعها المغرب بهدف تزوير الاستفتاء واجرائه بصورة تضمن نتائجه لصالحه ولو بمصوتين مغاربة واغراق الصحراويين فى بحر من المغاربة .
وعلى اية حال حدث فى مارس الماضى ما يدعو الى التفاؤل ممثلا فى قرار مجلس الامن، والذى جاءت بعده زيارة الامين العام للمنظمة وتشكيل لجنة تحديد الهوية التابعة لًـ”المينوروسو” والتى وصلت الى المنطقة وفتحت مكتبا فى العيون المحتلة ومكتبا هنا فى مخيمات اللاجئين للبدء فى تسجيل الناخبين ولو انه ما زالت تعرقلها بعض المواقف المغربية.
وحصل لقاء بيننا والمغرب تحت اشراف الامم المتحدة فى يوليو الماضى ويعتبر ان له اهمية قصوى ليس لحصول اتفاق بين الطرفين لكن باعتباره اول لقاء بحضور الامم المتحدة .
هناك من يقولون ان مرور سنة اخرى دون حدوث تطورات جديدة كالاستفتاء مثلا ، امر من شانه اضعاف موقفكم كثيرا وجعلكم اقلية بالمقارنة مع الداعين الى الانضمام – هل هذا صحيح؟
لعلك تشير الى احتمال عمليات فرار شبيهة بتلك التى حدثت فى وقت سابق… فرت مجموعة اشخاص من بينها القيادي والعادي ، وهذه العمليات الخيانية لا تعنى الا من قاموا بها وهم لا يملكون الا انفسهم ولا يعبرون عن تيار داخل الشعب الصحراوي (….) وليعلم الجميع انه بعد 20 سنة من الكفاح لم يعد الشعب الصحراوي كما كان عام 1975 فقد حصلت قفزة حقيقية على المستوى الثقافي والسياسي والاداري .
لقد تعلم الصحراويون واكتسبوا الكثير من الخبرات واقاموا دولة لها اجهزتها القوية فى ميادين القتال والادارة.. والشعب الصحراوي هنا وفى الاراضى المحتلة وجنوب المغرب وموريتانيا مجمع على ضرورة استقلال الصحراء وهو موحد خلف الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب..والمغرب يروج ان الجبهة منهكة ومنتهية ونحن نقول له مبروك عليك.. الجبهة متناحرة .. طيب..وهي فى غاية الوهن طيب..اللاجئون فى ظروف مادية صعبة ويريدون الهرب.. طيب… هذه امور يفترض انها تشجع المغرب على تسهيل شروط تنظيم استفتاء تشرف عليه الامم المتحدة وبحضور جزء من الادارة المغربية والجيش المغربي..فلماذا ياترى لا يترك المغرب الصحراويين يختارونه…؟
ان الحقيقة هي ان الشعب الصحراوي يريد الاستقلال…ومن الدلائل انه فى اكتوبر الماضى حينما كان المغرب ينظم استفتاء حول تعديل الدستور والذى ادرجت فيه الصحراء الغربية قامت انتفاضة قادت الى حمام دم فى جنوب المغرب الذى يقطنه الكثير من الصحراويين وفى “السمارة” و”العيون” فى الصحراء.
يعتقد البعض ان الظروف الصعبة فى المخيمات وعمليات الضغط التى تمارسونها على الناس عوامل من شأنها الاسراع بانفجار داخل هذه المخيمات يقود الى هرب الكثيرين الى المغرب . ماهو تعليقكم؟
الموجودون هنا لاجئون سياسيون وليسوا لاجئى خبز ولا ماء. لقد رفضوا الاحتلال وجاؤا الى هنا فى ظروف قاسية منهم من جاء مشيا على الاقدام، وتركوا اموالهم وهربوا بمجرد دخول القوات المغربية ومنذ وصولهم هنا والعودة حاضرة فى الاذهان وهي عودة مشروطة بخروج المغرب.
صحيح ان اللاجئين لا يعيشون فى بحبوحة بل ان ظروفهم قاسية،الا انهم قهروا هذه الطبيعة القاسية واعتمدوا على انفسهم فى الكثير ، ووضعيتهم عابرة ، اما انهم يعيشون تحت الضغط فهذا غير صحيح، وليست على الارض عدالة احسن مما هي عندنا… الحرية فعلا مسلوبة مادام الوطن محتل.
وهناك فكرة اود اثارتها هي وضعية المرأة – صحيح نحن عرب ومسلمون وفى المجتمعات العربية قد تكون المرأة حرة فى بيتها لكنها لا تساهم فى امور الحياة- والمرأة عندنا مصلحة،ممرضة،عاملة فى مصنع النسيج هي تصنع بيتا(ربما كان يعنى تبنى)، وقد يكون غريبا فى موريتانيا مثلا ان المرأة تبنى او تزرع الارض او تلبس الملابس العسكرية وتتدرب على السلاح ويحتك جسمها الرقيق بالملابس العسكرية الخشنة ، لكن هذه ليست مسألة قمع او سلطة ، المرأة تعتز بهذا..تفضل العيش هكذا بدلا من ان تبقى بضاعة ذليلة مع زوج مطرود من بلده.
ما هو تقييمكم للعلاقات بينكم والحكومة الموريتانية؟
وماذا بقي من حرب السنوات الثلاث؟
موقف الحكومة الموريتانية عام 1975 كان بسبب الوقوع فى خطإ تقدير… لقد قالت المغرب لموريتانيا سأضم الصحراء بكم او بدونكم، واذا كنتم تريدون نصيبا تفضلوا..واعتبرت الحكومة الموريتانية الموضوع امرا واقعا، واعتقدت انه ليس للصحراويين مقومات ولا ارادة للمقاومة.ولا اريد ان اقول ان ولد داداه (الرئيس السابق المختار ولد داداه) صنيعة قوى اجنبية، لا.. الحكومة حكومة موريتانية واطرها موريتانيون وقد فضلوا مصلحة بلادهم على أي مصلحة اخرى والنتيجة معروفة.
وقد وقع فى نفس الخطإ صحراويون كانوا يدعمون الجبهة أيام العمل السري حيث ذهب البعض منهم الى موريتانيا والبعض الآخر الى المغرب معتقدين ان الرفض عملية انتحارية لكن بعد فترة ارسلوا الينا معتذرين وقائلين الحق معكم. موريتانيا أصلحت هذا الخطأ وانسحبت من ارضنا. وعلاقاتنا معها الآن جيدة وسنعمل جاهدين على تطويرها لفائدة الطرفين.
وهناك علاقات جوار حسنة واحترام متبادل، ولدى الحكومة الموريتانية رغبة صادقة فى تقرير مصير الصحراء لانهاء هذه المأساة.
هل تسمحون بالعودة الى موضوع المخيمات لأسألكم ما إذا كنتم تعتقدون فعلا أن الصحراويين الموجودين هنا ، موجودون بإرادتهم؟
اقول كلمة واحدة انه على المغرب ألا يوهم نفسه بما هو غير واقع. وأروي لك هنا قصة ذئب جائع رأى جملا يحرك فمه فأعتقد ان شاربه سيسقط وظل يجري خلف الجمل فى انتظار سقوط الشارب حتى مات.
المغاربة دسوا الجواسيس بيننا للتخريب فأخذناهم وعاملناهم برفق وانسانية. والاستفتاء فى كل الاحوال هو الفيصل. وهذه التحليلات لا توصل اصحابها الا الى الخطإ.
مجلة” الوسط” الصادرة عن دار ” الحياة” في لندن ..ز شهر أغسطس 1995