الإمارات وسورية مصالح السلم أدعى من مصالح الأزمة/ زيد فهيم العطاري
21 مارس 2022، 14:09 مساءً
هي أول زيارة للرئيس السوري بشار الأسد منذ اندلاع الأزمة السورية لزعيم عربي، زيارةٌ تعكس عمق التحول بالمواقف، وبخاصة الموقف الإماراتي، حيث تحاول الأخيرة الابتعاد أكثر في خياراتها وتنويع هذه الخيارات، خاصة كلما اقترب الجانبان الأمريكي والايراني من الاتفاق، ما من شكٍ أن هذا التحول في العلاقات الإمراتية السورية سيعجل في عودة سورية إلى حاضنتها العربية، كما أنه سيؤسس للاستقرار داخل الأراضي السورية، فمع دخول الإمارات على خط السلام مع الجانب الإسرائيلي قد تصبح قنوات إعادة تثبيت اللاحرب واللا سلم مفتوحة، وبالتالي توقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للمجال الجوي السوري.
إذاً فإنه من الناحيتين السياسية والأمنية قد تؤدي هذه العودة للعلاقات الإماراتية السورية لإرساء مزيدٍ من دعائم الاستقرار والأمن والثبات في الأراضي السورية جغرافيةً ونظاماً.
من ناحيةٍ أخرى فإن زيارة الاسد لم تقتصر على لقاء محمد بن زايد، بل كان هناك لقاءٌ أخر جمعه بحاكم دبي، وهو ما يبعث برسائل اقتصادية مفادها دورٌ اماراتي وازن في إعادة إعمار سورية، ينعكس على الجانبين اقتصادياً.
من الواضح بأن الطموح الاماراتي المشروع بلعب مزيدٍ من الأدوار في المنطقة والانفكاك ولو جزئياً عن السرب الأمريكي قد تساهم البوابة السورية بتعزيزه فالإمارات اليوم ومع انتهاجها سياسة تصفير الخلافات مع الإقليم جاهزةٌ للعب دورٍ في مزيدٍ من التفاهمات السياسية ربما بين تركيا وسورية، أو بتثبيت الهدنة مع الجانب الإسرائيلي، في حين تبدو الفرصة أمام سورية متاحة للاستعانة بالطرف الاماراتي لتحسين العلاقات مع بقية الدول الخليجية.
لقد قطع التطور الايجابي في العلاقات الإماراتية السورية الطريق أمام حركات الإسلام السياسي والداعمين لها لإعادة تموضعها في الاقليم فمع تحول السياسة التركية والموقف من النظام السوري باتت حركات الاسلام السياسي وداعموها في أزمة تحالفاتٍ حقيقة تستدعي المراجعة والتقييم.
يريد الجانب الاماراتي اليوم أن يشق طريقه كقوة إقليمية ولاعب ذي دورٍ رئيس في المنطقة سياسياً واقتصادياً في محاولة استثمار ما تمتلك من أوراق تتمثل بسلامٍ مع اسرائيل وهو ما سيبقى حاضراً على المستوى الأمريكي حتى وإن اختلف الطرفان في المواقف، أما الورقة الثانية فهي القدرة المالية التي من شأنها دفع الاقتصاد السوري وربما سنرى لاحقاً اللبناني إلى الأمام سعياً وراء المزيد من الأدوار في ملفات المنطقة.
أما الورقة الثالثة فهي تصفير الخلافات وتعبيد الطريق أمام المزيد من الوساطات في ملفات المنطقة.
سورياً فالأسد يواصل ترسيخ قدميه رئيساً شرعياً لسورية فالتصريحات الأمريكية التي تحاول النيل من شرعيته والتي تصدر من هنا وهناك باتت وبالنظر إلى مجريات الأحداث خارج نظاق الواقع.
في نهاية المطاف وبالرغم من بيئة التعاون والسلام التي يحاول كل طرف حصد مكاسبه عبرها، بعد فشل سيناريوهات التأزيم والاستقطاب، تبقى مشوبةً بمخاوفٍ سببها عدم إمكانية تجاهل الجانب الإسرائيلي الذي يبقى وجوده مصدر قلقٍ لأمن واستقرار المنطقة.