لم تنتهِ بعد فترة الولاية الثانية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بل إن السنة الأولى منها لم تمر ويتبقى له أكثر من ثلاث سنوات حتى يحل موعد انتخابات رئاسية جديدة، هذه حقيقة لا مجال للجدل حولها، أما موقفه من الترشح، حال تعديل الدستور، لفترة ولاية ثالثة فلم يتبين بعد، سواء لأنه هو نفسه لم يعلن موقفه من هذه المسألة، أو لأن الوقت مازال طويلاً، ولا أحد يعرف الظروف المحلية والإقليمية والدولية والتطورات التي قد تطرأ على مختلف الأصعدة عندما يحل موعد الاستحقاق الرئاسي المقبل، والمؤكد أن التعديلات الدستورية التي شرع البرلمان المصري في بحثها قبل طرحها للاستفتاء العام فتحت المجال واسعاً لنقاش عام داخل مصر بين المؤيدين والمعارضين لها، لكن المهم أن المنصات الإعلامية القطرية واللجان الإلكترونية «الإخوانية»، والقنوات التي تُبث من تركيا، وجدت فيها مجالاً لتصعيد الحملة ضد السيسي!! صحيح أن تلك الجهات لم تتوقف يوماً عن استهداف الرجل ولم تبخل بجهد من أجل إسقاطه والإساءة له وإشعال النار من حوله، لكن اللافت أنها نسيت أنها ظلت على مدى نحو ست سنوات، ومنذ ثورة الشعب المصري ضد حكم «الإخوان» وإطاحة محمد مرسي من المقعد الرئاسي ونزع سلطة مرشد «الإخوان» محمد بديع في التحكم في مفاصل الدولة المصرية، تؤكد للناس في مصر ودوائر الحكم في الغرب والدول المتحالفة مع «الإخوان» كتركيا وقطر، أن نظام حكم السيسي لن يستمر، وأن ثورة الشعب المصري ضده قادمة لا محالة، حتى أن عبارات بعينها صارت لا تختفي أبداً عن مفردات «الإخوان»، سواء في هتافاتهم أو ملصقاتهم أو برامجهم التلفزيونية، وعلى رأسها عبارة «الانقلاب يترنح» إلى درجة أن زعماء «الإخوان» ورموزاً من الجماعة استمرت فترة طويلة تبشر أعضاءها بأن «مرسي سيعود إلى القصر الرئاسي يوم الأحد» من دون أن تحدد عن أي أحد يتحدثون. التردي الذي وصلت إليه الجماعة والفشل المتكرر لدعوتها للثورة على حكم السيسي والإحباطات التي طالت عناصر الجماعة وزعماءها لرفض الشعب المصري الاستجابة لكل دعوة أطلقت من أجل التظاهر أو الاعتصام، أو تخريب مؤسسات الدولة أوصلت «الإخوان» إلى مرحلة صار فيها أقصى حلم لهم ألا يترشح السيسي لفترة ولاية ثالثة، بعد أكثر من ثلاث سنوات، أما الانقلاب الذي يترنح أو مرسي الذي سيجلس مجدداً على المقعد الرئاسي أو غيرها من العبارات التي تاجر بها «الإخوان» أو استخدموها لخداع أعضاء الجماعة أو مؤيديها فذهبت أدراج الرياح، وكأن الناس نسيت أفعال «الإخوان» وتصرفات رموز الجماعة وكلامهم.
عموماً، فإن الدستور المصري الذي أُقر العام 2014 ورفضه «الإخوان» وهاجمته قطر وانتقدته تركيا وشن «الثورجية» حملات عنيفة ضده لم يكن مرضياً أيضاً لكثيرين من المصريين، الذين اعتبروا أن مواده تأثرت بالأجواء التي عاشتها مصر منذ أن ضربها الربيع العربي العام 2011، وأن بعض مواده صيغت لإرضاء جهات خارجية أو نتيجة لضغوط داخلية، وبغض النظر عن مسألة تعديل سنوات الحكم للرئيس إلى فترتين، كل منها ست سنوات بدلاً من أربع سنوات، والسماح للرئيس الحالي بالترشح لفترتين جديدتين على ذلك التعديل، فالمؤكد أن «الإخوان» وكل الجهات المتحالفة مع الجماعة صار لديها ثأر مع مصر، وسواء ترشح السيسي لولاية ثالثة أو لا، سيبقى هو الرجل الذي حول حلم «الإخوان» في التمكين إلى كابوس كبير، وبعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية وحتى موعد الاستحقاق الرئاسي المقبل لن تتوقف الحملات ضد ترشحه، وسينفق الإخوان والجهات الداعمة للجماعة أموالاً ضخمة أخرى لذلك الغرض، وكذلك أيضاً لكي ينسى الناس الوعد بعودة مرسى إلى القصر الرئاسي يوم الأحد ولتمحى من ذاكرتهم عبارة «الانقلاب يترنح».