الحب ليس هو الجنس / ذاكو وينهو

يا سلام

ظل كثير من الناس في حديثه عن الحب و العشق و العلاقة بين الرجل والمرأة يتخبط في لغة معتمة ومفاهيم مبهمة … فالحب أو العشق أو العلاقة بين “الطرفين” عندهم مبنية أساسا على المفهوم الغريزي (الجنس)..وتعتبر إثما يمارس في السر والظلام بعيدا عن أعين الرقباء…..
الحب غير الجنس … في اللغة الفرنسية نميز بين الحب(amour) و الجنس (sexe) ففي كلمة (amour) عندنا (ame) الروح (أي علاقة روحية) تفسر أنها أصفى وأعمق وأسمى من تلبية نزوة غريزية يستوي في الحاجة إليها الإنسان والحيوان لأنها ضرورية لاستمرار النوع…ولو لم تشحن بحرارة الغريزة الدافعة إلى طلب تفريغ النزوة في الطرف النقيض لتوقفت الحياة وتعطلت خاصية التجدد الوجودي….
أما الحب فهو خارج عن دائرة الإثم والمحاسبة … لأنه حالة عاطفية جميلة جدا مبهمة وغريبة … إعصار نفسي تعيش فيه وفي لحظة زمنية واحدة كل فصول السنة فيها صفو وغيم وحرارة وبرودة ورعود ومطر ورياح عاتية لا تبقي ولا تذر..فيها عشب أخضر وجداول صافية…فيها البحر والشاطئ….والدرر المتناثرة هنا وهنالك….فيها الصمغ والنوار…و فيه شيء من عقل الجنون….
الحب هو تعلق لا محدود قد يكون وليد انتباه مفاجئ… وقد يكون بتناغم فكري أو أدبي أو انسجام ذوقي…وحتى سياسي ومهني….وقد يكون خارجا على دائرة الأسباب والمبررات….لكنه هو القوة التي تدفعك إلى أن تكون….فوراء كل عظيم امراة و وراء كل عظيمة رجل…..الحب يدفعنا إلى أن نبدع….إلى أن نتميز…إلى أن نقود…
الحب هزة قلبية شديدة وخروج من الركام واضطراب ووجيب وعرق وارتباك….لا يكون هذا أبدا وليد يقظة مفاجئة للغريزة الجنسية…صحيح قد تبهرك (أويبهرك ) منظر فاتن لشخص التقيته مصادفة عند الجزار ، أو في مكب للقمامة ، كما تبهرك فيلا راقية أو سيارة فارهة… لأن النفوس مولعة بحب الجمال….لكن الجمال مظهر سطحي قد يقود إلى الإحباط والتلوث…كما يغريك الجدول الرقراق بصفاء مائه فإذا تقدمت خطوة غاصت رجلاك في الوحل والعفن….
كل عظيم عاشق…فالمتنبي عاشق…وسيبويه عاشق… ونيوتن عاشق…..والخنساء عاشقة….والخوارزمي عاشق….وابن عربي عاشق……وامحمد ولد احمد يوره عاشق….و الشيخ ولد مكي عاشق …… و الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا عاشق …ورابعة العدوية عاشقة…وجمال ولد الحسن عاشق…وسقراط عاشق…و سيدي ولد هدار عاشق …ونزار قباني عاشق…والجاحظ عاشق….الخ…
العشق ليس انحدارا إلى مزالق الغريزة ولا سباحة وسخة في مستنقعات الجنس الرخيص..هو حالة تدفع صاحبها إلى التعالي والترقي في أسمى مواقع النفوس الكبيرة…
إذا فشل العاشق في دغدغة قلب المعشوق عوض بالإنكار والتكبر غير مدرك أنه يتعذب عشقا وتعلقا بالشارد الذي لا يلتفت إليه ، وأن ذلك الشرود هو الحرارة التي تفجر فيه ينابيع الخلق والإبداع خطبا لود الصاد المتمنع…العاشق فارس مسرج الحصان أبدا يمخر البحار ويجوب الآفاق بحثا عن عرش عظمة ينصبه في وطن واحد هو قلب المعشوق…..