فرع التمات .. رسالة اثارت شجنا…/ الشيخ بكاي
تلقيت طلب صداقة من “فرع التمات”…
من الأكيد أنني وافقت عليه في الحال …
“فرع التمات” مكان يسافر بي في الزمن 26 عاما مضت بين منازلي في مواسم الخريف خلال عملية إعادة تمثيل لحياة لم يبق منها إلا ظلالها…
أتذكر الآن وسط دفق حنين أول يوم أنزل فيه “لبْهيْگات الژرگ” ألواقعة إلى الغرب منه والمسماة “اگليبات اجراد”…
كان ذلك خريف 2004… أتذكر السرور على الوجوه والانبهار بالمكان الذي يبدو موحشا رغم جماله والخضرة التي تكسو وجه الارض…
أتذكر الليالي الجميلة والأيام السعيدة ..
في المرة الأولى نزلنا المنخفض الشمالي للجبيل البني الغارق في بياض الرمل الصقيل..
نزلنا المكان نفسه أعواما… وكنت على عادتي، أحرص كل عام على أن تبنى كل خيمة في المكان الذي بنيت فيه العام الماضي… أعتبره نوعا من الوفاء…
خلال السنوات الأخيرة أرغمتنا حركة الرمال على أن نخيم في الجانب الغربي من “لگليبات”…
“فرع التمات” هو ليالي “الحفره البيضاء” وصباحاتها الباسمة…
وإلى الشرق منه منازل “أم اقريان”.. كم هي جميلة.. !! وكم هي موحشة الآن وأنا تذكر وأكتب…!!
إلى الشرق منها “احسيات” “افريع لعليات” رحم الله من كان صاحبها.. ومن كان ذكره يملا الآفاق هنا وفي كل المناطق الأخرى سيد احمد ولد اج… ورحم من كانتا لي آخر حب لا يداخلني فيه شك ولا يعتريه التغير خالتي وأمي…
سأهرب عن “لحسَيَّاتْ”، فلا أريد أن يتحول هذا الحنين إلى نحيب ونزف..
أحس الطفلَ فيَّ يُدْفَعُ نحو الغرق في بحر من البكاء بصوتٍ طويلٍ، ومدٍّ.. سأهرب وما يزال الحال عولة صدر عبارة عن نَحْبٍ صامت يثيره التذكار…
سأهرب عن “افريع لعليات” وعن “لحسي” ولسان حالي يقول:
“يللالى منصاب انزلناك ،،، يلحسي امنيزلن ذاك
واجهرناك وأرگبن ماك ،،، وعدن كل أوقيت انججوك
كيفت حالتن ذيك امعاك ،،، يلحسي اليالينَ ذوك
وارجعت انت هو هذاك ،،، وارجع نحن هوم هاذوك”…
أعرف أنه لن يعود كما كان..ولن يعود لمائه الطعم نفسه… وأننا لن نعود كما كنا… وألأكثر إيلاما أن الأموات لايعودون…
سامحني أيها الغالي “فرع التمات” فقد أردت الترحيب بك لأنك تستحق، فانتزعني الحنين، ومن الحنين اختطفني النُّواح…