رحلة الرئيس والرئيسة إلى أنقرة
قادتني مشاهدة صور وصول رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز على متن طائرة تابعة للموريتانية للطيران هبطت في مطار أنقرة بتركيا، يوم الأحد الماضي (٨ يوليو ٢٠١٨)، لمراجعة موقع الوكالة الموريتانية للأنباء، بهدف استطلاع الوفد المرافق لرئيس الجمهورية.
لم تذكر “وما”، في نبأ وصول الرئيس إلى أنقرة، من مرافقيه، سوى السيدة الأولى ونشرت صورة ظهر فيها بعض أعضاء الوفد الذي أعتقد أن عدده لم يكن يتجاوز عشرة أشخاص، أقدر شخصيا أن حضور بعضهم لم يكن ضروريا.
عند مشاهدة صور التلفزة الموريتانية قلت في نفسي: ماذا لو وفر “رئيس الفقراء” على ميزانية بلده تكاليف ملاحة الطائرة الكبيرة التي لا بد أنها لم تكن تقل، في رحلتي الذهاب والإياب من غرب إفريقيا إلى وسط آسيا، أكثر من عشر طاقتها وماذا يضير صاحبنا لو وصل بطريقة مشرفة إلى أنقرة كما يصل رؤساء كثر إلى وجهاتهم في الدرجات الأولى عبر خطوط الطيران التجاري.. لا عيب في وصوله بهذه الطريقة فهو رئيس دولة، يتعذر التستر، على حقيقة كونها فقيرة والمعلومات مشاعة أكثر من أي وقت مضى..
وبعكس ما يعتقده الكثيرون، لن يتوقف المتابعون لتنصيب الرئيس التركي، عند طريقة وصول الرئيس الموريتاني، كما لن يلاحظ وجود الطائرة التي تحمل الألوان الوطنية، على المدارج المزدحمة، إلا الموريتانيون المنهمكون في البحث عن لقمة العيش.
هممت بالتدوين حول الموضوع في حينه ولكني عدلت عن ذلك حرصا على تجنب الإمعان في النقد السياسي.
طالعت اليوم على حساب المناضل Saad Hamadi تدوينة تضمنت مقارنة عابرة بين كرواتيا وبلادنا نشر معها فيلما قصيرا عن رئيسة كرواتيا فقادني ذلك لمطالعة معلومات عن البلد المتأهل لنهائيات كأس العالم 2018 ووقفت على معلومات دفعتني لكتابة هذه التدوينة التي آمل أن تصل إلى علم السيد محمد ولد عبد العزيز، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية والتي أرفع إليه فيها تقريرا مقتضبا وملهما عن رحلة زميلته رئيسة كرواتيا.
في يوم السبت 7 يوليو 2018 (اليوم السابق لوصول وفدنا الرئاسي إلى أنقرة) وصلت الرئيسة الكرواتية Kolinda Garbar إلى روسيا لحضور مباريات فريق بلدها لكرة القدم ضد فريق البلد الذي يستضيف المونديال هذا العام. كان من السائغ أن تكتسي الرحلة طابعا رسميا، بحكم دورية المونديال وتأهل كرواتيا لربع النهائي، إلا أن الرئيسة لم تركن لذلك.
قبل السفر رتبت الرئيسة إجراءات حصولها على إجازة غير معوضة واشترت تذكرة طيران عادية دفعت ثمنها من راتبها الذي كانت قد تنازلت عن 30 بالمائة منه لخزينة الدولة على تقدير أن المتبقي يكفيها.. وعندما وصلت الملعب الذي احتضن مباريات ربع النهائي لمونديال 2018 دخلت الرئيسة المدرج المخصص للمشجعين الكروات وجلست بين مواطنيها وكانت تهم بمتابعة المباريات بينهم لولا إلحاح الرئيس الروسي عليها بالالتحاق بالمنصة الرسمية التي لا يليق أن تضيق عن إحتضانها بحكم صفتها الرئاسية ووجود فريقها على أرضية الملعب.
وعندما فاز الفريق الكرواتي انسلت كوليندا إلى “المرافق” واستبدلت بذلتها وارتدت الملابس ذات المربعات على هيئة المشجعين الكروات الذين رافقها بعضهم في السابق عبر رحلة جوية رخيصة (شارتير) شاهدت صورها إلا أن ضعف الإنترنت، في المنطقة الحرة، صدني عن محاولة تحميلها مع هذه التدوينة.
لم تذكر المواد التي طالعت عن الرئيسة كوليندا كاربار شيئا عن شريكها الإجتماعي ولا يبدو أنها اصطحبت أحد صغيريها، رغم أن ذلك مناسب في مباريات كرة القدم.
وللعلم فليست Kolinda رئيسة دولة فقيرة ففي كرواتيا شبكة طرق تناهز ثلاثين ألف كيلومتر منها عدة آلاف الطرق السيارة autoroutes وبها 68 مطارا ومقدرات كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.. ومع ذلك لا تطاوعها نفسها ولن يغفر لها الرأي العام في بلدها التبذير الذي نسميه الفساد ونقتنع جميعا بحرمته سيما في بلد يموت بعض مواطنيه جوعا وتتدافع العربات على طرقه الضيقة مخلفة آلاف الضحايا كل عام.
من المشروع أن تكون الرئيسة الكرواتية بصدد إظهار حسن سيرتها بهدف الترشح لرئاسيات بلدها سنة 2020 ولكنها لوفازت بمأمورية ثانية لن تجرؤ بالتأكيد على التفكير في مأمورية ثالثة لأن الدستور الكرواتي لا يتيح ذلك وهذا ما يذعن له المواطنون دونما حاجة لليمين.
ربما ينعكس السلوك السياسي العام وتقاليد الرحلات الرسمية وقواعد المحاسبة على نتائج مباريات كرة القدم مما أدى لتأهل كرواتيا لنهائيات كأس العالم بينما أقصيت موريتانيا في الأدوار التمهيدية.
مجرد تذكير.
من صفحة
تعليق واحد