ثقافة وفنموضوعات رئيسية
وقفة مع طلعة لمسيله لبناهي ول سيدي/ باته بنت البراء
لِمْـسِـيـــلَه كاع إلى تَـــمَّــيْــــتْ @@ تسمعْـهَــا مَــا خِلْگِـــتْ حِيــــلَه
لمسيـــله يَـعَـگْـــلِي فَاغْــنَـيْـــــتْ @@ مَـــــاهي گــــــاعْ ألَّا لِـمْــسِـــيله
لمــسِـــيـــله مِنْ عنـــدْ اگْــوَيْبِيــنْ@@ لِلسَّــلْطَــــانِـيَّــه مَنْظَـــرْ شَيْــنْ
ؤُمِنْ عندْ السَّيْفْ إِلْ رَگْ الطِّينْ@@ شَــوْفِـــتْــهَـــا فِالْعَيْـــنْ اثْـقِـيـلَه
سُــــــــــــورُمَـــلِّي وَللَّ لَــثْــنَــيْـــــنْ@@ أَلَّا تَــــمِّـــــــتْ فِــيــــهَـــا حِـيــــلَه
يَغَـيْـــرْ امْـنَـيْـــنْ اتْـشُوفْ العينْ @@ كَـــــــارِلِّي وِاظْــــهَـــــرْ لِعْـــزِيلَه
ؤُخَـشْــــمْ ابْلِكْــوَاتَه وِامْـخَـيْـزِينْ @@ ؤُبُـــــلَــحْــــرَاثْ ؤُعَــظْـــمْ آتِـيلَه
هَــــاذُوكْ ادْيَـــارْ اِمَّـيْـلِـمْـنِـيـــــــنْ@@ يَالـــــــــدَّلَّالْ ؤُذِيـــــكْ اطْــويلَه
ذَاكْ اصَّ هُــــــوّ بَــــــلْ امْـنَــيْـنْ @@ عَــــادِتْ لِمْـــسِـــيــلَه لِمْـسِيـلَه
وأظل في رحلة بحث مضن عن تجليات المكان في لغن الحساني، فأغلب النصوص التي تناولت قراءة هي مكانية بالدرجة الأولى، وأجدني أصل إلى مسلمة وهي: أن المكان تيمة مركزية وظفت لكل المضامين في الشعر الحساني، وشكلت محورا ثابتا في بنائها، ومن ثم يصبح المكان أحد الأسس البنائية في شعرنا الحساني.
اليوم أعاين كيف يعيد الشاعر تشكيل خريطة المكان ليحمله دلالات وانطباعات مختلفة، فيرسم له خريطة عاطفية تجعله أماكن متباينة التأثير والمكانة في النفس.
يبدأ الشاعر طلعته بالأسلوب الخبري المتضمن معنى الاستفهام والنفي معا، وذلك تمهيدا للتفريق بين “لمسيله” المعروفة مكانا بعينه لدى الساكنة والعارفين، و”لمسيله” كما تنظر إليها ذات الشاعر ويرسمها خياله:
لمسيله بعد إلى تميــت@@ تسمعها ما خلگت حيله
لمسيله يعگلي فاغنيت@@ ماهي گــــاع ألا لمسيله
إن التافلويت ” تسمعها ما خلگت حيله” هي العبارة المحورية في النص، حيث تؤسس لبسط انطباع الشاعر عن المكان؛ فمجرد ذكر لمسيله يوحي للشاعر بما تختزنه ذاكرته عنها، وما يمثله سماع ذكرها بالنسبة له.
ومن هنا يبدأ التقسيم الجديد المعرف بالمكان، مظهرا
معرفة وثيقة بالمنطقة؛ يترسم معالمها، ويذكر مسمياتها، وذلك ليدلي برأيه الجازم حولها:
يبدأ من أقصى نقطة فيصف منظر لمسيله من منطقة اگويبين وحتى السلطانية ويسمه بالقبح الشديد؛ فلا النفس ترتاح له، ولا العين ترضاه، وينتقل إلى تاليه الذي يماثله بشكل أقل حدة؛ وهو المنظر ما بين السيف ورگ الطين؛ فيرى فيه سماجة وثقلا، ثم ينتقل للمنطقة الثالثة التي جاءت دون سابقتيها في نفور النفس منها، إلا أنها لا ترقى إلى ما يرضي الذوق ويبهج النفس.
والجميل أن الشاعر بدأ في توزيعه المنطقة بذكر الأقبح فالذي دونه ثم الذي دون ذلك، ليصل في الجزء الرابع من المكان إلى ما يطلق هو نفسه عليه “لمسيله”، وما يراه أهلا لذلك المسمى:
يغير امنين اتشوف العين@@ كارللي واظهـــر لعــزيله
ؤخشم ابلكواته وامخيزين@@ ؤبلحـــراث ؤعظـــم آتيله
هـــاذوك اديـــــار اميلمنين@@ يالــــدلال ؤذيك اطويله
ذاك اص هـــو بــل امنيــن@@ عادت لمسيله لمسيله.
هكذا يصل الشاعر إلى تحديد جديد لجغرافية المكان واحتكار لتسمية “لمسيله” عليه، ضاربا عرض الحائط بالمتعارف عليه لدى العامة، وشاطبا كل الأماكن التي لم
تنعم بحلول الحبيبة اميلمنين من خريطة لمسيله.
هنا يغدو المكان في الطلعه حالة عاطفية وذكرى جميلة تستمد ألقها وتأثيرها من حلول الحبيبة بها، وتنفي ما سوى ذلك من الأماكن حتى لا يكدر صفوها: (اگويبين- السلطانيه- السيف- رگ الطين- سورمللي الأول- سورمللي الثاني)
إن الشاعر لا يتردد في تشكيل الأشياء وتحديد مسمياتها تبعا لهواه ووفق مبتغاه، فالمكان مفصل على حالته النفسية والوجودية، ومشكل لاحتضان حبه وشغفه العاطفي، وما سوى ذلك لاغ لا محل له من الإعراب.
لقد أزاح ستة أماكن من خريطة لمسيله، وهي السالفة الذكر، وأبقى على ستة هي مرابع الحبيبة، ومنازل قومها في حلهم وترحالهم: (كارللي- أظهر لعزيله- خشم ابلكواته- امخيزين- بلحراث- عظم آتيله) فتعادل الجزءان.
ويذكرنا تباين الحالة النفسية في ذكرى المكان لدى الشاعر، بطلعة امحمد ول هدار المعروفة، غير أن ول هدار أعرض عن المكان دفعة حيث لم يمثل بالنسبة له شيئا، ثم أحبه دفعة حين حلت به المحبوبة، لم يجزئه، ولم يرسم خريطة جديدة لمسماه:
اگْـــوَيلِيــجْ ؤًمَعَــادْ ابْـــــلَادْ @@ كَـــانُو عَنْدِي فِالْكِــرْهْ أگْــــــدَادْ
ؤُكِنْتْ ابْلِعْوَيْجَه مَاني گادْ@@وِاطْــرِيگْ اطْــرِيگَيْنْ ؤُفِامْنَيْنْ
نِــــزْلِــتْ ذَاكْ الْوَكْرْ الْعَــرَّادْ@@ فَأَنَـــــــــوَالَه مِـــنْ لِــمْـــرَادِيـــنْ
ابْغَـيْــتْ اگْوَيْــلِيـــجْ ؤُمَعَــادْ@@ ؤُلِعْوَيْجَه وِاطْرِيگْ اطْرِيگَيْنْ