النظام الأردني “والقضية الفلسطينية الأردنية”.. وهل استراتيجية حماس الجديدة ستسحق أهداف الكيان ورهطه؟/ فؤاد البطاينة
25 أكتوبر 2024، 16:35 مساءً
ما يجري في غزة من فظائع ومحارق وتعذيب بالمدنيين دون تمييز ودون توقف، بصمت العالم ودعم الأنظمة العربية المخصية خصاء العبيد، قد اسقط القيم الغربية وحضارتها للحضيض، وأسقط ألف ألف ما يُدعى بالهولوكوست التي يتاجر بها الكيان والمجموعة الصهيونية المعادين للبشرية والناموس، وكله على مذبح الحرب على الإسلام والمقاومة الاسلامية وليس على العرب والمسلمين، فما ترتكبه امريكا الصهيونية بغزة لا ترتكبه الحيوانات المتوحشة. فتلك لديها حاسة الشبع وشيئا من الإحساس والترفع عن الفتك بأطفال محاصرين بالطعام والماء والمأوى والعلاج والامان، ويُقتلون جماعياً أمام نظر العالم بالصوت والصورة، وهم تحت الإحتلال.
ويقابل هذا مقاومون فلسطينيون جبارون هم أقرب للملائكة من البشر أخلاقاً وإيمانا، وأقرب للأنبياء نصرة للدين وإيماناً بوعد ربهم وبمبادئ الحق والعدل والجهاد من أجل تحرير وطنهم والمقدسات الإسلامية والمسيحية. يواجهون الغرب واليهودية الصهيونية وترساناتهم ويترجمون الأساطير والأعاجيب الخرافية في ثقافات الشعوب القديمة الى حقيقة وينتصرون. نعم فلقد تحولت حماس اليوم لاستراتيجية حرب العصابات التي تفهمها أمريكا، رجالها استشهاديون وليس الإستسلام في قاموسهم، ولا التنازل عن أهدافهم. وقد جعلوا باستراتيجيتهم الجديدة جيش الكيان وحكومته يشعرون بثقل الخسائر واليأس والعجز والتراجع عن أهدافهم في غزة,
ولكن العقل يحار في جبن وخيانة ومغامرة رؤساء أنظمة العرب المتحالفين مع الصهيو أمريكي تحت غطاء التطبيع الكافر مقابل حماية مؤقتة لكراسيهم التي إن لم يدوس عليها مستأجرهم الأمريكي فشعوبهم ستدوس عليها في لحظة لا محال قادمة. وليعلم هؤلاء الحكام أن جريمتهم العظمى هي أنه ما كان لأمريكا والكيان ولا كان بإمكانهما الإقدام على الاستفراد بحرب الإبادة من دون موافقة هؤلاء الحكام المسبقة ومشاركتهم العملية فيها ماديا وسياسيا ولوجستيا وبكل ما يطلب منهم. والأعظم من عظمى وبالدليل القاطع على أنهم وراء تلك المجازر والمحارق بالمدنيين الفلسطينيين وبأن الحرب حربهم ويتحملون وحدهم المسؤولية التاريخية كاملة، هو أنهم الوحيدون القادرون على وقف هذه الحرب من خلال مجرد وقف تحالفهم وتطبيعهم ومعاهداتهم ومشاركاتهم فيما لو شاؤا وثاروا على خيانتهم، . حيث لو حصل هذا فسيضع أمريكا والكيان في مأزق عسكري وسياسي يجبرهما على وقف حربهم الإبادية ومخططهم
ما يجري في غزة أمر تتجاوز أهدافه ما يصرَّحُ به على خطورته الرهيبة على الوطن العربي والإقليم والعالم. لكن الإنعكاس المباشر لما يجري في غزة والضفة ونتائجه هي على الأردن كدولة بمكوناتها. فالتهديدات الرسمية والمعلنة للكيان في هذا على لسان وزراء حكومة نتنياهو بالإدعاء بالأردن كجزء من ارض إسرائيل لا تتوقف. وهذا ليس من فراغ سياسي، فالأردن في صميم وعد بلور وصك الإنتداب والسردية التوراتية، واستحال اليوم لمرتع لليهود الصهاينة وللجيش الأمريكي جيشهم. وقيادة النظام هي المسؤولة بعيداً عن الشعب المنهك الذي يحيده النظام بكل الطرق اللادستورية والقاهرة. فهو لا يسمح بحزب سياسي معارض حقيقي واحد، ولا للشخصيات المعارضة أن تعمل بالكلمة رهن الإعتقال، ولا للشعب أن يعبر عن نفسه بمظاهرات مرهونة بموافقة الدولة، ولا يسمح للشعب أن ينتخب نوابه بحرية أو بقانون انتخاب حر من صنعه. والقوانين تُطوع لخدمة سياسة النظام وأجهزته في مواجهة الشعب.
سياسة النظام الأردني اتجاه الكيان وتعاونه المفتوح معه لا تمثل إرادة الشعب الأردني بكل فئاته وألوانه السياسية. والقيادة تعلم بوحدة الإستهداف الصهيوني ووحدة المصير للشعبين وللترابين وللكيانين الفلسطيني والأردني. فمصطلح القضية الفلسطينية جاء منقوصاً وخادعاً، والدقيق هو “القضية لفلسطينية الأردنية” فقد ولدت الإمارة من رحم المشروع الصهيوني.
وعلى النظام في حالة الإنكار لهذا والتصرف في ضوئه، أن ينتظر بروز القضية الأردنية كقضية تكاملية مع القضية الفلسطينية. وليتأكد بأن لا قوة على الأرض تستطيع فك ارتباطنا كأردنيين بمكوناتنا بإخواننا في القضية والدم والأرض والتاريخ والعقيدة في غزة وعموم فلسطين. ولن نكون الا مقاومين معاً. وما يجري في غزة من ابادة وحشية هو مثال تحذيري ارهابي يضعه الكيان أمامنا كأردنيين لنتعظ إن لم نركع ونعترف بأن الأردن هو وطنه وبأننا محتلون.
ومن العجب أن ينظر النظام الأردني للمذابح الابادية في غزة وفلسطين ولسياسات التطهير العرقي بالمحارق والتجويع والتهجير كأمر فلسطيني لا يخص الأردن والأردنيين إلّا كما يخص اي دولة عربية، وذلك باستمرار تعاونه مع الكيان وتمنعه عن أي إجراء عملي يُشعره ويشعر أمريكا والاردنيين بمصداقية تصريحاته وخطابه إزاء ما يجري بغزة. وعلى نظامنا ان يقرأ التاريخ الذي يسعى الصهيوني الأن لترجمته على الأرض. فرسائل ووثائق بريطانيا والوكالة اليهودية تؤكد بأن الأردن دولة وظيفية مؤقتة ولا يتعارض قيامها مع وعد بلفور وصك الإنتداب، وأنهم سيبقون يديرونها. وعلى النظام أن يدرك بان الكيان لا يمكن له البقاء من دون أن تكون له السيطرة على الأردن كجغرافيا وسيادة وقراراً.
لا تغاضي ولا تجاهل ولا تغطية من النظام مقبولا عن ما يحيط بالأردن من تهديدات وأطماع. ولا مكاننا الصحيح والأمن والمنجي في حضن أمريكا والكيان. فهؤلاء يعتبرون الأردن مستعمرة وديعة لهم ويأخذون منّا كل ما يريدون بالمجان، ويستضعفون فوق هذا موقف الملك ويعتبرون بقاء النظام الهاشمي مرهوناً بقرارهم. وليس أمام القيادة الهاشمية إلا المراهنة على الشعب في عملية تغيير سياسية، ولا بقاء لمن لا يتغيّر.
وأخيراً أكرر، فهذا الوطن ليس ملكاً شخصيا للقيادة الهاشمية. والقرارات السياسية المصيرية من ذات العلاقة بالصراع مع العدو الصهيوني ليست احتكاراً عليه، بل شأناً عاماً. ولا ايضا ملكا لمجالس نواب في خدمة النظام ولا تنبثق عن ارادة حرة للشعب، نحترم ونرضخ للدستور ولكن الشعب فوق الدستور. وصمته لا يمكن تفسيره كعلامة رضا، بل حرصاً على الأمن الداخلي وعلى سلامة مؤسسة العرش في بلد كالأردن، على أن سلامة الوطن فوق كل سلامة. والاردنيون ليسوا عمالا في إقطاعية. هم مواطنون مقاتلون بالفطرة وسيقاتلون بشراسة دفاعا عن وطنهم. ولا تنس القيادة الهاشمية أن هذه الدولة ما كان لبريطانيا أن تقيمها على غش لولا ثقة الاردنيين بالهاشميين وشراكتهم. فاين نحن اليوم من هذا.