“لويد” البشر والشجر … صراع حياتين (الدامي آدب)
(لويد… ام آفنادش) -مورينيوز- تتعرض رئة بلدية “ام افنادش” التابعة لمقاطعة النعمة، في أقصى الشرق الموريتاني لتحديات بيئة حقيقية؛ قد تُحول الحياة في هذه المنطقة الرعوية التي عرفت ذات يوم، بتنوعها البيئي وكثافة غطائها النباتي، إلى جحيم.
من المعروف أن تدهور الغطاء النباتي، يعتبر من أهم المشاكل التي يواجهها العالم نتيجةً لاختلال العلاقة بين الإنسان وبيئته، فمع زيادة عدد السكان والتقدم التكنولوجي زاد الطلب على الموارد الطبيعية، مما أدى إلى استنزافها وتخريب نظمها.
غير أن قطع الاشجار لسد حاجة صناعية قد ترفع من المستوى المعيشي للسكان، ويشكل ريعها رقما في الدورة الاقتصادية للأمم، يختلف تمام الاختلاف عن الحالة التي بين أيدينا،
ما نراه هنا هو أسر تلتهم كل منها شجرة خلال أقل من أسبوع فكم سيصمد وادي “لويد” أمام البطون الجائعة؟.
فناء الإنسان او فناء الاشجار
يفصل هذه الشجرة عن أن تتحول الى فحم؛ لفحة شمس وعود ثقاب، لا تتطلب المهمة أكثر من أيام معدودة؛ وتباع الحصيلة التى لا تتعدى فى الغالب 5 أكياس من الفحم، من شجرة نمت لعقود في بيئة مواتية، يباع كل كيس بألف أوقية قديمة لتكون الخمسة آلاف أوقية حصادا لعمر مديد من العطاء الصامت للشجرة الهالكة.
(ش.ب) شاب في مقتبل العمر يعيل أسرتين، تغيرت علاقته بالأشجار بعد وفاة والده، فقد أصبح عدوها الأول بعد أن كانت ملاذه الترفيهي الوحيد.
سألناه متى انتشرت ظاهرة أفران الفحم بين السكان؟
فأجاب: ان ظاهرة أفران الفحم كانت موجودة منذ القدم، وكان أصحابها يستفيدون من الأشجار الميتة فقط، حيث كانت نشاطا ثانويا ومصدر دخل إضافي، لأن الناس كانت ما بين منم وفلاح. وكان الناس بالإضافة الي ذلك يخافون من عواقب وخيمة قد تنزلها السلطات بهم، إن هي أمسكتهم وقد أضروا بالنظام البيئي.
ويضيف أنه في السنوات الأخيرة، وبفعل الجفاف تضاءلت فرص العمل في المواشي نظرا لانحسار عددها، وزيادة التكاليف على ملاكها، كما بقي الفلاحون دون مصدر رزق فوجدوا في الفحم ضالتهم وبذلك زاد عدد ممتهني قطع الأشجار وزاد معه عدد الأشجار المقطوعة.
وقال إن السياسيين لا يوفرون لنا فرص عمل مقابل انتخابنا لهم، ولا يجلبون لنا مشاريع مدرة للدخل، لذلك فهم مجبرون، على الأقل، على توفير غطاء لنا لنمارس عملنا هذا، وإطلاق سراحنا في حال امسكتنا السلطات.
وأوضح أنه يعرف أهمية الأشجار، ولكنه إن خير بين أن يعيش أولاده او تعيش الشجرة، سيقطع الشجرة حتما.
تأثيرات صحية
في موسم الاستنزاف البيئي هذا، تبقى كميات هائلة من الدخان حبيسة أغصان ما تبقى من أشجار الغابة، فتنتشر أمراض، كالانفلوانزا وضيق التنفس، وتعج النقطة الصحية الوحيدة بحالات سعال والتهابات صدرية حادة، ويبقى الأطفال والمسنون الأكثر تضررا من بين القاطنين هناك.
بحيرات في مواجهة الرمال
بحيرة “تمبارة” وسد “لويد” و”كدح الواد” كلها أماكن تجميع لمياه الأمطار، لكن الدمار البيئي بدأ يطال الأحزمة الخضراء التي كانت تحميها من شبح التصحر المرعب، فبحيرة “تمبارة” على سبيل المثال كانت تصمد ما بين ثمانية إلى عشرة أشهر من العام، إلا أنها في السنوات الأخيرة انحسرت بشكل مقلق بفعل زحف الرمال تجاهها.
وليست منطقة “لويد” إلا مثالا لنماذج كثيرة على طول التراب الوطني وعرضه، تضررت من غياب تام لأي مظاهر تجسد حضور الدولة، لا على مستوى الخدمات ولا حتي بتسجيل حضور رقابي يحفظ الموجود، في انتظار الحصول على المفقود.
تعليق واحد