canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
كتاب عربموضوعات رئيسية

لبنان حزين على زياد… قلق على مستقبله / عبدالوهاب بدرخان

على كل المستويات أشاع رحيل زياد الرحباني حزناً شخصياً وجماعياً، وشعوراً بفقدٍ مفاجئٍ لشخص شاركنا أفراداً وجماعات في الحُلو والمرّ، واختصرنا طوال نصف القرن المنصرم معبّراً بما نقوله أو نحجم عن قوله.
أجيالٌ عدة تأثرت بما قدّمه فنياً وقبلت ما أنجزه وخرق به التابوات، وفي الوقت نفسه تعلّمت منه وعلى طريقته الأريحية ألا توافقه على بعض آرائه عندما يتوغل في زواريب السياسة وتهتزّ بوصلته، وما تكشّف عن مرضه ووفاته أظهر زياد وكأنه التجسيد الواقعي المباشر لـ “الكرامة والشعب العنيد”، ولعله شاء نهايته فصلاً في مسرحية أخيرة لم يكتبها بل كتبت نفسها عمّا يمكن أن تكون عليه نهاية أي مواطن عادي في بلد تزداد فيه ضائقة العيش “لولا فسحة الأمل”… لكلٍّ “زياده”، لكن زياد السواد الأعظم كان ذلك القادر على ابتكار موقف واضح وبسيط من أكثر الأمور تعقيداً، كما هي اليوم في لبنان والمنطقة.
في مقاطع صوتية قديمة أعيد بثّها حديثاً أعطى زياد وجهة نظر في “الانتصار” مختزلاً الجدل والنقاشات، كان جدياً وقاسياً بسخريته من “انتصارات” لا يرى لها أثراً في الواقع.
لم يكن يتحدث عن “النصر” الذي أبدى تعاطفاً كبيراً مع “حزبه” مقدار ما كان يعبّر عن نقد عميق لانغلاق هذا “الحزب” على نفسه.
غاب زياد في لحظة شعر مريدوه جميعاً بالحاجة الى كلمته الحرّة الصريحة النزيهة في هذا المأزق المركّب الذي يمرّ به البلد، ولا يتوقعون سماع تلك الكلمة من أحد آخر، فهو الوحيد المتموضع خارج المنظومة والاصطفافات.
ماذا كان ليقول عن “حصرية السلاح” الذي بات نقمة على الناس- ناسه، عن “المقاومة” التي أظهرت ما عندها فكان كارثياً وفاقم أزمة البلد، عن “الشيوعية” المحلية التي ألحقت نفسها بـ “حزب إيران” ولا تعرف الآن بما أو بمن تلتحق، وعن مبعوثين أميركيين تنحصر مهماتهم في تنفيذ شروط إسرائيل ويتظاهرون بأنهم “وسطاء” بين لبنانَين أو بين سوريتَين أو أكثر…
مع غياب زياد اتضح كم كان منزرعاً في الوجدان والضمائر، لأن حقيقته كانت في رفضه الحروب وسفك الدماء وفي تمثيله للمقهورين والمهمّشين، وليس في آراء عشوائية نثرها هنا وهناك عن النظام الأسدي في سوريا أو عن “حزب السلاح” في لبنان. هل كان ليتأسف على سقوط ذلك النظام، وهل كان ليدعو الى “نزع” ذلك السلاح غير الشرعي و”حصره” في يد دولة لطالما أثخن نظامها الطائفي، أو أنه كان ليضبط مزاجه المتمرد على نبض الشارع الذي كان أحد مصادر وحيه؟.
الحزن على رحيل زياد يختلط بالقلق من تقلّبات ومخاطر تحيق بحاضر البلد ومستقبله. فالوسيط الأميركي، كما قادة “حزب إيران/ حزب الله”، باتوا يشيرون الى احتمال “زوال لبنان” ولو انطلاقاً من عقليتَين سقيمتين: إذا بقي السلاح تبقى إيران في لبنان لذلك يمكن أن “يُلحق ببلاد الشام” وكأن استقرارها استتب، وإذا نُزع السلاح يصبح البلد “تحت رحمة إسرائيل” وكأن أميركا والعالم يستحسنان وحشيتها… مجرد طرح هذين الخيارين النقيضين يعني أن أميركا وإسرائيل لا تريدان للدولة اللبنانية أن تنهض. وهذا ما سعت اليه إيران من خلال “حزبها”.


عبدالوهاب بدرخان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى