بضعة أيام في تركيا.. لماذا تضيق تركيا بالعرب سياحا كانوا او مهاجرين؟/ فؤاد البطاينة
1 يونيو 2023، 03:36 صباحًا
المواطنون العرب المهاجرون وأخص السوريين في تركيا يعانون من ظلم واضطهاد وضغوطات نفسية لا تطاق. والبحث عن الأمان والرزق وأسباب العيش الكريم وغير الكريم هو سبب تمسك المواطنين العرب بغربتهم غير المرحب بها. لقد قضيت عشرة أيام في تركيا سائحا اجتماعيا خرجت بنتيجة مؤلمة حيث كان التنمر على وجود العنصر العربي بالذات هو العامل الأساسي في عملية الدعاية الانتخابية، لم أعثر في الشارع على مرحب ببقاء العرب في تركيا بما فيه الإسلاميين، ولم ألمس هاجساً أو مطلباً للناخب التركي أهم من ترحيل العرب، إن في الأمر مبالغة في العنصرية موجهة ومبرمجة، وافتراءات تُفتعل على خلفيتها المشاكل الإجتماعية مع العرب ومحاصرتهم في سوق العمل. ومع هذا يتكلم رئيس المعارضة التركية راعي المثلية والعنصرية والخنوع للغرب عن حماسه لنزع ما وصفه بالمزايا التي يتمتع بها العرب في تركيا على حساب الأتراك.
الأمر لا يقتصر على الشارع، فالدوائر الرسمية وخاصة في المناطق السياحية التي يغلب على ساحتها طابع الأحزاب المعارضة تُميز في أخلاق التعامل ما بين العربي وغير العربي. والمحصلة أن العربي منبوذ في تركيا واستخدم في الإنتخابات الأخيرة ممسحة ومحل مزايدة. وذكرني هذا بحقبة تاريخية لليهود قبل احتلال فلسطين وتصديرهم لها كيف كانت كلمة يهودي في أوروبا شتيمة وتهمة.
العرب في أصقاع الأرض وخاصة الفارين من الدول المنكوبة بفعل السياسية الأمريكية بحاجة لحماية بعد أن تخلت عنهم أنظمة بلادهم. فالسوريين ليسوا وحدهم من يعانون الاضطهاد في تركيا بل كل عربي. وكان فوز أردوغان عيداً للمغتربين والمهاجرين العرب يباركون لبعضهم همساً. حيث كان متوقعا في حالة فوز المعارضة أن نشهد استقواء واعتداءات في الشوارع والأحياء والمحال التجارية على العرب. وبالمناسبة فإن عملية بقاء أو ترحيل العرب واللاجئين السوريين بالذات في الدول مسألة لا تنفرد بها الحكومات المضيفة بقدر ما تهم السياسة الأمريكية التي تعارض عودة السوريين لبلادهم.
ad
لقد تصالحت سوريا مع مختلف الأنظمة العربية التي استُخدمت لتدمير سوريا. وهذه فرصة لها لتعطي اهتماماً أكبر بالملايين من مواطنيها في الخارج وخاصة في تركيا، وأن تضع هذه المسألة على طاولة ما يسمى بالجامعة العربية كأولوية. ولا أعتقد بأن دولة عربية واحدة تجرأ على إنكار مسؤوليتها أو التنصل من مسؤوليتها عن تشريد هذه الملايين. والفرصة أصبحت مهيئة ببقاء أردوغان في السلطة فهو الجهة التركية الوحيدة القادرة على مواجهة السياسة الأمريكية الساعية لاحتكار ورقة اللاجئين ولإعادة تركيا الى كيان مستسلم للإرادة الأمريكية والغربية عموماً.
من حق سوريا أن تعتبر تركيا دولة معادية بصفتها تحتل قسما من أراضيها. إلّا أن هذا لا يمنع من أن تتعامل مع تركيا لإزالة هذا الإحتلال وإنقاذ مواطنيها كما تتعامل مع كل الأطراف التي تحتل أراض سورية وعلى رأسها أمريكا. أردوغان اليوم بات مقتنعاً بالتسوية السياسية مع سوريا بعد أن تبين له بأن هذا مطلب للشعب التركي كاد أن يُفقده السلطة. ولا يُمكن لنا أن نتغاضى عن كون تركيا هي الدولة المحتلة الوحيدة التي تعلن بأنها لا تطمع بشبر من أراضي سورية، وبأنها لا تريد أكثر من التعاون مع أي جهة فاعلة لتأمين حدودها الشمالية من الأكراد وضمان عدم قيام كيان كردي على حدودها.
نأمل بأن تنصب الجهود السورية والعربية على تأمين التطبيع التركي السوري لهذا الغرض ونزع ورقة اللاجئين من يد أمريكا وعلى قاعدة التعاون العقلاني في مفاوضات بين الدولتين من أجل تغطية اهتمامات ومتطلبات الطرفين المشروعة وأضع تحتها خطين لتأمين انسحاب تركيا وعودة السوريين إلى وطنهم وتأهيلهم تحت الراية السورية وليس التركية. تركيا أردوغان ولا أقول الاخوان المسلمين أصبحت عالمة باستهداف الغرب لاستقلاليتها ولنهضتها المرتبطة بمواجهة قيود اتفاقيات خسارتها للحرب الأولى وتتطلع بجدية للإنفكاك عن السياسة الغربية ولكن لن تكون لها خطوة في هذا قبل موازاتها بخطوة نحو الشرق لحماية ظهرها. نتطلع إلى تفهم وتعاون من قبل القيادة السورية.
وفي الختام أعتقد أن بأن أردوغان يتحمل مسؤولية قطع دابر التمييز العنصري في بلاده ضد العرب، كما أعتقد بأنه يعاني من شوائب في مفهومه للإسلام ومن عدم التعمق في العلاقة التي يجب أن تكون بين المسلمين المؤمنين وبين الكيان الصهيوني اليهودي المحتل لفلسطين والأقصى، ونحن لا نتوقع تعديل مفاهيمه من أنظمة مطبعة مأسورة للإرادة الأمرو صهيونية أن تقنعه بأن الإعتراف بكيان الإحتلال ليس من الإسلام بشيء. حزب العدالة والتنمية فيه الكثيرون ممن يعرفون هذه الحقيقة وما زالوا يتمنعون عن الخوض بها لعدم استفزاز الغرب عليهم. ولكن التجييش الاعلامي والسياسي الأمرو- غربي ضد أردوغان في الإنتخابات الأخيرة وتسميته بالدكتاتور كعلامة تجارية قد يكون كافيا لتوليد القناعة لديه بأن الغرب سيستمر في ملاحقته وإسقاطه ما لم يأخذ موقفاً حازما بالإصطفاف مع المحور الشرقي.