ترامب.. نتنياهو.. خامنئي.. ربحوا… وخسر العرب كل شيء
10 يناير 2020، 14:28 مساءً
جاء الرد الإيراني بصواريخ استهدفت قاعدة عين الأسد وقاعدة أربيل في العراق. و بإختلاف الروايات وصدق حصيلة الخسائر البشرية والمادية أو عدمها وايران تزيد أرقامها، وامريكا تنفي حصولها. نقف على أرضية حقيقية تعطي لنا رؤيا واضحة عن ماهية الأحداث حولنا.
قتل سليماني وتتابع الاحداث بعدها يؤكد ان الولايات المتحدة، مستفيدة، وفي نفس الوقت ايران كذلك رغم خسارتها الرمزية للجنرال، وكذلك الكيان الإسرائيلي يعتبر من معسكر الرابحين.
أمريكا استخدمت أسلوب الملهاة , بمعنى واجهت الأمر باللامبالاة وانتظرت ردود الفعل.
ثم أرسلت واشنطن رسالة وساطة سويسرية مفادها أنهم لا يريدون حربا مع إيران، وهذا ما أعلن عنه الإيرانيون أنفسهم، وهو ما شكل لغزا محيرا في الأمر، خاصة وان الحرب ستكون على أرض ثالثة..
لكن المعلن من الرسالة عكس المخفي منها ففي معناها العميق: “نسمح لكم بالرد لإطفاء غليان المشاعر الشعبية، اقصفوا أي من قواعدنا وأخبرونا بالعملية، لعلنا نعود إلى الحالة الطبيعية الأولى معكم. وكانت تحذيرات واردة ان يتم الابتعاد مسافة 1كم. وتم التبليغ.
استخدمت صواريخ محدودة الدقة في التهديف صغيرة الرأس المتفجر هذا النوع المستخدم يطلق منه عادة 30 صاروخ دفعة واحدة لضمان الهدف , ومع ذلك لم يطلق إلا 12 , سقط ثلث الصواريخ في بداية الانطلاق بعطل فني والثلث الباقي بمضادات الصواريخ والمتبقي خارج محيط القاعدة.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اذا كانت ايران تمتلك منظومة صواريخ أفضل من هذه الصواريخ بكثير، سواء من ناحية الدقة أو من ناحية حجم الرأس المتفجر مثل الصواريخ التي ضربت بها ارامكو، لماذا تعمدوا عدم إستخدامها؟ وأنظار العالم جميعا بحكامها وشعوبها ينتظرون كيفية الرد وماهيته ومدى قوته؟ فهل كانت هذه رسالة للشعبين الامريكي والايراني وهل نتحدث هنا عن مصداقية ام عن مصالح وأهداف؟ أم عن بداية لمخطط تصعيدي بالوكالة؟
بعض المعلومات الاستخبارية أفادت أن إيران أبلغت العراق بالضربة قبل وقوعها ثم وصل الخبر لواشنطن لكن لم يتضح إن كان وصل من خلال عملائها أو قصدا بموافقة إيران. وبعيدا عن التسريب المعلوماتي المقصود و غير المقصود فهل قصدت ايران احراج ترامب امام شعبه، في حين أعلن ترامب أن رده فقط مزيد من العقوبات وأية عقوبات؟ وبدورها إيران أعلنت أنها لن تصعّد و تعتبر نفسها الآن بريئة من أي عمل ضد الأمريكان يقوم به غيرها. فهل نعتبر هنا لعبة ايران بأنها تنوي إستخدام وكلائها لعمليات ضد السعودية والإمارات والأهداف الأمريكية وهي “بريئة”؟ وهل ستكون المواجهة تصعيدية وليس ارتجالية؟
فهل نبدأ أم ننتهي؟
ستبقى إيران حاضرة بنفوذها وستبقى أمريكا حاضرة بنفوذها، وكذلك إسرائيل.انتهت عملية إشباع العواطف الملتهبة لهذا الطرف و ذاك وإنتهت تحليلات الخبراء الاستراتيجيون المتخصصون الذين يدفع لهم لتأجيج سياسة إلهاء الشعوب :
إسرائيل صمتت لأنها أمرت بالصمت لدرجة معينة لكي تمرر اللعبة وهي تراهن على عمق جغرافي ؟
دول الخليج أرسلت لهم تطمينات أمريكية ان الوضع تحت السيطرة! وهم مصدر تمويل مستمر.
ووفقًا للحسابات الأمريكية، هيمن الشيعة على السنة في العراق وأضحوا على استعداد لتوسعهم السياسي، وقد حان الوقت للاستفادة منهم, وستكون الصراعات لصالح المثلث المعهود.، والان امريكا على استعداد لإقامة دولة مستقلة للأكراد كي يكون هذا المعسكر مقاوماً لرد الفعل من كلا الجانبين.
ويصبح العراق فخا للولايات المتحدة والنظام الإيراني سواء كان هناك الاتفاق أم في أجواء “حرب “. الخيار الأول هو فرصة لالتقاط الأنفاس والراحة، والخيار الثاني هو استمرار الحرب بالوكالة.
وفي مبدأ الربح والخسارة. اذا كان الربح سيد الموقف فقد كسب ترمب معركته الانتخابية وسيصبح رئيس امريكا المنتخب للمرة الثانية , ونتنياهو سيكسب حكومة الليكود المتطرفة والمطبعة مع العرب , وايران كسبت الداخل الايراني وارض العراق ومفاوضات جديدة.
ومن حيث مبدا الخسارة , على عكس الفزع الكبير الذي عبر عنه العالم الغربي بموت سليماني، أثارت تعبيرات مرحة عن الفرح والحيوية في العالم العربي المغبون.وربما ألقي الضوء كذلك على قادة المقاومة في فلسطين وحماس والاخوان المسلمين. فوضع الفلسطينيين اليوم يشبه وضعهم عشية حرب الخليج الأولى، عندما دعم ياسر عرفات , صدام حسين علنا. وربما يتسبب التضامن الفلسطيني مع إيران في غضب شديد من دول الخليج والكيان الاسرائيلي، فهل يمكن ان يتسبب ذلك في أن يفقد الفلسطينيون دعمهم للقضية بين الدول العربية وغير العربية وتتجه لعكس مصالحهم ؟؟؟؟.خاصة وان القضية الفلسطينية هي جذر الشرق الاوسط وكل ما يحدث فيه من صراع. وبعيدا عن التساؤلات تبقى الاجابة الوحيدة الحاضرة..في اتون ما يحصل.اذا لم تتغير المعادلة على الارض فقد خسر العرب كل شيء.