الصين تسعى لتحسين صورة مبادرة الحزام والطريق وترد أيضا على المنتقدين
وجعل الرئيس الصيني شي جين بينغ من مبادرة الحزام والطريق أحد ركائز إدارته. لكنها واجهت معارضة في بعض الدول بسبب مخاوف من أن تؤدي ترتيبات التمويل غير الواضحة إلى ديون لا يمكن سدادها وأن المبادرة معنية بالترويج للنفوذ الصيني أكثر من اهتمامها بتحقيق التنمية.
وردت الصين بشكل غاضب في بعض الأحيان على مثل تلك الشكوك واعتادت أن تصور منتقديها على أنهم متحاملون على الصين ويريدون احتواء صعودها ويتجاهلون في ذات الوقت ما تصفه بكين بالنوايا الطيبة الحقيقية.
وتهدف مبادرة الحزام والطريق لإحياء طريق الحرير لربط الصين مع آسيا وأوروبا ومناطق أخرى أبعد من ذلك من خلال مشروعات ضخمة للبنية التحتية.
وقال شي يوم الجمعة لزعماء أجانب، من بينهم حلفاء مقربون مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إن المبادرة يجب أن تكون صديقة للبيئة ومستدامة وأضاف أن الخطة ستحقق أيضا نموا ”عالي الجودة“ للجميع.
وخلال لقاء مع رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس قال شي إن المبادرة تتعلق بالترويج للتعاون الدولي الذي يحقق فائدة مشتركة للجميع وليس ”أنت تخسر وأنا أفوز“ وذلك وفقا لبيان من وزارة الخارجية الصينية.
ونقلت الوزارة عن شي قوله ”يجب أن نشرح هذه النقطة للعالم… لنحصل على قدر أكبر من التفهم والدعم“.
وتحرص الصين على إثبات أن الحزام والطريق تحظى بالقبول حتى في دول غربية ولا سيما بعد أن أصبحت إيطاليا أول دولة من مجموعة السبع الصناعية الكبرى توقع على المبادرة الشهر الماضي.
كما حضر قمة المبادرة في بكين وزير المالية البريطاني ووزير الخارجية الفرنسي ووزير الاقتصاد الالماني.
وذكرت تلك الدول الصين بضرورة تطبيق معايير مرتفعة من الشفافية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أمام القمة إن نجاح مشروعات الحزام والطريق ”سيعتمد على إصرارنا على الوفاء بالتزاماتنا… التزامنا بالانفتاح والتزامنا بالشفافية والتزامنا بالمنافسة العادلة وبالطبع التزامنا بالاستدامة البيئية أيضا“.
أما وزير المالية البريطاني فيليب هاموند فقد قال إن نجاح المبادرة يعتمد على وفائها ”بأعلى معايير الشفافية الدولية وبالحوكمة وبالنزاهة البيئية“.
وأضاف هاموند يوم الجمعة ”الرئيس شي ألقى كلمة هذا الصباح أعلن فيها التزام الصين بكل تلك الأمور وأوضح رؤيته للمرحلة التالية للحزام والطريق وسنراقب عن كثب كيفية تطبيق ذلك عمليا“.
حتى أونج سان سو كي زعيمة ميانمار، وهي دولة صديقة أخرى للصين، قالت إن الحزام والطريق يجب أن تأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض.
وأضافت أمام القمة ”لا يجب أن تتسم المشروعات بالجدوى الاقتصادية فحسب بل عليها أن تتسم أيضا بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية.. والأهم أنها يجب أن تحظى بثقة ودعم المجتمعات المحلية“.
وكانت قمة هذا العام أقل بريقا من نظيرتها الأولى التي عقدت قبل عامين.
ولم يقدم شي تفاصيل عن أي تمويل جديد للمبادرة على الرغم من أنه أعلن توقيع صفقات تفوق قيمتها 64 مليار دولار خلال القمة.
كما خففت وسائل الإعلام الصينية الرسمية من لغة دعايتها التي شملت خلال 2017 بث أغنيات بلغة انجليزية ركيكة على مواقع للتواصل الاجتماعي تشيد بالمبادرة وتتغنى بها.
لكن الآلة الدعائية الصينية المخيفة لم تغب مطلقا بشكل كامل.
فالسفارة الصينية في تايلاند على سبيل المثال بثت مقطعا مصورا لفيلم كارتوني ناطقا بالصينية لفاكهة الدوريان لإظهار مدى فائدة الحزام والطريق لهذه الفاكهة التي تشتهر برائحة نفاذة وتعد من أشهر الأصناف في جنوب شرق آسيا ولها شعبية متزايدة في الصين إذ يعني وجود طرق نقل أفضل أن من الممكن تصديرها أسرع وبأسعار أقل.
وتقول الدوريان في المقطع المصور ”بفضل مبادرة الحزام والطريق، رحلتنا أصبحت أسهل“.
لكن بكين لم تستطع اجتذاب واشنطن مع عدم حضور أي مسؤول أمريكي كبير للقمة.
وأكدت السفارة الأمريكية ”الشعور بقلق بالغ من أن أنشطة دبلوماسية البنية التحتية التي تمارسها الصين تتجاهل أو تضعف المعايير الدولية والممارسات المثلى المتعلقة بالتنمية وحماية العمال وحماية البيئة“.
وذكرت صحيفة جلوبال تايمز واسعة الانتشار التي تصدرها صحيفة الشعب الرسمية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم في افتتاحيتها يوم الجمعة أن الولايات المتحدة وغيرها من المنتقدين ”فقدوا قدرتهم على استخدام المنطق والفطرة السليمة وحتى التفكير العقلاني“ عندما يتعلق الأمر بالحزام والطريق.
وذكرت الصحيفة أن ”الكذب والحديث عن أمور بعيدة الاحتمال وتبني مثل هذه الآراء لن يكون لها أي تأثير فعلي“.
وأضافت ”مبادرة الحزام والطريق جهد دولي رائد للقرن الحادي والعشرين“.
وبينما تسعى الصين لرسم رؤية أوضح عن الحزام والطريق، فقد أخذت نهجا دفاعيا بشأن آرائها.
وعشية القمة يوم الأربعاء، طرح حساب صحيفة الشعب على تطبيق ”وي شات“ سؤالا وجوابا ”للرد بالحقائق“ على المنتقدين.
وقال سؤال ”هل يخلق الحزام والطريق فخ ديون؟“.
وجاء في الإجابة ”إن أسباب ديون بلد ما معقدة. فبعض (الدول) لديها مشكلات في أسس اقتصاداتها، وبعض (الديون) حسابات قديمة تركت من الماضي“.
وأضافت الإجابة ”مبادرة الحزام والطريق عمرها ستة أعوام فقط، ومن غير المبرر بالمرة أن تلقي ببساطة اللوم في مشكلات ديون هذه البلدان المستمرة منذ أمد بعيد على الصين!“.
وسعت الصين للظهور في أفضل صورة مع استضافتها القمة وأتاحت للصحفيين الأجانب الدخول على الانترنت دون رقابة بمقار الاجتماعات، وتمكن بعض المسؤولين الكبار على الأقل من التحدث مع وسائل الإعلام على هامش الجلسات رغم أن الرئيس الصيني لم يستقبل أسئلة في المؤتمر الصحفي الختامي يوم السبت.
وفي جانب آخر من مبادرة الحزام والطريق تم التوصل خلال القمة لقائمة ضمت 283 مشروعا مستهدفا تتجاوز المشروعات التقليدية كالسكك الحديدة والموانئ.
وذكرت الوثيقة التفصيلية أن الصين ستقيم متحف طريق الحرير وتحالفات لمكتبات.