المرأة السودانية تجاوزت المطالبة بالمساواة في القوانين والتشريعات
الخرطوم -سونا- الناظر للتشريعات والقوانين السودانية يجد انها وقفت كلها إلى جانب المرأة والرجل على حد سواء ولم تفضل أيا منهما على الآخر. وبالتالي فإن المرأة السودانية لا تقف على أرضية المطالبة بالمساوة في القوانين والتشريعات بل في طريق تفعيل هذه القوانين والحد من الممارسات والمفاهيم الاجتماعية التي تنظر إلى المرأة بصورة مختلفة عن الرجل.
فقد نالت المرأة السودانية ومنذ فجر الاستقلال(1956) كافة الحقوق التي كفلها الدستور بمساواة تامة مع الرجل اذ تضمن الدستور الانتقالي لعام 1994م والدستور الدائم لعام 1973م ثم دستور عام 1988 الحقوق وأوضح الواجبات تجاه المرأة والرجل على حد سواء.
وتمنح قوانين العمل المرأة المساوة التامة في الأجور وتقلد المواقع بالإضافة إلى العديد من الامتيازات الأخرى كإجازة الوضع (الولادة) وإجازة الأمومة وساعات الرضاعة .وفي المجال السياسي والتشريعي تقلدت المرأة العديد من المناصب وسبقت العديد من البلدان العربية والافريقية في مجال القضاء والانضمام للمحكمة العليا ورئاسة المؤسسات وتقلد الوزارات حتى في المجال العسكري و الشرطي مما يراه الناس حصرا على الرجال، ارتادته المراة السودانية و بلغت فيه الذرة و السنام
وقد جنبت التشريعات السودانية في مجال المرأة الانغماس في نفس الزاوية التي ولجتها المرأة الغربية والتي خرجت مطالبة بالندية والمساواة مع الرجل والدعوات النسوية فخسرت قضيتها وخسر المجتمع من بعدها ولا تزال المرأة الغربية ترفع حاجبيها دهشة عندما تعلم بأمر الأجر المتساوي للعمل الذي استحقته المرأة العاملة السودانية منذ عقود من الزمان . ففي النرويج مثلا تعاني حتى النساء اللائي يعملن في سلك الشرطة من الفوارق في المرتبات ومن الاضطهاد.
تقول إحدى مساعدي المدير العام لوكالة السودان للانباء لشئون التحرير د. فكرية أبا يزيد في ورقه (حول دور المراة فى الاعلام ) ، ان المراة السودانية شكلت حضوراً مميزاً فى الصحافه النسويه فى الوقت الذى لم تستطع المراة فى كثير من دول العالم الثالث وبصفه خاصة فى العالمين العربى والافريقى الوصول للمواقع القياديه وسبقت السودانية غيرها من النساء في كثير من الدول في الحصول على حقوقها كاملة وبلغ عمر تجربتها أكثر من 60 عاماً.
وتضيف، فبدأت كمعلمة في الخلاوي الى أن اكتسبت حقها في التعليم النظامي بجهود الرواد من النساء والرجال، أمثال حاجة كاشف والشيخ بابكر بدري ثم التمريض والضيافة وغيرها. وفى مجال الصحافة النسوية صدرت اول مجلة نسويه فى السودان عام 1946وهى مجلة بنت الوداى لصاحبتها ومالكة امتيازها تكوى سركسيان بمعاونة اختها زروى سركيسان وهى مجلة ادبيه نسائية شهرية اجتماعية اخبارية شاركت في تحريرها نخبة من الكتاب السودانيين.
وجاءت بعدها في يوليو 1955 مجلة صوت المراة وصاجبه الامتياز والناشر ورئيس التحرير كانت الاستاذه فاطمة احمد ابراهيم وفى نفس العام في ديسمبر 1955 صدرت مجلة المنار لصاحبتها ورئيسة التحرير والناشر الاستاذ سعاد الفاتح البدوى وهى مجلة شهرية نسائية ثقافية تهتم بشئون المراة، وقد تراست تحريرها الاستاذة ثريا امبابى ثم الاستاذة سعاد الفاتح .
وتستطرد قائلة د. فكرية ان المرأة السودانية شاركت في الإذاعة وكانت فاطمة طالب أول من عملن في الإذاعة السودانية وكان منهن السيدة عمايم آدم التي قدمت قصص الأطفال التعليمية ، وفي عام 1956 ظهرت المذيعة محاسن عثمان كأول مذيعة متعاونة في تقديم البرامج الإذاعية وغيرها من الإعلاميات اللاتي نافسن الرجال في مجال الإبداع بل بدأت المذيعة السودانية تجد طريقها للشهرة من خلال العمل في الفضائيات العربية كذلك ظهرت أول فنانة سودانية عائشة موسى الفلاتية التي ظهرت في مجال الغناء سنة 1942 و التي اسست مع اخرين فرقة الفنون الشعبية ومن أبرزهن الممثلة آسيا محمد توم في عام 1965
“الإذاعة والتلفزيون شهدا ومنذ بداية إرسالهما مشاركة واسعة من الكوادر الإعلامية النسوية في الأخبار وبرامج الأطفال والمرأة ، ونحن من المشاهدين بالسودان لا نجهل رجاء أحمد جمعية، عفاف صفوت، ماما صفية، سكينة عربي، وحبوبة فاطمة، والي آخر القائمة من الرائدات في هذا المجال، وهنالك قائمة بارزة لمشاركات في مجالات أخري تمت للإعلام بصلة مثل المشاركة في الدراما وفي الفن والسينما.” كما تقول د فكرية
وللمرأة الأكاديمية بصماتها في كليات الإعلام حيث تعمل العشرات في المؤسسات التعليمية العليا والتي تستوعب وتخرج المئات من الطالبات في كليات الإعلام المختلفة بكل من الجامعات الحكومية والأهلية.
و اشار تقرير صادر عن اتحاد الصحفيين السودانيين ان عدد الصحافيات في السودان قد تجاوز الفين وخمسمائه من ضمن سبعه الآف صحفى فى الفترة من 93- 2014 بل ووفقا لاخر احصائيات متوفرة، بلغ عدد الطالبات المقبولات بجامعة امدرمان الإسلامية للعام 2001 -2002م مائة وخمسين طالبة بكلية الإعلام مقارنة بمائة وخمسة طالب.جامعة القران الكريم (252) طالبة مقارنة ب (251) طالبا.جامعة وادي النيل (42) طالبة مقارنة ب (21) طالبا.حامعة الجزيرة (39) طالبة مقارنة ب (21) طالبا.أما الجامعات الأهلية للعام 2002 – 2003م.جامعة امدرمان الألية (61) طالبة مقارنة ب (50) في مستوي البكالريوس.كلية الخرطوم التطبيقية (59) طالبة مقارنة ب (32) طالبا.- كلية السودان الجامعية للبنات (55) طالبة.
وتعكس هذه الأرقام مدى إقبال المرأة علي هذه النوعية من الدراسة بكل تخصصاتها ويظل هناك جانب آخر لم تتوفر المعلومات حوله هو مستوي القبول بالكليات المختلفة في مستوي الدبلومات الوسيطة.، ما تعكس هذه المشاركات وعددية الدراسات الإعداد المتوفرة الان من المتخصصات في مجال الإعلام وهي أعداد كبيرة بلا شك.
كما اشرت سابقاً، والحديث لدكتور فكرية، لا يوجد في القانون أو التشريع ما يمنع عمل المرأة أو التمييز ضدها في ميادين الإعلام وضروبه إلا ان الملاحظ هو عدم توفر المعينات المناسبة التي تتيح للإعلامية أداء رسالتها بيسر وسهولة. إضافة إلى النظرة الحمائية للمجتمع للمرأة.
فالمجتمع السوداني مجتمع أبوي لا يزال ينظر بعين الحماية والرعاية للمرأة السودانية وهو امر يحمد عليه فالشارع السوداني لا يزال وحتى اليوم على استعداد لحماية المرأة السودانية اينما كانت وكيفما كانت ولسان حالنا الشعبي لا يزال يتغني حتى الآن بمدحة “أخوان فاطمة” إكراماً للمرأة السودانية . ونعلم أن كثيراً من المجتمعات لا تعطي المرأة هذه المكانة .
ورغما عن وجود العشرات من رئيسات التحرير خلال السنوات الماضية وتقلد إعلامية لمنصب مستشار الإعلامي بإكثر من سفارة ( المانيا و كينيا مثلا) وتقلد أمرأة لمنصب مدير وكالة السودان للأنباء وتقلد العديد من السيدات لمناصب ومواقع اتخاذ القرار كمديرات لمكاتب الإعلام ومسئولات في وظائف قيادية بأجهزة الإعلام ومديرات لإدارات رئيسة في وزارة الإعلام ووجود نساء عميدات لكليات إعلام إلا أن كل ذلك لا يتسق والخطوات الفعلية التي ولجتها المرأة منذ أكثر من نصف قرن في مجال الإعلام .
ولا تزال الشكاوي ترفع من قبل الإعلاميات لعدم إتاحة الفرص لديهن في التغطيات الخارجية والداخلية وحتى إذا تم ذلك عدم وجود البيئة الملائمة من سكن ووسائل حركة ووسائل اتصال تيسر مهامهن .
ولعله لأسباب عديدة إضافة تفضل الكثيرات رغم دخولهم مجال الاعلام الابتعاد عنه بعد مواجهة العديد من العقبات من هذه الشاكله أو القبول بوظائف بعيدة عن التغطيات التي تتطلب الكثير من الحركة والمعينات التي قد لا تتوفر
لا يمكن الحديث عن المرأة والإعلام بالاقتصار على وجودها في ميادين العمل الإعلامي فقط فهنالك الصورة التي تعكسها أجهزة الإعلام عن المرأة وهي قضية صارت شائكة اليوم، حيث برزت العديد من المنظمات على مستوى العالم تطالب بتغيير صورة المرأة في الإعلام وتصحيح المفاهيم الواردة بشأنها ومعالجة طرق استغلالها في الإعلان والدعاية وتصويرها كعنصر إغراء.
نحمد الله أن أجهزة الإعلام السودانية لم تنحدر إلى نفس المستوى الذي وصلت إليه وسائل إعلام غربية وعربية في عكسها لصورة المرأة، إلا اننا وبالمقابل نلاحظ أن المساحة المتاحة لقضايا المرأة ليست كافية مقارنة بأدوارهن وتشعب قضاياهن.
وكما هو معلوم فإن الفضاء اصبح مساحة ملأى بكل ما يحدث من حولنا في العالم ومع توفر وسائل الاتصال الحديثة والتقنيات العصرية فإن البلاد ليست بمعزل عما يجري حولها. والامر هنا يحتاج إلى دراسة مفصلة ورصد أكثر دقة لدراسة الصورة التي تعكس عن المرأة السودانية في الإعلام.
وبنظرة سريعة حول وجود صفحات مخصصة للمرأة وقضاياها في الصحف في ثلاث صحف شاملة يومية من أصل ثلاثة عشر صحيفة، نجد أن كل صحيفة تنشر خلال أسبوع صفحة واحدة مخصصة للمرأة وقضاياها مقارنة بستة وثمانين صفحة هي عدد صفحات الصحيفة لأسبوع. ومقارنة مع الصفحات الرياضية نجد أن الصفحات الرياضية على الاقل تصل إلى اربعة عشر صفحة في الاسبوع وهي من الصفحات الراتبة التي تصدر بانتظام في الصحف السودانية.
أما في الإذاعة فيوجد برنامجان فقط للمرأة باسم نافذة وهو برنامج أسبوعي وملتقى العائلة وكان يبث بصورة يومية وتم تحويله إلى مرتين أسبوعياً .وفي التلفزيون لا يوجد برنامج راتب باسم المرأة حتى اليوم ولكن يوجد برنامج باسم ملتقى العائلة تستضاف فيه احياناً بعض النساء.
وتقول عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الصحفيين السودانيين، سعيدة همت :التحديات أمام المرأة الأعلامية السودانية تظل كثيرة ولإنجاح رسالتها في المجتمع فهي مطالبة بأن تكون ذات كفاءة ومقدرات حتى تستطيع المنافسة وإيجاد موطىء قدم في مجال لا تزال العادات والتقاليد والأعراف تقف دون تقدم المرأة.
و تشير الى الحاجة الملحة في تأهيل الأدوار الاجتماعية للنساء التى لم يواكبها تطور في الخطاب الإعلامي الذي ظل في جزء كبير منه مقصرا في متابعة هذه المتغيرات لابد من، بلورة إستراتيجية إعلامية تعتمد مقاربة النوع الاجتماعي بهدف الارتقاء بصورة النساء في مختلف وسائل الإعلام ووسائط الاتصال، النهوض بوضعية النساء الإعلاميات وإشراكهن في صنع القرار، انطلاقا من مقاييس شفافة تعتمد على الكفاءة المهنية وتكافؤ الفرص.
و تؤكد سعيدة همت ضرورة إدراج قضية المرأة ضمن القضايا التي تجرى مناقشتها فى المجتمعات بشكل منتظم من اجل رفع مستوى الاجتماعي والثقافي، تكريس ثقافة إعلامية لضمان حق النساء في التعبير والدفاع عن قضاياهاومعالجتها بموضوعية ومهنية، تطوير التشريعات الخاصة بمشاركة المراة فى الحياة العامة ، تفعيل التواصل والتعاون بين وسائل الإعلام المختلفة والجمعيات النسائية وكل هيئات المجتمع المدني التي تعنى بقضايا النساء.
و في هذا الخصوص تنوه الى اهمية الاستزادة في تمكين النساء و أسماع أصواتهن وكسر الحاجز النفسي تمهيداً لخلق علاقة مبنية على التعاون ,وخلق كوادر إعلامية في المنظمات التطوعية .دعم النساء اللاتي تفتقرن إلى الخبرة في التعامل مع وسائل الإعلام ليستفدن ويصبحن اكثر خبرة ومهارة في التعامل مع وسائل الإعلام .
و تشير كل من فكرية و سعيدة الى اهمية ممارسة حرية الرأي والتعبير علناً وأمام الجماهير ليصل صوت النساء وقضاياهن لكافة فئات المجتمع واهمية تقاسم المعرفة والخبرة بين و مع النساء اللائي مازلن في بداية طريق للتعبير عن آرائهن في العلن و ان ذلك سيتاتي بوضع منهج تدريبي الزامي تخضع له أية إعلامية وتتدرج فيه حتى تصل إلى المستوى المطلوب مع إلزام المؤسسات الإعلامية كافة بإتاحة الفرص أمام المرأة في التغطيات وتحمل كافة المتطلبات المتعلقة بمشاركتها.
17 تعليقات