هوامش على أزمة الخليج.. ويتواصل الربيع العربي الأصفر/ ناجي محمد الامام
إن القوى الفاعلة التي تبوأت مركز الصدارة في تدبير شؤون الكون ،إنما وصلتْ إليها بتحكيم العلم وإحكام الخطط وتحديد نوعية الفعل و المُسْتهدَف به و منهُ والنتائج المُتَوَخَّاة ،وقبل كل ذلك ،وبعده، تحديد العدوالرئيس لمشروعها الذي هوـ بحكم الأهداف ـ كونيٌّ لا محالة.
من هنا ، فإن التأزم الحاصل الآن في العلاقات الخليجية ،لا يجب أن يشكل أي مفاجأة، لأن الأمة العربية مستهدفة منذ سقوط بغداد الأول،من الأمم التي تشكل عليها خطراً أو لها نقيضاً، وتلك طبائع الأشياء.
وما عداء الغرب لهذه الأمة ،على شراسته ، والذي يستوي لديه فيه ، من صادقه و وَالَاهُ ومن عارضه وعاداهُ، إلا دليل على أن مشروع الكيانات الجزئية الهشة سريعة الذوبان ،لم يسهر عليه إلا ليزيله عند الحاجة.
وأجزم بأن ما يجري تحت مياه الخليج الباردة وفوق رمال الجزيرة العربية الزاحفة هوأحد أهـمِّ فصول مخطط المحافظين الجدد المعروف باسم مفكره السفير جون بولتن: الفوضى الخلاقة أو تجزيئ المجزأ وتقسيم المقسم ، الذي بدأ بمُمَهِّداتِه الكبرى :
ــ إسقاط بغداد ،بعدما أنهكتها الحرب الممتدة مع إيران بمساندة أقطار الخليج، باستدراجها إلى الكويت للتخلص من قدراتها العلمية والعسكرية التي راكمتها باقتدار و تصميم خلال سني التنمية والسمعة والمصداقية التي تحصلت عليها في وجدان الأمة والعالم الثالث .
ــ استدراج دمشق إلى عاصفة الصحراء،تاركة وراءها جداول الجولان وماء بحيرة طبرية وثلوج جبل الشيخ تحت الإحتلال “لتسهم” في عاصفة الصحراء الأمريكية لاستعادة الكويت وتغوص في رمال حفر الباطن سمعةً و رصيدا كان لقلب العروبة النا بض.
ــ استدراج طرابلس إلى فولكلور”غابة الاتحاد الإفريقي” ، لتبتعد بالحصار،عن “الرفض” وفلسطين والوحدة وتتخلص من “حصانتها النووية والكيماوية”.
وليبدأ الفعل الجازم على الأرض، انطلقت “فورة”الملايين تحرق وتهتف و تخرب في وقعة غيريتيمة في التاريخ العربي ،لأن العدو يقرأ، وهي “دعوة الحق التي يراد بها الباطل” فرفعت فوق الرؤوس مطالب الديمقراطية والعدل الحرية ،وكان الجوق الاعلامي في أعلى الجاهزية، ليخلق من دخان حرائقها غيثا و ربيع وياسمينا …
وفي هذه الفورة الساحقة الماحقة كان هناك ما لا يخفى إذ لم ترفع كلمة عن فلسطين لأن “ليفي” وأعوانه يعرفون أهداف الربيع..وكان ماكان….
فماذا يراد بأرض العرب الأولى ، أليستْ صديقة وخالية من المشاكل ؟
إن المتتبع لحملة ترامب و ما شغل الناس فيها من استهداف للمسلمين وأقطار الخليج خصوصا،يقف مشدوها أمام مشهد الحفاوة لتخصيص أول رحلة له للخارج إلى “أرض بيضة الإسلام”..وكان ما كان…
“فماذا عدا على ما بدا”..
بالنسبة للساهرين على حلم بني صهيون ،لا بد،فيما يبدو ، من تواصل مفاعيل الربيع الأصفر”العربي”، وهذه المرَّة في الخليج والجزيرة حيث برميل النفط و غالون الغاز وحصالة الفلوس ،مما يتطلب استبعاد الأجسام القابلة للإشتعال ، وجهوزية فرق الإطفاء.
إن طبيعة المنطقة تجعل الربيع الجماهيري في دول الخليج مستحيلا ما لم يُرَدْ له أن يكون هنديا أوبنغاليا أوبلوشيا وذلك مستبعد بل ممنوع، وتثوير الأقلية المترفة أكثر استحالة، لكن التخطيط لحظ بدائل في غاية الدقة والفراهة ، وقد بدأت تتضح:
ـ أولها شفط “الحصالة” وقد بدأ مع نصف تريليون حملها حكم المصارعة في طائرته”رقم1″ والبقية تاتي.
ــ تأجيج الخلافات الأسرية والقبلية و العقارية في المنطقة.
والذاكرة العربية سريعة الاستيقاظ عند شد العصب الذاتي .فخبايا الصلات بين إمارات الساحل العربية المتصالحة من رأس مسندم إلى المنامة تعريجا على الزبارة وجزر حُوَّار وساحل وجزرالأحساء بما فيها البحرين و محرق والعوائل المتخاصمة المترحلة من نجد إلى مختلف المراسي و المغاصات في ظرف لا يعلم قسوته إلا “الضرابيب”، ستستخدم ،لإزالة كيانات و زرع أخرى واستنبات عصبيات تتغذى على نتوءات موروثة تبقي داحس والغبراء فرسيْ رهان لا ينتهي.
ولوكنا نأخذ العبر من تاريخنا لكفى إخوانَنا المشارقة مصير آخر خلفاء بني العباس.
وكفانا في المغرب العربي مصير آخر خلفاء بني الأحمر من ملوك الطوائف عند تسليم مفاتيح جنات العريف بغرناطة…
وما أحوج الجميع إلى شهامة أمه: إبكِ كالاطفال ملكا لمم تحفظه كالرجال.
ليس الأمر،إذًا، سوى استكمال لمفاعيل الصيف الربيعي الأصفر تطرق أبواب الجزيرة العربية ،ولاخوف إلا على الكيانات الكبرى نسبيا لأن الصغرى تستجيب للمعايير المقررة مع بعض التشذيب..
تنبيه:
لست ممن يتشفون من أي مسلم أو عربي أو إنسان يذهب ضحية لأخطائه فذهابه يكفيه والحكم يومئذ لله.