canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
كتاب عربموضوعات رئيسية

“أبو عبيدة”.. لسان القوة الذي ينطق! / ماجدة ملاوي

“هدى غالية” ذلك الاسم الذي ربما لم يسمع به البعض هو اسم طفلة فلسطينية كانت تلعب على شاطئ بحر غزة برفقة عائلتها في يوم صيفي هادئ من عام 2006، كان البحر هادئًا أيضًا، وأمواجه المتلاطمة ترافق ضحكاتها ولهوها، تلك الضحكات تلاشت فجأة وتحولت إلى بكاء وعويل وهي تصرخ “بابا بابا”، فقد قصفت بوارج الاحتلال الإسرائيلي الشاطئ، فاستُشهد سبعة من أفراد عائلتها في اللحظة ذاتها، وتحولت لحظات الفرح والسعادة إلى مأساة حولت هدى إلى يتيمة بعد أن فقدت والديها وخمسة من أشقائها، ليطلق على هذه الجريمة المروعة “مجزرة الشاطئ”.

لماذا أذكر قصة هدى اليوم مع المجازر المروعة التي يقترفها الاحتلال الصهيوني في غزة؟ لأن المأساة التي وقعت لهدى وعائلتها في ذلك اليوم كانت مرتبطة بظهور “الملثم” أبو عبيدة أول مرة، بصفته المتحدث العسكري لكتائب عز الدين القسام، إذ ظهر ليعلن تفاصيل العملية التي نفذتها المقاومة وأطلق عليها “الوهم المتبدد”، ردًّا على مجزرة الشاطئ ضد أهداف إسرائيلية في محيط غلاف غزة، وأدّت إلى قتل جنديين وأسر الجندي جلعاد شاليط.

ويعود أبو عبيدة من جديد على إثر العدوان على غزة، يعود بقوة ليكشف تفاصيل العمليات البطولية التي تنفذها كتائب القسام لصد العدون الإسرائيلي على شعب غزة الأعزل، ليتحول إلى بطل حقيقي بشحمه ولحمه، بطل على أرض الواقع يتحدث بوقائع مدعومة بفيديوهات، تتلقفها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لتفاصيل العمليات بالصوت والصورة.

الملثم أحيا الأمل في زمن الهزائم

هذا البطل يختزل أخلاق المقاومة بثقته وعزمه، فالقوة التي يتحدث بها تمد اليائسين بجرعة أمل في زمن الهزائم، هذا الجرعة تعيد إلى الواجهة تحرير الأرض والعرض وإزهاق الباطل في زمن انتشر فيه البطش والزيف وتلويث الحقائق، هذا البطل أثبت كم أن الشعب العربي والعالم كان متعطشًا للبطولات، فقد تعبت الأجيال العربية والإسلامية من البكاء طويلًا على أطلال أبطال مثل صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد وعمر المختار، تعبت من استصراخ الأموات لإيقاظهم من قبورهم.

أبو عبيدة الملثم الذي أبى أن يكون مشهورًا أو أن يُعرف اسمه ومن هو، فضل أن يكون غامضًا كما هي أنفاق غزة، فهو وغيره من رجال الكتائب الذين نفذوا وما زالوا ينفذون عمليات بطولية واستشهادية لا يهمهم أن يُعرفوا في الأرض، إنهم “أبطال في الظل”، فقضيتهم أهم من التشدق ببطولات، قضيتهم الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين المتعطشين للحرية حتى ولو لم يشهدوا هذه الحرية.

ورغم المجازر في غزة التي أكاد أجزم بأن التاريخ لم يشهد لها مثيلًا، ورغم صعوبة المشاهد وإحساس الملايين بالقهر والعجز، فقد بات ظهور أبو عبيدة رافعًا سبابته مهددًا جيش الاحتلال بمثابة نصر، ينتظره الملايين عبر الفضائيات، ويعاد نشر كلامه على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لا يحصى.

لقد خلقت ظاهرة المقاومة في غزة لدى الملايين في العالم صورة للأبطال الحقيقيين، فهم لا يشبهون أيًّا من الأبطال الزائفين الذين يظهرون في الأفلام “الهوليودية”، ذلك أنهم أبطال رسمهم العالم في مخيلته منذ زمن حتى ظهروا ماثلين أمامهم.

لقد بتنا نرى هيئة الملثم في المظاهرات العارمة التي تطوف شوارع لندن وباريس وغيرها من المدن الأوروبية، إذ نجد أطفالًا يرتدون زي الملثم، فالملثم بالنسبة لهم هو “سوبر مان” الحقيقي، وأيقونة الحرية والتحرير في العالم.

وأمام هذه الصورة البطولية التي تمحق رهاب الصهيونية وبربريتها، لم يكن مستغربًا أن يسعى الإعلام الأمريكي والغربي بأوامر صهيونية لتشويهها، عبر وصف رجال المقاومة بالإرهابيين، بل إن حسابات وهمية من جلدتنا نشطت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشوية المقاومة، وادعاء أنهم كشفوا هوية الملثم، وكأن ذلك هو الانتصار بالنسبة لهم، لكن في كل مرة تتبخر هذه الادعاءات كزبد البحر تاركة مدعيها يغرقون بالحسرة.

يقال إن من ينجح في نقل الرواية بعفوية وواقعية هو المنتصر، ولقد نجحت المقاومة في ذلك دون مشقة، فلم يكن أحد يتخيل أن المقاومة التي أُلصقت بها تهم الإرهاب تظهر بفيديوهات مصورة وبعفوية، يشكر فيها المحتجَزون رجال المقاومة، ويتساءل البعض: كيف يشكر المسجون سجانه؟  فكلما كانت المقاومة تطلق دفعة من المحتجَزين كان هؤلاء يعبّرون عن امتنانهم، وكان آخرها احتضان أحد المحتجَزين لأحد أفراد كتائب القسام.

وفي المقابل، نجد صورة أخرى مخزية عبر مقابلات انتشرت لأسرى فلسطينيين من الأطفال والنساء المحرَّرين، وهم يتحدثون عن التنكيل والتعذيب والتجويع الذي تعرضوا له في السجون الإسرائيلية.

(وإنه لجهاد؛ نصرٌ أو استشهاد) خياران لا ثالث لهما يختم بهما أبو عبيدة حديثه في كل مرة، هذه العبارات تُذكّر العالم أيضًا بما قاله “جيفارا” في حديثه أمام الأمم المتحدة عام 1964، حيث صدح بكلمتين فقط (الوطن أو الموت) هاتان الكلمتان أيضًا كانتا تأكيدًا على أن الشعوب لا يمكن أن تتحرر إلا بالمقاومة أمام المستعمر حتى وإن كان ثمن هذه الحرية الحياة ذاتها.

المقاومة اليد المنتصرة ضد الاحتلال

وعلى مر العصور، ومع اختلاف المطالب وظروف الشعوب، أثبتت المقاومة دائمًا أنها اليد المنتصرة، وأنه أمام القوى الاستعمارية والموالين لها لا يمكن الحديث عن سلام أو معاهدات، وأن ما تسعى إليه هذه المعاهدات الزائفة هو إسكات صوت الحق وتخدير الجماهير ثم العودة إلى ما كان.

هؤلاء الأبطال على مر العصور أدركوا مبكرًا أن الاستعمار الذي يفرض هيمنته وأيديولوجيته بالقوة، لا يمكن أن يزول إلا بالقوة، فلغة القوة هي ما يعرفها العالم، ولا تزال أساسًا لانتزاع الحقوق، أما الانصياع والسلام فهو لغة الخاسر والخائف والمهزوم.

العالم لم يعد يطرب لسماع خطابات مستهلكة يعاد تدويرها في كل أزمة أو حروب، العالم يريد أفعالًا تُترجم إلى واقع، وهذا ما اكتشفه العديد من الشعوب خلال الحرب على غزة، اكتشفوا أنهم كانوا مستعبَدين وليسوا أحرارًا في أوطانهم، يدفعون الضرائب لأنظمة تدعم قتل الأبرياء، وأن أي رأي يخالف شن الحروب على الدول المستضعفة مصيره الاستقصاء.

إن أفضل وصف للغباء كما قال “ألبرت أينشتاين” هو فعل الشيء نفسه مرتين بالأسلوب نفسه والخطوات نفسها مع انتظار نتائج مختلفة، ولعل هذا ينطبق على الدول المستعمرة التي ظلت تسير على نهج لا يتغير، إذ تظن أن تصفية المقاومة أو رموزها في كل احتلال سينهي وجودها، لكن التاريخ يعود ويؤكد في كل مرة أن المقاومة فكرة وحق لكل الشعوب الحرة، وأن هذه الفكرة لا تنتهي ولا تزول ما دام الاحتلال موجودًا، وملخص القول “أنت مهزوم إذا توقفت عن المقاومة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى