عظمة العرب…/ جلبير الأشقر
سوف يسجل التاريخ أن عرب زمننا الحاضر نجحوا في التفوّق على سائر البشر في نشاط لا يستطيع أحدٌ أن ينازعهم البراعة فيه، ألا وهو تخريب بلدانهم وتقتيل شعوبهم. فمهما حاول ألدّ أعدائهم، سوف تبقى محاولاتهم باهتة مقارنةً بالإنجازات العربية المتفوّقة في هذا المجال.
كنّا قد ظننّا أن تحطيم الدولة الصهيونية لجزء من لبنان في اجتياحها له عام 1982 وقرابة العشرين ألف قتيل الذين تسبب بهم ذلك الاجتياح، ثم عدوانها في عام 2006 وما يزيد عن الألف قتيل الذين سقطوا ضحايا ذلك العدوان، ومن بعده تحطيمها لقطاع غزة في عدواني 09/2008 و2014 والآلاف الأربعة من القتلى الذين قضوا من جرّائهما، ظننّا أن هذه الاعتداءات بلغت منتهى الفظاعة وغاية الإجرام.
كما اعتقدنا أن تدمير الولايات المتحدة للعراق في عام 1991 لا يضاهيه تدمير، ولو خفّف من التفوّق الأمريكي على العرب في تلك الحالة مشاركة تسع حكومات عربية في ذلك الإنجاز العظيم.
ثم اعتبرنا أن الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام 2003 وحتى عام 2011 سوف يبقى في الذاكرة كأسوأ مِحَن تاريخنا الحديث.
لكن ما لبث أشقاؤنا أن طمأنونا بأن أحداً لا يستطيع التغلّب علينا في تخريب بلداننا وتقتيل شعوبنا. فها أن نظام آل الأسد، بمعونة حلفائه الأشاوس، يحوّل نصف سوريا إلى ركام ويقتل أكثر من نصف مليون من أهلها لا لسبب سوى التمسك بكراسي السلطة وامتيازاتها. وها أن مسخ الدولة الذي أسسه الملقّب بأبي بكر البغدادي، أمير المؤمنين بدولة الخرافة في العراق والشام، يتسبب في تحويل الموصل إلى أكوام من الركام وتستعدّ جماعته لاستكمال هذا الإنجاز الباهر في الرقّة وسواها. وها أن المملكة السعودية والإمارات المتحدة ومن لفّ لفّهما يصبّون الحديد والنار والقتل والدمار على اليمن، وبمعونة عليّ عبد الله صالح والحوثيين، حلفاء صالح المؤقتين الحاليين، وأعدائه في الأمس القريب وفي المستقبل القريب أيضاً على ما يبدو، ها أن هؤلاء جميعاً يفلحون في خلق شروط إطلاق وباء الكوليرا وانتشاره في ذلك البلد المسكين بحيث يتّجه عدد المصابين وبخطى حثيثة نحو نصف المليون، وهو أسوأ انتشار للوباء منذ سبعين عاماً على الأقل.
فاطمئنوا يا عرب، لم يولد بعد من سوف يتفوّق علينا في تدمير أوطاننا، بل سنبقى أصحاب اللقب بلا منازع في هذه الرياضة السامية. ولو حاول أحد المُغرِضين أن يقلّل من شأن تفوّقنا بالإشارة إلى أنه يتعلّق بتدميرنا لأنفسنا وأن لنا فيه بالتالي امتيازا يُفسد المنافسة، نقول له أننا نفتخر أيضاً بتألّقنا في مجالات أخرى لا منازع لنا فيها بدون أن يكون لنا فيها امتياز طبيعي أو اختصاص تاريخي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، ليس من أمة تستطيع أن تضاهينا في الإنفاق على اليخوت: حسب نشرة مختصة في هذا الترف، إن أحد أفراد العائلة الحاكمة في أبو ظبي لم يُكشف عن اسمه، وثمة من يتكهّن بأنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، يملك ثالث أغلى يخت في العالم وسعره 600 مليون دولار؛ يليه صاحب السمو الملكي السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يملك خامس أغلى يخت في العالم وقد اشتراه في العام الماضي بمبلغ 550 مليون دولار بينما كان يدعو سكان المملكة إلى التقشّف؛ ويليه في المرتبة السابعة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي، الذي يملك يختاً قيمته 400 مليون دولار؛ ويأتي بعده مباشرة في المرتبة الثامنة الشيخ قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، وقيمة يخته 300 مليون دولار؛ وفي المرتبة العاشرة، يأتي الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر سابقاً، ولا تبلغ قيمة يخته «سوى» ربع مليار من الدولارات.
هكذا فخمسة من أغلى يخوت العالم العشرة يملكها عربٌ، وليس من أمة على وجه الأرض تضاهينا في هذه العظمة!
٭ كاتب وأكاديمي من لبنان