دعوة للحب بزمن كورونا.. تاكيداً لنظرية الفراشة.. لا لنظرية المؤامرة
19 أبريل 2020، 00:37 صباحًا
انها الحاجة للقرب في زمن التباعد الاجتماعي، فهو الوقت الملائم لتُعيد التعرف على العالم، وتحب،وأكثر شخص يحتاج حبك ..هو انت.
لتحب نفسك بشكل صحيح بشكل صحي، بدون انانية،نرجسية او غرور، تحب نفسك بالرضا، بان تقبل نفسك كما انت،فان قبلت نفسك، قبلت الاخر.
فالحب ان تحب دون تغير ما تحبه، وقتها لن تشعر بالخوف من الاخر ومما هو مختلف عنك، لأنك عرفت نفسك
الهلع والخوف الذي تعيشه البشرية ليس بسبب كورونا، بل بسبب المجهول.
▪︎لا تحبني لكن لا تدمرني
وبعيداً عن كورونا فالخوف يتطور ليصبح كراهية ورفض للاخر، ويؤكد فشل البشرية بقبول نفسها، وقبول اختلافها وتنوعها.
طبعاً ليس مطلوباً منك أن تغرم بخصمك، بقدر ما عليك القرب منه ومعرفته وفهمه..ان لم تستطع أن تحبه على الاقل لا تكرهه لا تدمره، هذه هي القيمة الحضارية لتطور البشرية وتطوير الصراع، ليختلف عن صراعات الجماعات البدائية في قبل بدء التاريخ.
فالاخر لن يكون مصدر تهديد لك، ان عرفت نفسك واحببتها بشكل صحيح، هذا على مستوى الأفراد والجماعات.
فإن وصلت كفرد الى قرارك، اي الى اعمق نقطة فيك، فذالك ما يسمى القرار والمستقر.
إننا لا نبحث عمن يحبنا، بقدر ما نحتاج لمن فهمنا، ومن باب أولى أن نعتني بانفسنا، ونفهم ونحب انفسنا.
أليس هذا ما يحاول كورونا أن يعلمنا اياه، وكأن الله أراد له أن يكون هو المعلم الروحي لنا في هذه المرحلة الفارقة في تاريخ البشرية،لنصل للحقيقة الكبرى، لكن اغبياء العالم ممن يحكمون العالم يريدون الوصول بنا إلى حرب جديدة وحلقة أخرى في سلسلة الصراع!
لستُ ممن يسلم بسهولة بنظريات المؤامرة، وفي موضوع كورونا بالذات، لا أصدق بها مطلقا، لانها تبدو ساذجة امام فكرة ابسط واعمق بان كورونا نتاج طبيعي لانهيار القيم الحضارية للبشرية
فهو صفعة في خد البشرية مجرد صفعة، لتستيقض، فان لم نتستوعبها، ستكون ضربة قاضية.
▪︎الانسان يعود للكهف
ليست صدفة ان العالم أُدخل عنوة إلى الحجر ، ان الانسان يعود الى كنفه، كهفه، الى رحم امه في عزلة اجبارية.
هناك من ادخلنا الى بيوتنا رغما عنا، واقفل الباب علينا، تماماً كمن يعاقب طفله، ليبقى وحيداً يراجع مافعله، ليخرج ويعترف بخطائه ويعتذر
لنبقى مع انفسنا، علينا المكوث في البيت، ليعود البيت مجدداً الوطن الامان والعائلة، بعد أن خلعت الحياة المعاصرة عنه رداء الدفء ، وجعلته مجرد مكان بلا قيمة عاطفية.
ففي الزمن الذي تهدم فيه كل القيم ومنها قيم العائلة، هناك ما يعيدها، بصفتها اللبنة الاولى لمجتمع سليم ودولة قوية، في زمن انكشاف وانهيار الدول، لانها تكبر على أسس واهية في استمرار انهيار قيم وأهمية العائلة.
ما يحدث يشبه اعادة البناء النفسي للبشرية، العودة الى نقطة الصفر، هدم كل شيء واعادة البناء على اسس جديدة.
فان اتفقنا على هذه التسمية “اعادة البناء النفسي” ، فإننا الان في مرحلة غامضة وامام بداية مختلفة قادمة.
فما بعد كورونا ليس كما قبله، وبما ان سكان الارض يتفقون جميعاً على هذه الحقيقة، فاننا قد وضِعنا في الحجر المنزلي لنعيد ترميم العالم من خلال ترميم انفسنا.
▪︎جيوش الصابون
انها لحظة الانكشاف والمصارحةامام هذا الانهيار الكبير غير المتوقع لاكبر الحصون الاقتصادية والعسكرية للدول، التي أصبحت مجرد فقاعة صابون امام كائن غير مرئي وغير حي!
لا يمكن للسلاح الثقيل والنووي التخلص منه، بل الصابون والدعم العاطفي بالبقاء في المنزل مع العائلة مع من نحب!
الجيوش التي استنفرت، ايقضت فينا الشعور الفطري البدائي بان الامان ليس في السلاح بل على العكس، السلاح دليل خوف، وان الانسان اخترع السلاح لانه يشعر بالخوف والتهديد، وان التهديد مازال قائما ولن يطمئننا امتلاك السلاح، لاننا نخاف المجهول.
احساس الثقة لدى الافراد يأتي من الايمان، من الرضا ، من التسليم..
من الطقوس الروحية من الاديان، من علاقة قوية بالله، أو بالكون أن لم تكن تؤمن بوجود خالق! هذا على مستوى الأفراد.
لكن الثقة لدى الدول تأتي من وزارة الدفاع، وهذه الجهة سقطت امام فيروس، وفشلت في حماية دولها وشعبها من وباء.
الان في هذه اللحظة تحديدا وترامب، والاستخبارات الامريكية المركزية مشغولة باثبات ان كورونا تم تصنيعه مخبيرا في ووهان، والصين منهمكة بالدفاع وتاكيد ان امريكا هي من نقلت الفيروس اليها عبر الجيش الأمريكي، ومنظمة الصحة العالمية مشغولة عن الناس بالدفاع عن نفسها وتأكيد حيادها، والامم المتحدة عالقة في الوحل غير قادرة على استغلال الفرصة لتاكيد حضورها الدولي.
في هذه اللحظة تحديداً والعالم الحر والمتخلف على السواء مشغول بتسيس كورونا وتدمير ابراج الاتصالات، وشتم بيل جيتس، وصياغة نظريات المؤامرة
في هذه اللحظة العشوائية .. والتي تسبق عادة مشهد الانهيار الاخير.. سيكون الوقت مناسباً جداً، لبدء الاستماع لاجمل مقطوعة موسيقة في الكون.. الاستماع للسكون.. للذات.. لك.
ليس على طريقة المقطوعة الموسيقية للسفينة الكبيرة وهي تغرق كما حدث في تيتانك.
بل للحظة الاستعداد لاستقبال الحقيقة، والاعتراف ان الكراهية تأتي من الداخل لتحطم العالم.. وان الحب ينبع أيضا من الداخل ليبني ويحكم العالم.
الكراهية لا تأتي الا من ضعف، والدول العظمى والصغرى على حد سواء وقعت في الفخ واثبتت ان قوتها استعراضية ضد الآخر، لان فيها من الكراهية ما يؤكد الضعف. فليس هناك حاجة لاستعراض القوة ضد الآخر لان عدونا واحد ومصيرنا واحد، أليس هذا ما يقوله الله او الكون من خلال كورونا؟
لاحظ- التقدم التقني خلال العقود الاخيرة لم يُخلف تقدما حضاريا، اننا نزداد تخلفا يا صديقي!!!
▪︎فراشة كورونا
بلغة اكثر تبسيطاً، برغم اننا جميعاً في مركب واحد، وعطسة رجل في الصين تقتل سيدة في ايطاليا، فمازلنا لم نستوعب الدرس!
نظرية الفراشة الفيزيائية والفلسفية، التي وصل إليها العقل البشري قبل كورونا، تقول رفرفة جناح فراشة في الصين يسبب فيضانات وأعاصير في أمريكا أو أوروبا أو أفريقيا.
أليس هذا ما يحدث حرفيا، وتطبيق عملي لهذا النظرية؟؟
كل هذا الوقت..من عمر البشرية ومازلنا نعيش عبثا، صيادون يقتلون بعضهم، لحد اللحظة لم نفهم لماذا خلقنا
كورونا يدرك لماذا هو موجود، لكننا وصلنا لمرحلة الترس الصغير في الآلة الكبيرة، الذي لم يعد يدرك ماذا يفعل والى اين يذهب.
لما كل هذه الحروب؟ والقتل؟ والصراعات والمنافسة والكراهية، ونظريات المؤامرة، والاتهامات ! ونحن يمكننا جميعا العيش بسلام والتمتع بهذه الحياة على هذا الكوكب الرائع، اجمل كواكب المجرة
اننا لا نحتاج سوى للحب، ليس مطلوبا ان تغرم بخصمك، لكن على الاقل لا تبذل كل طاقتك لتدميره، هناك معاني بسيطة ان اعتنقتها البشرية واضافتها الى خبراتها وعاداتها الجديدة ستغير هذا العالم.
وقتها ستكون المنافسة شبيهة بالالعاب الرياضية ومباريات كرة القدم، تقدم فيها الفرق اروع مالديها من مهارات ومن اخلاق
الصراع سنة الحياة ومصير الخلق، لكن بعد عشرات الالاف من السنوات يبدو معيبا جدا ان البشرية في القرن الواحد والعشرين تتصارع بذات الطريقة التي تصارع بها اسلافنا قبل التاريخ وقبل الحضارة
عار على البشرية ما تقدمه الدول الكبرى من صراعات سخيفة غير حضارية سواء تلك التي لها حضارة الاف السنين كالصين او التي كانت نتاج تطور البشرية العلمي كامريكا
كيف نلوم الدول والمليشيات والجماعات الصغيرة ونتهمهم بالهمجية .. وقادة العالم يقودون البشرية للهلاك الحضاري والفناء الروحي