canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
ثقافة وفنموضوعات رئيسية

بوسلهام عميمر: قراءة في ديوان “عائدون” للشاعرة أمينة الجباري بين ألم التهجير والملاجئ و حلم العودة/ بوسلهام عميمر

“عائدون” المنجز الإبداعي الثاني للكاتبة المغربية أمينة الجباري، تخص به القضية الفلسطينية، بعد ديوانها الأول “فلسطين .. تستحق الحياة” الصادر سنة 2010، وهو العمل الأدبي التاسع رصيدها ما بين الشعر والنثر.

خصصت ريعه لأسرى فلسطين كما ذكرت في الإهداء، بعد أن أهدته لكل فلسطيني شريف ولكل شهيد ولكل جريح ولكل من يشتهي صلاة بالأقصى والحالمين بالعودة إلى الأرض المباركة.

هم الأحرار لا يوقعون أبدا لأي أحد شيكا على بياض، لأي شكل من أشكال الاحتلال أو الاغتصاب كيف ما كان نوعه، وفي أي بلد كان على وجه الأرض، ومن أي جهة كان مهما بلغت قوته وجبروته وسطوته. إنهم يدركون جيدا ما بين معنى الصهيونية باعتبارها كيانا سياسيا غاصبا لأرض ما فوقها وما تحتها يشهد على فلسطينيتها منذ آلاف السنين زمن الكنعانيين لم يبرحها الفلسطينيون أبدا، دون إنكار ما لبقية الأديان من حقوق تاريخية بقدر زمن تواجدها فيها وإسهاماتهم في بناء حضارتها، وبين اليهودية باعتبارها دينا سماويا للمسلمين موقفهم منها ولليهود موقفهم من الإسلام كما النصرانية سواء بسواء.

فالمفروض تجسير سبل الحوار، وليس السعي إلى التصادم والمواجهة بالاعتداء والسطو على حقوق الغير المقدسة بالقوة والإرهاب.

فالديوان من عتباته، ابتداء من عنوانه “عائدون” بكل ما تعنيه العودة وتوحي إليه، إلى لوحة غلافه الذي تولى تصميمه الفنان الفلسطيني علي جروان، كل لمسة ريشة فيه تشي بتشبث الفلسطيني بأرضه، رغم ما هم عليه من شتات قهري، منذ عشرات السنين عبر بلاد المعمور. وما المفتاح العتيق بيد المرأة الفلسطينية الأبية، بلباسها الفلسطيني الأصيل، لا تخطئ عينٌ فلسطينيتَه بفصالته المميزة وألوانه الزاهية، إلا دليلا على الارتباط المقدس بأرضهم المباركة؛ فلسطين عموما والقدس على وجه الخصوص، إلى إهدائه لكل الحالمين بالعودة، إلى خلفيته التي تؤكد فيها الشاعرة على حزنها وحزن كل عربي وكل مسلم وكل حر، مما يعانيه الشعب الفلسطيني من أسر مجحف لأحراره ممن نذروا أنفسهم للدفاع عن حوزة وطنهم المغتصب ظلما وعدوانا، و ما تعرض له من تشريد منذ عقود، ولا تزال العملية الظالمة حبلها على الجرار.

شكلت تيمة العودة في الديوان الخيط الناظم من مبتداه إلى منتهاه. فقد تكررت “العودة” تقريبا في كل صفحات الديوان السبعة والتسعين، بصيغ مختلفة توزعت بين الأسماء، إفرادا وجمعا، بما يرمز إليه الاسم في اللغة العربية من ثبات وسكون، يتماهى مع ما هو عليه الفلسطيني من صمود وثبات على المبدإ وتشبث بحقه الأبدي في أرضه، تقول في ص 34 بعدما أكدت على أن العودة هي الحياة:

الحياة حق، كرامة، حرية

الحياة كل الحياة عودة

وبين ورودها بصيغة الفعل بأزمنته الثلاثة ماضيا وحاضرا وأمرا. فالقضية الفلسطينية تتداخل فيها كل الأزمنة التاريخية، مما يؤرق الكيان الغاصب، فيعمل جاهدا لمحوها بكل الوسائل المدمرة. فأنى له ذلك، فماضيها وحاضرها ومستقبلها بيد شعب الجبارين كما قال ذات تاريخ الختيار الراحل في لحظة قوة وشجاعة وانتشاء بما يحققه أطفال الحجارة خلال انتفاضاتهم المباركة، تبعثر كل حساباته، بعدما يتقدم خطوات في مشروعه الاستيطاني ظنا منه أن القضية ضمرت في الأنفس وخبا أوارها، فينبعث النضال من تحت الرماد ليبطل مفعول كل مشاريعه الاستيطانية على بقية الأرض الفلسطينية، وليس بين أيديهم غير حجارة أرضهم المقدسة. فقد وردت “العودة” بصيغة الأفعال بما ترمز إليه من حركية دائبة، ماضيا أحيانا إحالة على تاريخ فلسطين البعيد حتى قبل التاريخ الهجري، و أفعال مضارعة بتشبث الفلسطيني بأرضه رغم ما يتعرض له من تنكيل وتقتيل بدم بارد. ورغم عدم تكافؤ ميزان القوة بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني الذي يصنف ضمن القوى العسكرية الأولى عالميا بما يتربع عليه من ترسانة نووية،.لكن على صخرة إيمان الفلسطينيين بعدالة قضيتهم، ومعهم أحرار العالم بما فيهم يهود ضد المشروع الصهيوني، تتكسر كل طموحاتهم الاستيطانية، منذ ما يقرب من مائة عام.  و كذا زمن الأمر في صيغة مطالبتها لهم بالثبات من باب “وذكر”، بما أن الفلسطيني دائم التأهب للدفاع عن حياض وطنه. في ص 22 دعوة صريحة للعودة. تقول:

فيا أهل الأرض عودوا

ولا يرهبكم رصاص… المنايا

ومن أجواء المنايا والأتراح، إلى مناسبات الحياة والأفراح، و لعشقها لفلسطين فإنها بعفويتها المعهودة، توصي حتى المحتفل بعرسه قائلة في ص72:

وأنت تزف لعروسك

لا تنسيك، تلهيك فرحتك

عودتك

بل و تحضر هذه التيمة حتى في سياق أكثر حميمية، لما تطلب من المتيم الولهان أن يمهر رسالته إلى حبيبته بكلمة “العودة”  تقول في ص 71:

وأنت تكتب

 لحبيبتك شعرا

اكتب عائدون

في آخر السطر

فالديوان حافل بكل ما له صلة بتيمة العودة ضمنا أو تصريح، أبرزها الحلم. ورد في الديوان أكثر من مرة بصيغ صرفية مختلفة (الحالمين ص3، تحلمون ص6، أحلامكم 13، حلما15، الحلم الكبير32، أرض الحلم40، أحلم كل ليلة84..). في قصيدة “حلم” ص 73، بذائقتها الشعرية المائزة وبخيالها المجنح، أبدعت الشاعرة في حديثها عن الحلم مخاطبة الفلسطيني والفلسطينية قائلة:

وأنت تربي الحلم // في مهد قلبك // سميه فلسطين

وضعي قليلا من التراب // عند اليمين // وأنت تطرزين // حلمك مناديل عرس

 طرزي بالأبيض، بالأحمر، بالأسود // سيكون علم فلسطين.

ويبقى المفتاح رمزا للعودة من أول يوم عرف التهجير القسري طريقه إلى الشعب الفلسطيني الأعزل، بفعل ما تعرض له من مجازر بشعة تشيب لهولها الولدان، ابتداء من ثلاثينيات القرن الفائت مع عصابات الانسل والهاجاناه والأرغون وقوة البالماخ وغيرها كثير، لم تكن تفرق بين عمار المساجد و الأسواق والقرى. فما من قرية فلسطينية أو مدينة إلا وتؤرخ لإحدى المجازر، يعقبها التهجير طوعا أو كرها. فظل المفتاح تتوارثه الأجيال رمزا خالدا لتشبث الفلسطيني بأرضه، وشاهدا على ملكيته لبيته. فما من فلسطيني أو فلسطينية إلا ويحافظ على مفتاح بيته أكثر من محافظته على بؤبؤ عينيه أو أكثر. فالمفتاح ارتبط عندهم بالعودة. إنه حكاية ترويها الجدات للأجيال بطعم المرارة. تقول الشاعرة في ص 56 بتعبير بليغ ينضح شعرية وجمالا:

كانت الجدة // تخرج المفتاح في خلوتها

 تقبله // تلمعه // تدسه في قلبها

حتى لا يبرد

لذلك فلا غرو أن نجد بمداخل الملاجئ على أبوابها مفاتيح ضخمة، ذكرى لمن يسهو أو يغفل. يتماهى المفتاح في الديوان مع الحضور اللافت للجدات. ورد ذكرها في مواضع متفرقة بصيغة المفرد والجمع (خبز الجدات7، وصايا جد وجدة35، كانت الجدة تخبز خبزا55، كانت الجدة تغني موال الرحيل56، كانت الجدة تفرك الزعتر57، بكف الجدات.. تنبت الحرية67، بكف الجدات خريطة الوطن.. ومفتاح ولكن68). تقول ص 35 الحياة قدس، قبة و ساحة وصايا جد … وجدة.

وفي ص 57 صورة شعرية بديعة، حينما تقول:

كانت الجدة تفرك الزعتر بين كفيها // وتمرر الكف // على أنوف الأحفاد //

حتى ينبت الزعتر // في حقول صدورهم.

وفي موضع آخر صورة غاية في الجمال والعمق ص 68 تقول:

 بكف الجدات // خريطة الوطن // ومفتاح وسكن

بكف الجدات // أغنيات الحقول // وقصص التهجير // وصدى المحن

بكف الجدات // أسماء رحلوا // ووعد الشجعان

إنهن عشن النكبة وهن جدات أو أمهات، أو صبايا هجرن قسرا فتزوجن وأنجبن بالمخيمات فأصبحن جدات بالملاجئ. إنهن أحق بالحكي عنها. ف”ليس من رأى كمن سمع”. عدد منهن لا يزلن يحملن ندوبا توثق لما عشنه على يد العصابات الصهيونية من فتك وحشي وتقتيل وتمثيل بالجثث. وكم منهن نجون بأعجوبة من موت محقق. لكن هل فكرت إحداهن في التخلي عن حق العودة إلى الوطن؟ لم يزدهن ما تعرضن له غير مزيد من التشبث بالوطن والاستعداد للتضحية من أجله بكل ما يملكن. إن التضحية بالنسبة لهن  ولكل غيور على وطنه، كما تورده الشاعرة بقولها في ص36:

الموت .. ليس دائما موتا

الموت من أجلك فلسطين

حياة

 الديوان حافل بالإشارات الفلسطينية. فمن مدنه كالقدس و يافا، إلى أطفاله وشهدائه كمهند ورزان وباسم وعهد. إنه ليس كأي منجز أدبي. إنه يهم أكثر من خمسة ملايين نازح فلسطيني، يعيشون على حلم العودة إلى حضن الوطن، يرفضون رفضا قاطعا مسألة التوطين بالبلدان التي هم فيها، رغم المغريات المادية مقارنة بما سيكونون عليه في حال عودتهم. في قصيدتها “على أعتاب العودة” ص30، تؤكد على لسانهم قائلة:

روحي بالأرض معلقة // وبي صلابة ألف مقاتل

دقوا.. دقوا طبول حرب // أو ارفعوا راية سلم

فنحن قادمون // عائدون

وأرواحنا سنابل // على أعتابك يا وطني

صدر عار // وبالنبض يقاتل

Print Friendly, PDF & Email

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى