شعر وحزن وغضب.. تفاعلات السطو على مصرف في نواكشوط
نواكشوط- “مورينيوز”- من فدوى بنت سيدي- أثار اعتقال ثلاثة شبان من أوساط غير “مطحونة” على خلفية السطو المسلح على مصرف في نواكشوط موجة من القلق والغضب، وأثار أيضا شعرا في أوساط بعض المراهقات من مجتمع نواكشوط “المخملي”.
وشاعت في مجموعات “الواتس آب” أشعار من النوع الشعبي الخاص بالنساء المعروف هنا بـ”التبراع”، وانتشرت هذه الأشعار أيضا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.. كما نشرت مراهقات صور اثنين من المشتبه فيهم مع تعليقات تظهر الحزن. وذهبت مراهقة في شعرها إلى حد القول إنها أصبحت تحب الإجرام بعد تورط فارسها فيه: ” اعلي ابْ لحرام ْــــ أل غليت انت الإجرامْ” . وتقول أخرى إن قيمة الأوقية الموريتانية ارتفعت: ” ولد (الـ…) ية ـــ ارفع قيمت لوكيه”. وهي هنا تنسبه إلى أمه التي تحجب “مورينيوز” جنسيتها. وتستنهض أخرى الدولة التي تنتمي إليها أم المشتبه فيه من أجل تحريره: ” قومو يا (….) – أولدكم ذا هو محبوس”. وتشتكي أخرى من أن قلبها ذهب مع من وصفته باللص: ” ذا اللص المذكور ــــ حايص قلبي بشور”.
وأثارت العملية وهذه الأشعار أيضا رعبا في أوساط المجتمع الموريتاني المحافظ. وكتبت مدونة: ” “التغزل على شاب متهم بالسرقة ظاهرة غريبة على “التبراع”، إضافة إلى كونها لا تراعي القيم الأخلاقية”. وكتبت أخرى: ” هذه مؤشرات مرعبة إلى بداية لتحلل المحتمع من القيم”.
وهذه هي ثاني عملية سطو مسلح في وضح النهار على بنك في نواكشوط، لكنها بدت الأكثر تأثيرا بالنظر إلى طبيعة المشتبه في أنهم قاموا بها فهم وفق ما قالت الشرطة ثلاثة شبان، مدنيان وضابط صف في سلاح الجو، ليست لهم سوابق جرمية، وأحدهما نشط في جمعية خيرية شهدت له بالاستقامة.. وهم عموما غير مدفوعين إلى الفعل الذي يشتبه في قيامهم به بدافع الحاجة، فهم حسب المعلومات المتاحة غير فقراء.. وهناك عوامل اجتماعية أخرى لا تريد “مورينيوز” ذكرها.
ولعل القاسم المشترك بين ردود الفعل على القضية الاستغراب والقلق والحزن والغضب، لكن اختلفت كل الأطراف في التعليق على الموضوع، ففي حين اعتبرت الشرطة أن القضية عادية جدا وتحدث في العالم، ولا ينبغي تضخيمها، اعتبرتها أطراف أخرى هزة في قيم المجتمع وترجمة لانعدام العدالة. ورُبطت بالثراء “الفاحش والسريع لدى بعض المستفيدين من الفساد” على حد تعبير كاتب اتصلت به “مورينيوز”. واعتبر الكاتب أن “مقارنة شبان حالمين لأنفسهم مع آخرين ليسوا أفضل منهم تعليما ولا ذكاء وهم يرونهم يتحولون بالصدفة إلى أثرياء يولد إحباطات هذه نتيجتها”.
وقالت أستاذة جامعية في تدوينة على الفيسبوك إنه ينبغي استخلاص الدروس من الواقعة والبحث عن حلول ” قبل استفحال الوضع”. وأضافت الأستاذة في جامعة نواكشوط خديجه بنت سيدينا أن الحقيقة المرة و”الخطرة التى يجب أن ننتبه إليها ونبحث لها عن حلول( …) أنّ هؤلاء الشباب ليسوا من أهل السّوابق وليسوا من متهوّري الشّباب أصحاب الهوى المفرط والشجار والمُجُون، هؤلاء شباب مستقيمون”. وزادت أنهم كانوا مثل غيرهم “يأملون بالعيش الكريم وفى تحقيق آمالهم فى الاستقلالية عن الأهل والزّواج وغيره من أحلام الشّباب، و سدّت الطرق أمامهم”.
وكتب صحفي في تدوينة: “حزنت كثيرا وأنا أشاهد إعادة تمثيل مشهد السطو على فرع “بي أم سى إي”.. لا أعرف الشاب الذي أثار فيَّ موجة الحزن وهو ينزل من السيارة ملثما، ولا أعرف أهله في شكل مباشر.. أعرف فقط أن في البلد كثيرون في سنه، وأعرف أن الطمع والهلع وصلا حدا غير مقبول.. أعرف أن مواطني البلد قليلون وأن له ثروة كبيرة تكفيه… أعرف .. أعرف.. أعرف أنني حزين………………… حسبي الله ونعم الوكيل…….,”
ورد عليه آخر : “تعرف أن هذا الشاب شاهد الثراء الفاحش و المتسارع لدي أنذال ممن يسيرون الجمهورية و مالها العام.. تعرف أنه عاش الحرمان و شاهده و شاهد ضحاياه و تعرف أنه شاهد الظلم وتعرف أنه صبر و تعرف أن الصبر علي الظلم يولد ردات فعل غير محسوبة و، كما قلت، تعرف و تعرف و نعرف و نعرف..”.
ولم تخلو التعليقات من حديث عن “مجرمين من ميسوري الحال يجري الاهتمام بهم أكثر من الفقراء”. ويدعو أصحاب هذه التعليقات إلى “فضح الأغنياء الذين ينهبون المال العام، وبدأوا في نهب المال الخاص” كما كتب مدون.