عذراً.. جنوب أفريقيا!/ محمد المنى
نعم إن موريتانيا دولة آبارتايد وفصل عنصري على أساس اللون والعرق، تماماً كما كان الحال في جنوب أفريقيا أيام حكم «الحزب الوطني»، حيث كان مانديلا نائباً في البرلمان يصول ويجول في الداخل والخارج، ويترشح للانتخابات البرلمانية ويفوز بها، ثم لانتخابات الرئاسة بتزكيات من منتخبي «الحزب الوطني» الحاكم، لينال أصوات السود وأصوات الآلاف المؤلفة من البيض الأوروبيين، ويأتي في المرتبة الثانية بعد «دي كليرك» الذي يستقبله بالأحضان في مقر الرئاسة بجوهانسبيرج. نعم كان مانديلا يتجول في الخارج حاملا جواز سفره الدبلوماسي، ويقول عن النظام العنصري في بلده جنوب أفريقيا ما يستحق من إدانة وفضح، دون أن يسأله أحد بعد العودة من رحلته الاستجمامية بين أفخم وأغلى الفنادق في أوروبا وأميركا. وفي جنوب أفريقيا أيضاً كانت المدارس مفتوحة لجميع الأعراق والفئات، وكان الأفارقة السود يحظون بنفس الفرص والخدمات في المستشفيات وجميع الهيئات الخدمية والإنتاجية، كما كانوا يتقلدون أرفع الوظائف وأكثرها حساسية، بما فيها رئاسة البرلمان والحزب الحاكم والمحكمة الدستورية، ويشغلون المناصب والحقائب الوزارية السيادية مثل الداخلية والدفاع والخارجية والعدل والمالية والتخطيط والاقتصاد، ويقود ضباطهم الجيش والأمن والحرس والدرك.. وجميع المناصب دون استثناء. وكانوا يقطنون في أحياء واحدة مختلطة مع البيض، يأكلون معهم في نفس المطاعم، ويستخدمون وسائل المواصلات العمومية ذاتها، دون تفريق ولا تمييز.. وكان القانون والدستور في جنوب أفريقيا السابقة يؤكد على مساواة الجميع، بيضاً وسوداً، مساواة كاملة أمامه دون أي فروق أو تفاوتات.
ألا ينبغي إذن أن نعتذر لجنوب أفريقيا السابقة بمجرد أن تحدثنا عن «آبارتايد عربي إسلامي ضد السود في موريتانيا»، هذه القطعة المهترئة من الجغرافيا القابعة في عصور الاستعباد والاسترقاق وأسواق النخاسة؟! لكن ألا ينبغي أيضاً لمانديلا أن يعتذر للأوروبيين حين حدثهم بكل ذلك الهجاء للآبارتايد في بلاده، وهم الأذكياء الذين يعلمون أنه هو نفسه يحظى بامتيازات تفوق ما يحظى به ملايين من البيض الأوروبيين في بلاده؟