جميل منصور: ..عن الرئيس والدستور والحزب الحاكم
ثمة قضية لابد من الرجوع إليها وهي مظاهر تدخل السلطة في المنافسة الانتخابية وتوظيف العنوان العام في المنازلة الحزبية
ولنبدأ بموضوع الرئيس لنشير في البداية أن المجتمعات ذات الثقافة والأعراف الديمقراطية المحدودة تضع احتياطات واستثناءات تمنع معتادا أوتفرض تمييزا وفي هذا السياق تقرر في بعض التجارب ودستورنا تبنى ذلك أن يأخذ الرئيس بعد توليه المسؤولية العامة مسافة من التخندق وعبر عن ذلك بأن لايكون عضوا في هيئة قيادية حزبية وفي حالتنا تم الالتفاف على هذا الاعتبار بعقلية تشبه قول أحدهم أن القرآن منع نهر الوالدين ولكنه لم يمنع ضربهما !
فالرئيس ليس عضوا في مكتب الاتحاد من أجل الجمهورية ولكنه يعين رئيسه ويشكل لجانه وهو أول المنتسبين له ويحسم مرشحيه ويبدأ حملته ويرغب ويرهب بصفته العامة من أجله .
أما موضوع الحكومة فجلي للعيان خلله وخطره ، فأن يذهب وزير إلى مسقط رأسه أو دائرته فيمارس السياسة كغيره ترشحا أو حملة فأمر مفهوم ومعتاد ،ولكن المشكلة في توظيف المعنى العام (الوزير) والإمكانات العامة (الخدمات) لمصلحة حزبية وانتخابية ضيقة
بالتجربة – والمظاهر والمؤشرات تؤكد استمرار ذلك – أن الوزراء يرسلون ويتحركون بناء على توظيف العنوان الوزاري فصاحب الصيد إلى مناطق الصيد وصاحب التنمية الريفية إلى المناطق الزراعية وصاحب المياه إلى المطالبين بصونداجات وهكذا ،وشكل اختيار قيادة حملة الاتحاد من أجل الجمهورية من الحكومة تأكيدا على ذات النهج وفي العادة يختار لقيادة الحملات من لا يشغلهم غيرها عنها ولكنه الإمعان في الخلط وقصد التوظيف .
حين يحضر الوالي أو الحاكم لقاء الرئيس بصفته الرئيس مع الأطر ويدعو الأخير تصريحا لا تضمينا وبمسحة تهديد بينة لدعم حزب بعينه أو مرشحين بذاتهم فالإدارة الترابية – وثقافة الفصل عندها غالبا بين العام المشترك والخاص بالموالاة محدودة – ستنخرط في حملة و دعم طرف بعينه ،أما الاعلام العمومي الذي شكل في أغلب أوقاته السياسية منبرا لطرف واحد فتوظيفه باد للعيان .
أهم مظهر في الشفافية والعدل الديمقراطي هو أن يكون المعنى العام رمزا كان أو إمكانيات أو تأثيرا غير مجير لصالح طرف معين وهو ما يقع خلافه تماما وحينها لا يكون أمام قوى التغيير و الاصلاح إلا المغالبة الديمقراطية الحية التي ينتزع أصحابها المكاسب بين فرث التدخل و التحكم ودم استغلال الإمكانيات العامة والضغط على الناس ،و هو أمر ممكن فالناس ملت وحصاد النظام لا يشجع على السير في ركابه أودعم مرشحيه ،فلا تضيعوا الفرصة أيها الناس .
105 تعليقات