رئيس جديد لموريتانيا بقلم ديفيد كين المحرر في الواشنطون تايمز
وصلت من موريتانيا أنباء رائعة عن حدث مهم و مميز كان 22 من يوليو تاريخا و تأريخا له، لقد خرج الموريتانيون و من جميع أنحاء البلد الشمال إفريقي و الذي يصل تعداد سكانه إلى أقل من 4 ملايين نسمة إلى صناديق الاقتراع في جو مُسالم لاختيار رئيس جديد خلفا للرئيس المنتهية ولايته، اتفق أغلب المراقبين أن هذه الانتخابات مرت بسلاسة مثل انتخابات 2014 و عبّر كل من الاتحاد الأوروبي و الإفريقي عن نزاهتها و شفافيتها، أما المرشحون الخاسرون فلم يستطيعوا تقديم أي دلائل تثبت تزوير النتائج مكتفين بتقمص الحالة التي انتابت هيلاري كلينتون عند خسارتها أمام دونالد ترامب و ما تبعها من تحامل و حزن.
الرئيس المنتهية ولايته لم تتم إزاحته بالقوة أو أُدخل السجن بل تنازل احتراما للدستور مخططا لبدأ حياة جديدة، إنه من العار أن هذا التداول السلمي للسلطة لم يلق أي اهتمام في أمريكا رغم أهمية موريتانيا في الحرب على الإرهاب و ادعاء أمريكا المستمر رعايتها للديمقراطيات الناشئة.
هناك قول مأثور أن تعريف الديمقراطية الإفريقية كان ” رجل واحد، صوت واحد، مرة واحدة ” لم يتغير الكثير في قارة تلقى فيها أنماط الحكم الشمولي رواجا كبيرا، و حيث يقوم قادة كثر بتعديل الدساتير للبقاء في الحكم لذا نتمنى أن تخدم التجربة الموريتانية الكثيرين في إفريقيا.
موريتانيا نفسها مرت بتسع انقلابات منذ حصولها على الاستقلال في العام 1960، و الرئيس محمد ولد عبد العزيز البالغ من العمر 62 عاما و الذي انتخب لمأمورية ثانية في العام 2014 هو من قرر عدم الترشح لمأمورية ثالثة محترما بذلك دستور البلاد، الرئيس عزيز واجه و هاجم الإرهابيين الذين هددوا موريتانيا و استغلوا المساحة الشاسعة و غير المأهولة للبلاد لشن هجمات عليها و على جيرانها حتى جلب الأمن و الاستقرار لبلاده و أصبحت في عهده شريكا مهما للولايات المتحدة فيما يخص مكافحة الإرهاب.
انتشرت شائعات هذه السنة أن الرئيس محمد عبد العزيز سيقلد رؤساء الكونغو و رواندا و يعدل الدستور من أجل البقاء في السلطة لمأمورية أخرى لكنه فاجأ الكثيرين بإعلانه عدم المساس بالدستور قائلا ” إن تعديا الدستور من أجل فرد واحد غير لائق ”
موريتانيا لديها ما يكفي من المشاكل لكن هذه الانتخابات كانت حاسمة، فاز محمد ولد الغزواني أمام أربعة معارضين بينهما مرشحان قويان بنسبة 52 بالمائة، محمد ولد الغزواني وزير الدفاع السابق و المعروف بدوره الكبير في القضاء على الإرهاب في موريتانيا، تلاه في النتائج و بنسبة تفوق 18 بالمائة ناشط معروف ضد العبودية و الذي وعد بالقضاء عليها في معاقلها القبلية، يذكر أن العبودية تم تجريمها في موريتانيا في العام 2007، يأتي ثالثا المرشح المقرب من الإخوان المسلمين.
نقلت البي بي سي أن الناخبين الذين يقدمون الجانب الأمني على ما سواه هم من حسموا النتيجة لصالح محمد ولد الغزواني، رغم أن الجانب الاقتصادي أهم و الذي ينتظر الرئيس المنتخب في بلد غني بالموارد من ذهب و نحاس و حديد و نفط و غاز و فقير في نفس الوقت، بالإضافة إلى صعوبة جذب الاستثمارات بفعل قوانين الضرائب السيئة و هشاشة النظام القضائي و نقص حاد في البنى التحتية، و مازال الاقتصاد الموريتاني يعتمد على تصدير خامات الحديد و قطاع صيد الأسماك، و البلد مجبر على استيراد المواد الغذائية.
مع تمتعه بأغلبية قوية، السيد غزواني أمام فرصة للقيام بإصلاح ضريبي يجد المستثمرون الأجانب أنفسهم مجبرين أمامه على إعادة النظر في فرص الاستثمار في موريتانيا و في حال أوفى بتعهداته أثناء الحملة و المتعلقة منها بهذا الشأن، و هو أمام فرصة حقيقية لعصرنة اقتصاد بلاده و بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي و جعل موريتانيا مثالا مشرفا أمام بقية العالم الثالث، قصة النجاح هذه ستعطي للولايات المتحدة فرصة لتقوية علاقاتها السياسية و الاقتصادية و الأمنية مع موريتانيا و التي سيكون لها التأثير القوي على دول المنطقة و ستشجع دولا أخرى على جعلها مثالا يحتذى به.
انتخاب الغزواني يؤكد أن بذور الديمقراطية يمكن أن تغرس و تنبت في أفقر الدول و البلدان التي تنتقل بسلام من النظام الشمولي إلى الديمقراطي نادرة و تستحق الدعم و الكرة الآن في ملعب الرئيس الموريتاني المنتخب من أجل رعاية ديمقراطية بلده الوليدة حتى مع مواصلة حربه ضد الإرهاب و توفير وسائل الحياة الكريمة للشعب الذي انتخبه.
الأمر صعب لكنه أي الرئيس المنتخب إذا نجح ربما سيأتي ذلك اليوم الذي سينظر فيه شعب لبد فقير آخر إلى موريتانيا قائلا ” إذا فعلوها فنحن نستطيع أيضا أن نفعلها ”
ترجمة المصطفى ولد البو