أواكب جيدا ما يجري في شمال فلسطين وجنوب لبنان، وأحاول دائما الوصول إلى المردود العسكري والأمني لمختلف النشاطات التي يقوم بها الصهاينة، والتي تجري لدى المقاومة اللبنانية. مؤخرا أعلن الصهاينة عن حملة كشف الأنفاق شمال فلسطين، أي أنفاق حزب الله التي تمتد عبر الحدود الافتراضية الاستعمارية بين فلسطين ولبنان. أعلن الصهاينة حتى الآن عن اكتشاف ثلاثة أنفاق، وأكدت الأمم المتحدة اكتشاف نفقين يصفهما الكيان الصهيوني بالهجوميين. ما هو معنى هجوميين؟ هل أن النفق معبر للجنود بأسلحة فردية، أم أنه معبر أيضا لمركبات ومعدات قتالية ثقيلة؟ ما هو عرض النفق، وماهي التجهيزات الداخلية المتوفرة فيه؟ هل هناك أماكن يحتمي بها الجنود من قنابل العدو ورشقات الرصاص والغازات؟ وهل هناك أماكن تخزين ذخيرة وأطعمة يمكن أن تفي بالغرض لأيام؟ هل بالإمكان إدخال صواريخ ومنصاتها ومن ثم نصبها على الأرض الفلسطينية. علما أنه لا حاجة لإدخال صواريخ بسبب توفر صواريخ لدى حزب الله تطال كل نقطة في فلسطين المحتلة؟ وهل الأنفاق ذات مسربين أم مسرب واحد؟ حتى الآن لم نحصل على تفاصيل ولا على صور، ولم نعرف فيما إذا دخل الصهاينة إلى الأنفاق نحو الأرض اللبنانية أم لا.
إذا وجدت هذه الأنفاق فعلا فإن اكتشافها يشكل خسارة استراتيجية كبيرة في مواجهة حزب الله للعدو الصهيوني. عندما نفكر بتهديد السيد حسن بأن قوات المقاومة ستدخل الجليل فإن أول ما يخطر بالذهن العمل تحت الأرض. حزب الله لا يستطيع نشر قوات فوق الأرض بسهولة وبدون خسائر كبيرة بسبب عدم توفر سلاح جو، ولا نعرف فيما إذا وصله صواريخ مضادة للطائرات. ومن تهديد السيد حسن عام 2009، نستنتج أن الحزب بات يملك مفاجأة كبرى وعلى الأغلب هي صواريخ أرض جو. سلاح الجو الصهيوني قوي وهناك من يقدم له الدعم من الغرب والعرب، وبالتالي لا بد من المحافظة على الجنود. المحافظة تمت من خلال إبطال مفعول الأسلحة الفتاكة من خلال تكتيك عسكري ناجح وثبتت نجاعته في جنوب لبنان وفي قطاع غزة.
المهم نحن بانتظار تفسير وتعليق حزب الله على ما يجري في الجنوب اللبناني والشمال الفلسطيني. لكن لا بد من الإشارة إلى أنني سبق وكتبت أنه من الأخطاء الاستراتيجية أن تنتظر هجوم العدو. عليك أن تهاجم مجرد ما تولدت لديك قناعة أنك ستنتصر. أما الظن بأن العدو سيبقى صامتا على ما تطوره من أساليب ووسائل وقدرات فهذا خطأ جسيم. العدو طور تقنيات جديدة من ضمنها معدات تساعده على اكتشاف الفراغات تحت الأرض، وطور ربوطات تدخل إلى الأنفاق وترسل الصور والمعلومات مباشرة إلى مركز القيادة والتحكم. لكن طبعا أدرك تماما أن الداخل اللبناني يشكل عبئا على حزب الله يجعله يتردد في بدء الهجوم. ولهذا طال انتظاره، وزاد التطور التقني للعدو.
تعليق واحد