عن رواية “البراني”/ سيدي محمد (X Y)
جائزة مستحقة نالتها رواية (البرّاني) للروائي والصحفي أحمد ولد إسلم، هي جائزة شنقيط للآداب والفنون 2023.
قرأت الرواية فشدتني وبتّ ليلةً لانوم فيها أطوي الدجى في عالم من الإثارة حتى أسلمني آخر حرف منها لضوء الصباح.
تبحث رواية “البراني” إشكالات الهجرة والخصوصية الرقمية بين عالمين: عالم لا يستطيع الحياة من دون الإنترنت، وعالم لم يسمع بها أصلا.
ويعيش بطلها مختور الذي يجسد كل تناقضات أهل المنتبذ القصي بين مكانين متناقضين: مدينة “فيوتسيتي” ذات الأبراج الزجاجية والكتل الخرسانية والبوابات الإلكترونية، ومزرعة نائية بضواحي مدينة “النعمة” لا تزال روضة أنفا.
تعالج الرواية مسألة الوقت الثابت والمتحرك في آن، وكيف يكون الإحساس به هو سر وجوده ووجودنا من خلال مانعيش وننجر.
شور “انترش” أيقونة ابياظ اسروزي فاغو البيظة.
“مايُخَرّصْ” رخو انتماس (الجانبة الكحلة)
و”البراني” الشور الأصيل في بيگي عظال ابتيت الكحلة
ثيمات أصيلة من (أژوان) تتماهى من الرقمنة لتناقش من خلال الرواية إشكالية تمرد الآلة على صانعها
ولتطرح السوال: ماذا سيحدث لو سيطرت الآلة على البشر
رواية لست هنا لدراستها لأنني لا أملك أدوات ذلك، وإنما أكتب هذه الكلمات لأسجل إعجابي بها، لغة وسردا وتقنيات…
تقول رواية (البراني):
“فالموسيقى الموريتانيَّة تتفرَّد عن كلِّ أنواع الموسيقى في العالم بتقسيمها المميَّز، ففيها ثلاث طرق لا تتقاطع إلاَّ نادرًا، وتُسمَّى محلِّيًّا الجوانب أو الطرق، وواحدتها جانبة أو طريق: وهي الجانبة الكحلة أي الطريق السوداء، والجانبة البيظة أي الطريق البيضاء، ثم الطريق العاقر وسُمِّيت بذلك لأنَّها لا تتضمَّن أشوارًا؛ والأشوار هي المعزوفات الموسيقيَّة الفرعيَّة، أحيانًا يُصاحبها غناءٌ وأحيانًا تكون مجرَّد عزفٍ منفرد.
وفي كلِّ طريقٍ من هذه الطرق، خمسة مقامات، تبدأ بالمقام الافتتاحيّ ويُسمَّى مقام كرّ الذي يُعدّ مقام البهجة والفرح؛ ثم تنساق النغماتُ إلى مقام فاقو الحماسيّ المخصَّص للفخر بالمآثر واستذكار الانتصارات والأمجاد؛ صاعدةً إلى مقام لكحال مقام الطرب الصافي، حيث تتحرَّر النفوس من أثقالها وتخفّ الأرواح إلى عالم الوجد؛ ولا تلبث فيه طويلاً قبل أن تترحَّل بها الأشواق إلى مقام لبياظ،
مقام لبياظ، مقام الشجن الباكي على خوالي الأيَّام ومرابع الأنس وذكريات الصفاء؛ ثم تنحدر الأنفس المجهدة إلى مقام لبتيت مقام الاختتام الذي يذكر السامعين بفناء كل شيء، مقام يجمع كل ما سبق ثم يغرقة في دمع الفراق الحتمي لملذات الدنيا”
تعريف جميل، وأضيف أنا للتذكير:
شور (انترشْ):
يروى أن الفنان سيد أحمد ولد آوليل مَطَلَ قينَا يطالبه بأربعين (توسا) من البقر، فألحّ عليه وكان تَحَمَلها منه ثمنا لبعض (الحَبْ الحِرْ). فأتى الفنان سيد أحمد إلى الأمير “سيد أحمد للمختار” وهو سيد أحمد ولد المختار ولد سيد أحمد، و كان من فرسان أولاد امبارك المحنكين، توفي سنة 1839م.
طيّب سيد أحمد تيدنيتو فاسروزي واخبط ردات (انترش) فاتحين اسروزي اتنهول الأمير سيد أحمد وقال له: هذو الردات طاريات !
أجاب ول آوليل: واللهِ وَرَانِ امْسَمّيهم (انترش)على اسم الأضاة النازلين بها في موضع بين النعمة وتمبدغة، وأضاف: وشوهدتولك املي بـ:
سيد أحمد للمخطار :: اعلَ حسان اشريف
استشريفت لفخار :: والقلَّ واتجوريف
بيهَ دگدَگ لصگار :: بالصولات افلخريف
كرمُ سَيلْ اعل الجار :: ؤلا يعط بتجونيف
واكرم من حاس جار :: جمْ إيلَ لگاگِيف
ادّومُ يالقهار :: واتعينُ يالطيف
سيد أحمد مارينَ :: عربي كيفُ فينَ
بالمد امساوينَ :: القوي والضعيف
يعطي ماغنينَ :: صيفُ وساه اخريف
قال له :گول غايتك “مسنون الشور” گالهالو
سكت عنه ساعة ينصت للردات…
ورد عليه قائلا: انت تعرف شمسكتني ؟
قال له: مانللّ
قال له: كنت أنا والشيطان نِدّازو هو اگولي نعطي عشرين توس وانلوح عشرين وانَ هامني نعطي لربعين وصرتك أل اغلبتو بيّ إلّ ماهامني انحظر حد فانترش.
وفعلا كتب التاريخ الشور باسمه فأصبح يعرف بـ “انترش سيد أحمد للمخطار” ابياظ اسروزي فاغو البيظة
ما يخرّصْ:
مايُخَرّصْ هو رخو انتماس (الجانبة الكحلة)، ويسمى سيني كر، و(خُبِطَ) للأمير هنون ولد بوسيف.
ومن أشوار مايخرّص الزمنية أشواره المعروفة (بتايات ما يخرص الستة):
( التحرار ، اتوكويك ، اتلاگيط ، اتغاميس ، اتفركيس ، و اتناعيت).
وسميت بالتايات لأن كل شور يبدأ اسمه بحرف التاء:
اتوكويك: ابلا شاهد
اتلاكيط: ابلا شاهد
اتغاميس: ابلا شاهد
التحرار: شاهده (يلا عندي آنا وحدي)
اتفركيس: شاهده (يوگي بوليدْ اندموگي)
اتناعيت، شاهده: (هنّون ألا هنُّون :: أسكي مغلظ هنون)
يقول فيه انبيط ول حيبلَ:
ظَنَّيْن فِيه اْليَمْ :: گَبْل اِحَسَّنْ لِگْرُون
ءُحَسَّنْ لِگْرُون ءُ تَم :: إِعْل ذَاكْ الْمَظْنُون
إِغْسِل فَات الْصِگْرَه :: مِن تِفْخَام الْشِعْرَه
سَغْنايْ اِعْرَب ژَبْرَه :: وِمْحاصِرْ بُوعَبُّون
كِيفْ اِغْسِيل الْوَزْرَه :: الْبِيظَه بِالْصَابُون
وهناك (اتناعيت) أهل همّد فال (دانَ دانت):
اتْحَمَيتُو ظرك ؤُغزيت : هاذ الشورْ ءُ هاذي دانت
ماخنت انتَ، والتدنيت :: ماخانتْ، وأيَّ ما خانت
وهناك (اتتناعيت أهل أيده) وشاهده (زارت عليُ على شط النوى سحرا)
فالهولْ اعرفنَ صِيفتكمْ :: مافيكمْ ماهِ نُوّارَ
والشعرَ ماهمْ كيفتكمْ :: وانتومَ كيفْ الشعارَ
وفي مقابل (اتتناعيت أهل أيده) وشاهده (زارت عليُ على شط النوى سحرا) في مدرسة تگانت، فإننا نجد عند مدرسة أهل الحوظ شورا يسمى (انحيو) يشوهد هو الآخر بـ (زارتْ عُليُ).
البراني
من أشوار بيگي عظال ابتيت الجانبه الكحلة.
يقول العلامة السالك ولد الحاج الغلاوي، مخاطبا أحمد ولد بوبَّ جدّو:
واخبط (رِتْفَدْ – مانِ عانِ :: يَاحْمدْ – مَحْصَرْ) ، و(البرَّانِ)
واخبطْ (لِلْـواگِ) ورَانِ :: نعرفْ عن ذَ لكحال اگبالْ
وشاهد البرّاني هو : عينيَّ يَ گلبِي
ومن گيفانه:
فوگ التخمام اركبتْ :: نافِدْ سِبّتْ طَربِي
وامنينْ ابْطَ جَلّبتْ :: وارْكبتْ اعلَ گلبِي
عينيَّ يَ گلبِي.
كامل الود
من صفحة الكانب على الفيسبوك