“ليست النهاية”.. استمرار مشاعر الولاء للدولة الإسلامية رغم الهزيمة
محافظة دير الزور (سوريا) (رويترز) – سافرت المرأة الجزائرية قبل أربع سنوات إلى دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية ولم تقرر الرحيل عن آخر معقل محاصر للتنظيم إلا بعد أن أصيبت ابنتها برصاصة في ساقها.
قالت المرأة ”ما ندمت. ولا حتى الآن… ولو لم تصب ابنتي لبقيت“. كانت المرأة ترتدي نقابا كاملا وكانت ابنتها ذات التسعة عشر ربيعا ممددة أمامها على حشية عاجزة عن المشي.
وعند حاجز أمني تديره القوات المدعومة من الولايات المتحدة على مسافة 30 كيلومترا من آخر معاقل التنظيم في قرية الباغوز الواقعة على نهر الفرات تحدثت المرأة عن ثقتها في التنظيم الذي سيطر في فترة من الفترات على مساحة كبيرة من الأرض في سوريا والعراق.
قالت المرأة التي خرجت في النهاية مع من خرجوا من الباغوز مساء يوم الاثنين ”حتى إذا كنت هنا لأني لا أملك خيارا آخر. فما زلت مؤمنة وأعرف أن هذه ليست النهاية“.
وتبرز مشاعر الولاء للدولة الإسلامية بين النازحين الخطر الكامن الذي لا يزال التنظيم يمثله رغم الهزيمة على الأرض.
كان المتشددون قد أعادوا قبل أعوام قليلة رسم خريطة المنطقة بإعلان قيام دولة الخلافة التي كانت مساحتها تعادل تقريبا ثلث مساحة العراق وسوريا.
غير أن هذه المساحة تقلصت إلى الباغوز، التي تمثل مجموعة من التجمعات السكنية الريفية الصغيرة وأرضا زراعية، وذلك منذ هزيمة المتشددين عام 2017 في معظم الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم.
وتكيف التنظيم مع الأمر وشن سلسلة هجمات في سوريا في الآونة الأخيرة على غرار حرب العصابات.
وتقول قوات سوريا الديمقراطية الشريك الرئيسي في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الدولة الإسلامية في سوريا إنها تريد التأكد من خروج جميع المدنيين من الباغوز قبل أن تشن هجوما نهائيا لبسط سيطرتها عليها.
وقد فاقت أعداد النازحين التقديرات الأولية لقوات سوريا الديمقراطية ولم تبد في الأفق أي بادرة على انتهاء النزوح يوم الثلاثاء عندما انطلقت عشرات الشاحنات من الباغوز على الطرق الترابية وعلى متنها أعداد إضافية.
وقال أحد المتطوعين للمشاركة في تقديم الرعاية الطبية عند الحاجز الأمني إن النازحين عن الباغوز في الأيام الأخيرة أبدوا ولاء أكبر صراحة للدولة الإسلامية ممن خرجوا من قبل.
* رصاص وقذائف المورتر
كانت كل النساء عند الحاجز الأمني يرتدين النقاب وتغطيهن الملابس السوداء من الرأس إلى القدمين.
ولم يتسع عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الخيام في الأرض الصحراوية لكل من تجمع هناك. وكانت طائرات حربية تابعة للتحالف تحلق في السماء.
وكان بعض الأطفال يبكون وقد غطت الأوساخ وجوههم.
وقالت المرأة الجزائرية إن الاشتباكات بالأسلحة النارية ومدافع المورتر كانت في الفترة الأخيرة أكثر من الغارات الجوية.
وفي وقت سابق أثناء الحرب سقط زوجها واثنان من أولادها قتلى.
وقالت إنها لا رغبة لديها للعودة إلى الجزائر التي خاضت فيها الحكومة حربا أهلية مع الإسلاميين في التسعينيات.
قالت المرأة التي عاشت في فرنسا لفترة من الوقت ”لا يمكن أن أعود إلى من لا يحبونني ولا أحبهم“.
وسئلت عن سبب سفرها إلى سوريا فقالت ”هذا ما أؤمن به… قوانين ربنا“.
ويتم نقل الخارجين من الباغوز إلى معسكر للنازحين في مدينة الحول قرب الحدود العراقية.
وتريد قوات سوريا الديمقراطية من الحكومات الأجنبية المساعدة في إعادة مقاتلي الدولة الإسلامية إلى بلادهم وتقول إن عبء احتجازهم يتزايد.
وقال عدنان عفرين المسؤول بقوات سوريا الديمقراطية إن قوافل المدنيين من الباغوز كان فيها عدد متزايد من المتشددين الذين استسلموا. وأضاف أنه يتم تفتيشهم بحثا عن أي قنابل أو ألغام قبل السماح لهم بمواصلة رحلتهم.
وتقدر قوات سوريا الديمقراطية أن حوالي 30 ألف شخص رحلوا عن الباغوز. وهي تهدف للقضاء على المقاتلين الباقين أو إجبارهم على الاستسلام وتقول إنهم حفروا أنفاقا دفاعية.
ويقول عفرين إن عدد المقاتلين الباقين كبير.
ويضيف ”نعرف من المدنيين الذي خرجوا أن هناك عددا كبيرا أغلبهم جهاديون أوروبيون وآسيويون“.