الرأي العام : جدلية الإيجاب والسلب (السيد ولد صمب أنجاي)
حديثنا عن جدلية الإيجاب والسلب في مفهوم الرأي العام يطرح إشكالات جمة على سبيل المثال لا الحصر’ نظرا لتعقيد المفهوم وما يكتنفه من حساسية بالغة الخطورة ة سواء من ناحيتي السلب والإيجاب ’ فماذا نعني بالرأي العام ؟ وكيف يساهم في تقدم أو تأخر المجتمعات وما دور الإعلامي أو الصحفي أو الكاتب في تنوير الجماهير ؟ ما الفرق بين الرأي العام والرأي الخاص ؟ وما مقوماته؟ من صحافة ومجلات وكتب …الخ؟ مما لاشك فيه أن للرأي العام ايجابيات وسلبيات ’ فهو أشبه بفوهة بركان ’ ذلك أنه إذا ما أستغل استغلالا جيدا كان لزاما أن يكون ايجابيا ولن يكون كذلك إلا عندما يبتعد الصحفي أو الإعلامي عن أن يكون رجل الشارع فيفتح عينيه ويفغر فاه لحديث الصالونات ’ يعني أن يكون مهنيا موضوعيا في نقل الخبر ومتشبثا بأخلاقيات المهنة ولنا في قصة الهدهد مع نبي الله سليمان أنموذج من الإعلام الحضاري الراقي قال تعالي { وجئتك من سبأ بنبأ يقين} ’ وحيث لم يقل بنبأ وسكت وإنما أردف قائلا { يقين} وهذا تلميح صريح أن الصحفي أوالإعلامي يجب عليه اللهوث وراء الحقيقة في صبائها ’ فأضعف مخلوقات الله يعلمنا ليس فقط البوح بالحقيقة وإنما مدى صدقيتها وانطباقها وانسجامها مع الواقع ’ بمعني آخر{ أبيأة} الإعلام ونقل المعلومة كما هي ’ بعيدا عن الأهواء والعواطف’ لأن الإعلام ليس رسالة فقط ’ بل قضية يجب الإيمان بها باعتبارها قضية إنسانية قبل أن تصير رسالة .
فالرأي العام هو رأي الأغلبية ويكون دائما صائبا ’ أما الرأي الخاص فهو فرداني يمتلكه الشخص ويقتنع به وقد يتعارض أحيانا مع رأي الأغلبية وهذه الأخيرة يعتبر رأيها الأكثر ثباتا واستقرارا لأنه عبارة عن ظواهر سوسيولوجية وتفرض إعلامها عن طريق الخضوع والإكراه ووجودها سابق علي وجود الأفراد ومن مساوئ الرأي العام انتقال النفوذ إلي رأي عام غير مستنير خاصة في البلدان الأقل ثقافة ’ هكذا فالرأي العام له مقومات نذكر منها : الصحف والمجلات والكتب والراديو والتلفزيون والسينما والمسرح والبيت والمدرسة والجامعة وشبكات التواصل الاجتماعي التي ظهرت مؤخرا والانترنت وهذه الوسائط تساهم بشكل أو بآخر في خلق الإنسان وتكوينه ولها دور في إعداد الفرد والمجتمع وتزويدهما بالمعلومات والحقائق عن كل ما يحدث فيه ويفيد المواطن ’ فالإعلامي يعتبر الموجه ويطلع بدور الوعي والتثقيف ولهذا لا يمكن أن يتسنى له ذلك إلا في ظل وجود مناخ يشعر فيه الإعلامي بالحرية وتصان له كرامته ’ فهو الموجه والناصح والعين الساهرة والناقدة لقضايا المجتمع دون محاولة توريط صاحبها في معارك نفوذ الأفراد والمجموعات وحتى الدول فيسقط في أتون اللامهنية واللامصداقية واللاموضوعية ’ ويبعده ذلك حتى عن قضيته ورسالته فهو يمتلك دورا ايجابيا وسلبيا في نفس الوقت ’ حيث يكون ايجابيا في تنمية ووعي المجتمع وتزويده بالأحداث حول العالم ’ وسلبيا بما يسمي الصحافة الصفراء والتي تعمل على إثارة النعرات الطائفية بين الشعوب وتعمل لصالح طرف دون الآخر’ أو تدافع عن أجندة خارجية والتي تغذيها الأيادي الناعمة مما يؤثر على الوضع العام لذلك البلد أو تلك المنطقة .
كما يعد الإعلام السلطة الرابعة بعد السلطات التشريعيّة، والقضائيّة، والتنفيذيّة؛ نظراً لتأثيره الكبير على تغيير وصنع اتجاهات الناس الفكريّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة وحتى الوجدانية والعاطفية التي تشكل الرأي العام في المحصلة، كما تلعب وسائل الإعلام دورا رياديا في الرّأي العام الذي يعني مجموعة الأفكار والمعتقدات الفكريّة التي تعتنقها طائفة واسعة من الناس، أو تلك الآراء المشتركة التي يتقاسمها عامّة الناس حول مسألة من مسائل الحياة وقضاياها، وللرأي العام الدور الأكبر في تشكيل سياسات المسؤولين والقادة في الدول الديمقراطية ، بل إنّ كثيراً ما تتراجع حكومات عن مخططٍ ما بسبب رفضه له، وخروج الناس في الشوارع احتجاجاً ضده . فالجمهوريعتبر الإعلامي كقدوة ومثقف لا بد من التأثر به ، لذا حريٌ بالإعلاميين توخي الدقة والأمانة عند نشر الوعي في قضيّة ما، أو بث الأفكار الإيجابيّة بين عموم الناس، فالضمير الحيّ والشعور بالمسؤوليّة هما الدافع الأهم في هذه الناحية. فالإعلامي ، هو أحد أفراد المُجتمع الذي يؤثّر ويتأثّر به، لذا يجب عليه التأثير بموضوعيّة سبيلا إلي الرفع من وعيهم تجاه إحدى القضايا دون مواربة أو كذب، كما لا يصح أن ينحاز لمصالحه، ولا يحابي أحداً من أصحاب النفوذ، أو يسعى وراء شعبية الجماهير عبر التكلم بما يحبون سماعه، كما يجب عليه عدم اللجوء للتجريح أو تقديم فكرٍ يتصادم به مع المجتمع بصورةٍ مباشرة؛ لأنّ ذلك سيُبعد الناس عن رسالته وقضيته السامية السامقة ، ويُخسره إمكانيّة التأثر و التأثير في المجتمع.
والسلام علي من اتبع الهدي ونهي النفس الأمارة بالسوء عن الغوي
133 تعليقات