المذرذرة.. الأسماء ذات الدلالات التضاريسية والتاريخية والاجتماعية
ورقة تعريفية موجزة
تعتبر المذرذره عاصمة إدارية لإحدى أهم مقاطعات البلاد من حيث البعد التاريخي والثقافي. وقد عرفت بأنها ظلت العاصمة الرمزية لمنطقة إكيدي التي شكلت أنصع نموذج للتعاطي البناء بين ثقافتي المحصر وأولاد ديمان أو “اتمحصير” و”الديمين”.
وعرفت المدينة بثلاثة أسماء أساسية لها دلالاتها التضاريسية والتاريخية والاجتماعية.
1- “المذرذره”: هو الإسم الأكثر تداولا. وكلمة “المذرذره”، التي ترجمها الأدباء بـ”ذات التساقط”، يعيدها المؤرخون إلى ما عرفه “محفرها الأول من تهدم سريع” ناتج عن ليونة التربة.
2- “الصنكه”: وهو الإسم الثاني من حيث الشهرة. وقد أطلق على البلدة بعد أن تحولت إليها مفرزة المستعمر، في بدايات القرن العشرين، من قرية “اخروفه”.
3- “انذيكرتن”: وهو أقدم أسماء البلدة وأقلها شهرة بسبب قدمه وصعوبة لفظه. ويعني بالبربرية “بئر ذيكرتن”، وهم بطن من قبيلة انكادس.
ومعروف أن المذرذره شكلت مرجعية سياسية وعلمية لساكنتها، فكانت عاصمة لإمارة الترارزه المغفرية التي تربع على عرشها 24 أميرا وطدوا السلطة السياسية التروزية في المجال المعروف حاليا منذ 1631م عبر سلسلة من الحروب مع الجيران والغزاة، كما وقعوا اتفاقيات للتبادل التجاري مع لبروسيين (الألمان) سنة 1685م و1689م، ومع الفرنسيين سنة 1785، وكذا مع الهولنديين والإسبان في فترات مختلفة، فضلا عن حروبهم ضد فرنسا لصدها عن احتلال المنطقة منذ 1853م إلى أن تم بسط النفوذ الاستعماري على كافة أرجاء البلاد في بداية القرن العشرين.
أما من الناحية العلمية والدينية والروحية فقد شكل إنتاج علماء المذرذره أكبر رافد علمي في منطقة الساحل والصحراء بأسرها، فأنجبت أكبر عدد من العلماء والشعراء، وكانت مأوى للدارسين الباحثين عن أكبر وأشهر علماء موريتانيا على الإطلاق. وكانت القبائل المنضوية في حلف تشمشه، أو تلك التي التحقت به، تمثل المرجع الأول والرافد الحقيقي لجميع العلوم المتداولة حينها من فقه وسيرة ونحو وعروض وبيان وشعر ومنطق وتاريخ وفلك وأسرار. ولعل العلماء الأجلاء الشيخ محمد اليدالي، ومحنض بابه ولد اعبيد، وعم الأمين ولد نختارو ولد أحمد شينان، ومحمذن ولد أحمد ولد محمد العاقل، ووالد ولد خالنا، والأمين ولد الماح ولد الحسن دوبك، ومحمذن بابه ولد داداه، والبراء ولد بكي، وأحمد ولد احبيّب، ومحمد سالم ولد ألما، يمثلون نموذجا مصغرا جدا لآلاف آلاف العلماء الإكيديين الذين تركوا بصماتهم على الانتاج الديني والعلمي والثقافي والأدبي في المنطقة كلها.
وقد شكلت مدينة المذرذره، من الناحية الديمغرافية، مثالا حيا للتعايش بين مجموعات وأسر، من أعراق وفئات وجهات شتى، عاشوا ويعيشون في وئام وتناغم قل له نظير.
من انتاج اللجنة الاعلامية لمهرجان العلك في المذرذرة
من صفحة المختار ولد عيدلها على الفيسبوك
Moctar Aidelha
تعليق واحد