ارفعو مراسي سفن التغيير؟!/الحسن ولاي علي
يكاد صبر الموريتانيين ينفد، ويجف الريق في حلوقهم، لهفة ورقبة وتعجلا لتنفيذ تعهدات ووعود عسلية، سال لها لعابهم يوم اطلقها الرئيس محمد الشيخ الغزواني، وهو يضع رجله على العتبة الأولى في مضمار السباق إلى المنصب الأعلى في الدولة، وهو المنصب الذي ظفر به، باصواتهم ودعواتهم ومؤازرتهم؛
والواقع ان للمواطنين المتلهفين، عذرا فيما. يتعجلون ويرتقبون، وهم يستحقون علينا- معشر الكتاب والمدونين والمتابعين- بعض الإنصاف، فقد اودت باصطبارهم العشر العجاف، وحفز عهد الرئيس، ومعنى العهد عنده، املهم الباسم في الانتقال من حال إلى حال؛ لذلك فهم يستعجلون عهده، وقد {خلق الانسان من عجل} ويرتقبون وعده..
.وكلنا معهم رقيب؛
لقد طال انتظار الناس، ولم تغادر تعهدات الرئيس ووعوده، الصفحات والمذكرات، لتلامس الواقع الماساوي للمواطن، وتمد اليد الحانية، بردا وسلاما، لإنقاذه وإسعافه، بإجراءات عاجلة، وبرامج وخطط وقرارات ومؤسسات، توقف تدهور الحالة الوطنية المريضة، وتعيد تاهيل الدولة، وصياغة المسار الوطني بأبعاده المختلفة، بما ينفع الناس ويمكث في الارض، بعد ما طالها من عبث العابثين.
مثل تلك المبشرات، حتى وهي في طور الامنيات، يبعثها الأمل والثقة في عهد يرى المواطنون ثمراته، ويستعجلونها ويرقبونها، فهم لا يكادون يصدقون أنهم افلتوا، لتوهم، وبأعجوبة، من بين انياب ومخالب تنين كبس على انفاسهم لأكثر من عقد من الزمن، مر كانه قرن كامل؛ فيه السلطة دولة بين الأقوياء، لا الأمناء؛ والثروة دولة بين الأغنياء، لا الفقراء، والحق فيه ضحية للباطل، والعلم خادم للجهل، والدين والخلق لعبة للعابثين.
ذلك اقرب نعوت العهد الدابر إلى الحقيقة، عهد لا يكاد من شهد تفاصيل عشرية الباساء والضراء، التي كانت وعاء له، ولم تجرفه موجات الازدلاف، ثم نجا من حبائل سماسرة الضمير في سوق “الولاء مقابل الغذاء”، لا يكاد مثل ذلك الشاهد يصدق انه خرج فعلا من تلك المحرقة السوداء، موفور الكرامة، كامل الحرية، عزيز النفس، عريض الامل في فضل الله ورحمته؛ فلقد كانت القيم والمثل والسجايا الكريمة، الوقود المفضل لنافخ كيره الكريه؛
ما من شك-إذن- في ان عناية الله تعالى تداركت ساكنة هذه البلاد برحمته، حيث فهيأت للناس حبل الخلاص من بالوعة ذلك الثقب الاسود، يوم ترشح الرئيس محمد الغزواني للرئاسة، فالتف الناس، بكل تبايناتهم، حول برنامجه، واختاروه مخلصا، جاء من عمق النظام؛ وقد أحرزوا به النصر المؤزر، وتنفسوا الصعداء بعمق يتناسب مع حجم التحديات التي ينتظرون بها رئيسهم؛
وفي حفل بهيج، غير مسبوق، حضره العالم وباركه؛ تولى محمد الغزواني، رسميا، رئاسة الجمهورية، منهيا عهد سلفه الذي انهت ماموريته الدستورية الثانية والاخيرة؛ وهكذا، وباسم اغلبية الناخبين التي منحته اصواتها، تقلد محمد الغزواني المسؤولية التاريخية عن بلد متخلف، ودولة متعثرة، وشعب ينوء بهمومه؛
في زحمة الاولويات والملفات والمشاكل والمشاغل الوطنية الضاغطة، والتي تراكم بعضها، قبل وبعد الإعلان عن تشكلة الفريق الحكومي الذي اختاره الرئيس لتنفيذ وعوده وتعهداته، واجه محمد الغزواني إكراهات سياسية وامنية خطيرة، لكنه تصدى لها بكل جدارة، وواجهها باقتدار، وهدوء، رافضا ان يجعل منها ازمة وطنية صاخبة؛
وهكذا سجل الرئيس محمد الغزواني نجاحا باهرا، في نزع فتيل فخ أمني تم ترتيبه له بعناية، على مستوى كتيبة الأمن الخاصة بالرئيس؛ ثم، وبكفاءة عالية، امتص الصدمات التي احدثتها العودة المفاجئة والمستفزة لسلفه، وغيبته عن ترتيبات ذكرى الاستقلال التي رتب لها من فبل في اكجوجت، وكذلك ترؤسه للجنة الحزب، ومؤتمره الصحفي ولقاءاته الفردية ببعض الصحفيين؛
لقد بات معروفا ان كل تلك الفخاخ (اشرك) والصدمات (الضجيج)، إنما كانت تستهدف بالاساس التشكيك في شرعية الرئيس محمد الغزواني، ورفع الصوت من حوله، عاليا، ليقبل أي نوع من الشراكة في السلطة، مع سلفه، تمهيدا للهيمنة على ااوضع، بواسطة الأمن الرئاسي وكتائب الحزب الحاكم.
ومن الواضح اليوم ان الرياح لم تجر بما يلائم سفن القرصنة التي طانت معدة للإبحار عكس الاتجاه، عند الحاجة، فحبطت ترتيباتها؛ ولكن من الواضح أيضا أن سفن التغيير لم تفلح بعد في رفع مراسيها و مد أشرعتهأ، والسير رخاء في الاتجاه الصحيح!!
… يتبع …