النخلة الصقر: المعلن والخفي…/ محمد اسحاق الكنتي
في أحدث فتاوي مرشد تواصل حول التصويت في الانتخابات، ورد ما يلي..”… كما أن التصويت لمرشح يعلمُ الناخبُ أن في المرشحين من هو أتقى منه و أصلح – سواء كان ذلك على المستوى الفردي أو الحزبي – من الخيانة التي هي من أكبر الكبائر…” يتعلق الأمر هنا بمن علم حاله من بين المترشحين فكيف يتعامل الناخب مع “مجهول الحال، ومن لا يمكن معرفة حقيقته”؟ فالكثير من المرشحين يجهل الناخب حالهم لعدم اهتمامهم من قبل بالشأن العام، وانعدام تجربتهم في المجال السياسي. وصنف آخر من الأحزاب السياسية لا يمكن للناخب معرفة حقيقته على اليقين لاشتهاره بالغموض، واضطراب المواقف، وهو في ذلك قريب من الباطنية. تقول المادة4 من النظام الأساسي لحزب تواصل “الرمز المميز للحزب هو: نخلة خضراء في دائرة بيضاء مع خلفية خضراء.” لكنك حين تمعن النظر في النخلة المزعومة تجد أن أعلاها عبارة عن صقر ناشر جناحيه. ولم ترد في وثائق الحزب أي إشارة إلى هذا الصقر، لا من قريب ولا من بعيد، فهل للحزب شعاران؛ ظاهر وباطن!!!
يتم اختيار الرموز عادة قصد دلالتها التي يتبناها من اختارها لما تمثل عنده من قيم يتماهى معها. وبهذا المعنى فإن شعار الحزب المعلن يرمز للعروبة؛ فقد عبد العرب نخلة نجران الطويلة، ونخلة تواصل طويلة!! وزينت صورة النخلة معابد بابل، واتخذها المحاربون رمزا مقدسا، كما أنها ترمز للنماء والخير. والنخلة في الحلم كلمة طيبة. ولا شك أنها في بلادنا، وبلاد العرب عموما رمز محبب وهذا الارث الثقافي هو الذي أراد تواصل استثماره. لكن الدمج بين النخلة والصقر مثير للريبة. فالصقر يرمز للقوة، وللصيد، فهو ينقض على فريسته بسرعة 300 كلم في الساعة. والصقر في المنام، حسب تفسير ابن سيرين يشير إلى السلطة والحكم، والثروة والمال، الشخص القوي الذي يستغل قوته في ظلم الآخرين. وللصقر منقار شبيه بالخنجر رمز الغدر والخداع بسبب سهولة استعماله المفاجئ ضد ضحية غير مدرك للخطر!!!
ومهما يكن من تناقض، أو تكامل بين الرمزين، فإن السؤال مشروع حول دوافع تواصل لاتخاذ رمزين؛ علني يثبته في نصوصه، وخفي يسكت عنه!!! يعزز هذا التصرف الشكوك التي تثار حول تواصل والاخوان عموما، من ازدواجية في كل الشيء قد تفسر بتاريخ الجماعة السري الذي لم تستطع التخلص منه حتى حين أتيح لها ممارسة العمل السياسي بأحزاب مرخصة فجعلتها الجماعة واجهة وأبقت على تنظيماتها السرية تمارس أنشطتها في الخفاء. فهل النخلة رمز الحزب، والصقر رمز الجماعة السرية التي تمثل القيادة الحقيقية للتنظيم؟ فقد هدد جميل منصور مرة بأنهم، إذا ما حل الحزب، سيعودون للعمل السري، وهو ما يعني أن آليات العمل السري وأطره ما تزال قائمة يسهل تفعيلها في أي لحظة.
تتعزز ثنائية الرمز بازدواجية الخطاب، وغموض الممارسة السياسية، إذ يمزج تواصل بين “المرجعية الإسلامية” والتوجه العلماني، ومن الصعب تحديد موقعه بدقة بين المعارضة والموالاة، وكلاهما جرب نكثه بعهوده ومواثيقه؛ فقد تحالف مع الأغلبية واصفا نفسه بالمعارضة “الناصحة” حتى إذا لاحت “بشائر الربيع” ابتدع مفهوم “المعارضة الناطحة” فطالب برحيل حليفه. وفي انتخابات 2013 حرض المعارضة على المقاطعة ليتسلل من صفوفها مشاركا في كل الاستحقاقات. فكيف للناخب أن يعرف حقيقة تواصل حزبا وأفرادا؟ ومن ثم فإن الالتزام بفتوى المرشد يقتضي عدم التصويت لتواصل في كل الأحوال؛ فإذا أحسنا به الظن كان مجهول حال، وإذا احتطنا في أمره بدا أقرب إلى فرق الباطنية التي تواطء علماء المسلمين عبر التاريخ على التحذير منها…
234 تعليقات