ناجون روهينجا يتحدثون عن الشقاء والموت في البحر والمئات ما زالوا عالقين
لكن تلك الرحلة البحرية كادت تودي بحياته بدلا من أن تقوده إلى هدفه المنشود.
وكان الشاب البالغ من العمر 20 عاما ضمن قرابة 400 ناج انتُشلوا من المياه وقد استبد بهم الجوع والهزال والصدمة بعدما لم يتمكن القارب من الوصول إلى ماليزيا وقضى أسابيع تتقاذفه الأمواج قبل أن يعود إلى بنجلادش في منتصف أبريل نيسان.
وتقول جماعات حقوقية إن مئات آخرين من اللاجئين تقطعت بهم السبل على متن قاربين آخرين على الأقل مع تشديد حكومات دول جنوب شرق آسيا الرقابة على حدودها اتقاء لفيروس كورونا المستجد، الأمر الذي يهدد بتكرار أزمة قوارب تعود إلى 2015 عندما توفي مئات الأشخاص.
وناشدت الأمم المتحدة السلطات السماح للقوارب بالرسو، لكن المشاعر المناهضة للاجئين تزداد في ماليزيا وتقول الحكومات إن الحدود مغلقة خوفا من فيروس كورونا.
وفي مقابلة مع رويترز، استرجع سبعة ناجين من القارب الذي جرى إنقاذه تجربتهم المروعة على مدى شهرين.
وتراوحت تقديرات عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم على القارب من بضع عشرات إلى أكثر من 100، إذ لم يواصل أحد العد، لكن رواياتهم كانت متسقة.
ووصف الناجون كيف كان مئات الرجال والنساء والأطفال متكدسين على القارب غير قادرين على الحركة وهم يجلسون القرفصاء في الأمطار والشمس الحارقة إلى أن بدأوا، مع نفاد الطعام والمياه، يموتون جوعا وعطشا ويتشاجرون وتُلقى جثثم في البحر.
وبعضهم بكى أثناء الحديث.
قال شهاب الدين ”ظننت أنني لن أعود لبلدي حيا… اشتقت لأسرتي، خاصة أبوي“.
قالت جماعة (فورتيفاي رايتس) الحقوقية في بيان الأسبوع الماضي إن مشغلي القارب ”احتجزوا ضحاياهم في ظروف تشبه العبودية بغرض الاستغلال“.
ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية الطاقم أو الاتصال به للتعليق.
وحثت منظمة العفو الدولية الحكومات على حماية الروهينجا العالقين والسماح لهم بالنزول على أراضيها. وقدرت أن 800 شخص آخرين كانوا في البحر. وهبط بضع عشرات من الأشخاص من أحد القوارب على ساحل بنجلادش الجنوبي يوم السبت.
وتدافع ماليزيا عن سياستها المتعلقة بعدم استقبال لاجئي القوارب. وقال وزير الشؤون الداخلية الماليزي في بيان يوم الخميس إن السلطات تصرفت وفقا للقانون للدفاع عن سيادة البلاد ومستعدة لفعل ذلك مجددا.
* أفضل حالا في ماليزيا
لاجئ آخر يدعى إنعام الحسن، ويبلغ أيضا من العمر 20 عاما، قال إن قريبا له في ماليزيا حثه على الذهاب إلى هناك. وقال ”أردت الذهاب إلى ماليزيا لانتشال أسرتي من براثن الفقر“.
وقال ستة من الناجين السبعة الذين أجرت رويترز مقابلات معهم إنهم ذهبوا إلى هناك طوعا. أما السابع، والبالغ من العمر 16 عاما، فقال إن رجالا مجهولين أخذوه رغما عن إرادته.
وبدأت رحلة الشقاء بمجرد إبحار القارب.
قال شهاب الدين ”لم نأكل شيئا تقريبا… الأطفال الصغار كانوا يبكون التماسا للماء“.
وبعد أسبوع وصل القارب قبالة ماليزيا، حيث انتظر عدة أيام قبل أن يعلن أفراد الطاقم عدم قدرتهم على إنزال الركاب من السفينة وأنهم سيعودون إلى بنجلادش.
قال شهاب الدين ”واجهنا عواصف ثلاث مرات“.
وأضاف أنه أُجبر على تنفيذ تعليمات الطاقم بضرب أي شخص يخالف النظام. وقال ”إذا لم أضربهم لكنت تعرضت أنا للضرب“.
في هذه الأثناء، بدأ بعض الركاب اليائسين شرب ماء البحر.
وقال إنعام الحسن ”بفضل الله كانت المياه تبدو عذبة“.
وأضاف ”قفز العديد إلى المياه… الجميع كان يقول إن من الأفضل كثيرا الموت في المياه عن الموت على ظهر السفينة“.
وفي الليل كان الركاب يمسكون بأحدهم الآخر يبكون ويدعون.
وفي النهاية، قال ناج إن القارب توقف مرة أخرى قبالة ميانمار لكن لم يستطع الرسو مجددا.
وأجبر اللاجئون في آخر الأمر الربان على العودة إلى بنجلادش، حيث هبطوا على ساحلها ليلا.
وقال مسؤول بخفر السواحل في ذلك الوقت إن المشهد كان صادما. وأضاف ”كثير منهم كانوا في غاية النحافة والهزال وكان البعض غير قادر على الوقوف“.
قال شهاب الدين إن والديه تعرفا عليه بصعوبة لكنه كان ممتنا للعوده رغم أنه ليس لديه أمل يذكر في المستقبل.
وأضاف ”من الأفضل الموت هنا من الهلاك في البحر“.
إعداد علي خفاجي للنشرة العربية – تحرير أحمد حسن