ثقافة وفنموضوعات رئيسية
سَمَرْقِيا – الفصل الأول: مدينة الرمل والماء /كبرياء رجل

سَمَرْقِيا… لؤلؤة عالقة بين أنياب الصحراء وابتسامة البحر. مدينةٌ تبدو من بعيد كأنها أسطورة، ومن قريب كأنها لعنةٌ ترفض أن تبرح. على أرصفتها، تتقاطع الأحلام المكسورة مع الضحكات الجوفاء، وعلى جدرانها تتراكم قصصٌ من خديعةٍ قديمة تتوارثها الأجيال.
كانت شوارع سَمَرْقِيا تضجُّ بحياةٍ صاخبة، لكنها حياةٌ تشبه حفلة تنكرية، حيث يلبس الجميع أقنعة لامعة تخفي وجوهًا أنهكها الطمع. رجالٌ يلهثون خلف المال ككلابٍ ضالة، ونساءٌ يصطففن على ناصيات الزمن يبعن وهمًا مغلفًا بشيءٍ من الحياء المصطنع. ومع كل صباح، كانت المدينة تستيقظ على وقع خطوات المزيفين وتُغني للنفاق كأنه نشيدها الوطني.
وسط هذا المسرح العبثي، ظهرت شخصيات متعددة، كلٌّ منهم يحمل لونًا خاصًا في لوحة الفساد:
سرحان: الموظف الذي أصرّ أن يكون شريفًا في مدينة تكره الشرفاء. كان وجهه دائم العبوس، وكأنه اعتذر للحياة منذ ولادته، لكنه يحتفظ بروحٍ ساخرة تُطلق تعليقات لاذعة تسخر من كل شيء، حتى من نفسه.
سُهى: الصحفية التي تحاول أن تقتلع الحقيقة من بين أنياب الكذب. قلبها كبير، لكن عيناها مليئتان بالخذلان. لم تعد تكتب إلا وهي تبتسم ساخرةً، إذ عرفت أن ما يُنشر في سَمَرْقِيا ليس للحقيقة مكان فيه إلا إذا صيغ بماء الذهب.
صالحان: الذي أصبح رمزًا للواجهة المزيفة. يجيد التحدث بلغةٍ تجذب الجميع، حتى أنه اخترع جمعية خيرية أسماها “أيادي سَمَرْقِيا”، كانت في حقيقتها تجمع التبرعات لصالح حسابه الخاص. ومع ذلك، لا أحد تجرأ على فضحه، بل ظلوا يصفقون له كلما صعد إلى المنصة.
أمّ الخير: امرأة خمسينية، معروفة بين الجميع بأنها “ملاك الرحمة”، لكنها في الحقيقة سيدة صفقات، تدير شبكةً من المصالح لا تخطر ببال الشيطان ذاته. تجيد البكاء في المناسبات العامة، وتوزع الابتسامات كأنها تبيع سلعة رخيصة.
الطبيب عدنان: طبيب مشهور بعيادته الراقية، يبيع التشخيصات كما تُباع التذاكر، ويصف الدواء على مقاس الجيب لا على مقاس المرض. يطلق على نفسه لقب “ضمير المدينة” بينما يضحك في سرّه على كل مريض.
رغم هذا المشهد المظلم، كان هناك أيضًا وجوهٌ مضيئة؛ رجال ونساء يمشون في هدوء، يعملون دون ضجيج، يخيطون قلوب الناس المثقوبة بصدقهم. منهم العم صالح، ذلك النجار العجوز الذي لم تُفسده الحياة، والذي كان إذا دخل السوق، تسبق سمعته الطيبة خطواته.
لم يكن الدين في سَمَرْقِيا أداةً للتلاعب، بل كان في قلوب أهل الصدق مصباحًا ينير عتمة الطريق، وإن حاول بعضهم استغلاله للزينة أو التجارة. المدينة كانت مادية حتى العظم؛ تُقدّس الثراء وتطرب لأصوات النقود، حتى لو كانت ملوثة بالدماء. كانوا يطبلون لكل غني، يرفعونه إلى مصاف القديسين، ويغفرون له كل خطيئة بشرط أن لا يجف ماله.
وفي ليلةٍ هادئة، وبينما البحر يهمس بحكاياته القديمة، كانت سَمَرْقِيا تتهيأ لفصلٍ جديد من فصول الخداع. اجتمع سرحان وسُهى وعدنان وأمّ الخير في مقهى صغير، حيث تدور الأحاديث الجانبية حول صفقات قادمة، وحول كيف أن المدينة، رغم كل ما مرت به، ما زالت تتقن لعبة التظاهر.
وفي زاوية المقهى، جلس العم صالح، يراقب الجميع بصمتٍ مؤلم، ثم ابتسم بحكمة وقال لنفسه: “كل هذا الضجيج… وفي النهاية، لن يبقى إلا صوت الحقيقة”.
سَمَرْقِيا، تلك المدينة التي تعرف كيف تضحك حتى وهي تبكي، تفتتح حكايتها هنا، على إيقاع الكوميديا السوداء، حيث يصبح كل شيءٍ ممكنًا إلا الصدق.
(يتبع في الفصل الثاني)
المصدر: الفيسبوك – صفحة – كبرياء رجل.
كانت شوارع سَمَرْقِيا تضجُّ بحياةٍ صاخبة، لكنها حياةٌ تشبه حفلة تنكرية، حيث يلبس الجميع أقنعة لامعة تخفي وجوهًا أنهكها الطمع. رجالٌ يلهثون خلف المال ككلابٍ ضالة، ونساءٌ يصطففن على ناصيات الزمن يبعن وهمًا مغلفًا بشيءٍ من الحياء المصطنع. ومع كل صباح، كانت المدينة تستيقظ على وقع خطوات المزيفين وتُغني للنفاق كأنه نشيدها الوطني.
وسط هذا المسرح العبثي، ظهرت شخصيات متعددة، كلٌّ منهم يحمل لونًا خاصًا في لوحة الفساد:
سرحان: الموظف الذي أصرّ أن يكون شريفًا في مدينة تكره الشرفاء. كان وجهه دائم العبوس، وكأنه اعتذر للحياة منذ ولادته، لكنه يحتفظ بروحٍ ساخرة تُطلق تعليقات لاذعة تسخر من كل شيء، حتى من نفسه.
سُهى: الصحفية التي تحاول أن تقتلع الحقيقة من بين أنياب الكذب. قلبها كبير، لكن عيناها مليئتان بالخذلان. لم تعد تكتب إلا وهي تبتسم ساخرةً، إذ عرفت أن ما يُنشر في سَمَرْقِيا ليس للحقيقة مكان فيه إلا إذا صيغ بماء الذهب.
صالحان: الذي أصبح رمزًا للواجهة المزيفة. يجيد التحدث بلغةٍ تجذب الجميع، حتى أنه اخترع جمعية خيرية أسماها “أيادي سَمَرْقِيا”، كانت في حقيقتها تجمع التبرعات لصالح حسابه الخاص. ومع ذلك، لا أحد تجرأ على فضحه، بل ظلوا يصفقون له كلما صعد إلى المنصة.
أمّ الخير: امرأة خمسينية، معروفة بين الجميع بأنها “ملاك الرحمة”، لكنها في الحقيقة سيدة صفقات، تدير شبكةً من المصالح لا تخطر ببال الشيطان ذاته. تجيد البكاء في المناسبات العامة، وتوزع الابتسامات كأنها تبيع سلعة رخيصة.
الطبيب عدنان: طبيب مشهور بعيادته الراقية، يبيع التشخيصات كما تُباع التذاكر، ويصف الدواء على مقاس الجيب لا على مقاس المرض. يطلق على نفسه لقب “ضمير المدينة” بينما يضحك في سرّه على كل مريض.
رغم هذا المشهد المظلم، كان هناك أيضًا وجوهٌ مضيئة؛ رجال ونساء يمشون في هدوء، يعملون دون ضجيج، يخيطون قلوب الناس المثقوبة بصدقهم. منهم العم صالح، ذلك النجار العجوز الذي لم تُفسده الحياة، والذي كان إذا دخل السوق، تسبق سمعته الطيبة خطواته.
لم يكن الدين في سَمَرْقِيا أداةً للتلاعب، بل كان في قلوب أهل الصدق مصباحًا ينير عتمة الطريق، وإن حاول بعضهم استغلاله للزينة أو التجارة. المدينة كانت مادية حتى العظم؛ تُقدّس الثراء وتطرب لأصوات النقود، حتى لو كانت ملوثة بالدماء. كانوا يطبلون لكل غني، يرفعونه إلى مصاف القديسين، ويغفرون له كل خطيئة بشرط أن لا يجف ماله.
وفي ليلةٍ هادئة، وبينما البحر يهمس بحكاياته القديمة، كانت سَمَرْقِيا تتهيأ لفصلٍ جديد من فصول الخداع. اجتمع سرحان وسُهى وعدنان وأمّ الخير في مقهى صغير، حيث تدور الأحاديث الجانبية حول صفقات قادمة، وحول كيف أن المدينة، رغم كل ما مرت به، ما زالت تتقن لعبة التظاهر.
وفي زاوية المقهى، جلس العم صالح، يراقب الجميع بصمتٍ مؤلم، ثم ابتسم بحكمة وقال لنفسه: “كل هذا الضجيج… وفي النهاية، لن يبقى إلا صوت الحقيقة”.
سَمَرْقِيا، تلك المدينة التي تعرف كيف تضحك حتى وهي تبكي، تفتتح حكايتها هنا، على إيقاع الكوميديا السوداء، حيث يصبح كل شيءٍ ممكنًا إلا الصدق.
(يتبع في الفصل الثاني)
المصدر: الفيسبوك – صفحة – كبرياء رجل.