العلاقة بين الوزير والنظام/ محمد فال بلال
ينبغي النظر إلى العلاقة بين الوزير والنظام من باب خصوصيّة الفرد وعموميّة النظام. معلومٌ أن لكل نظام سياسي مساره العام بنقاط قوّته وضعفه ونجاحاته وإخفاقاته, وأفراحه وأتراحه, وأخلاقياته…مسارٌ يشرّفه أو لا يشرّفه. و معلومٌ أن الوزراء يحسبون على النظام ولهم ما لهم من حسناته وعليهم ما عليهم من أوزاره وسّيئاته … إلاّ أن لكّل وزير مساره الخاص داخل النظام. قد يشفع له وقد لا يشفه أمام التاريخ. ويتمثل مسار الوزير في أدائه الشخصي وسلوكه الشخصي وأمانته وكفاءته ومهارته وأخلاقه و إخلاصه بغض النظر عن الأداء العام للنظام. ولا يجوز في اعتقادي الحكم على الفرد إلاّ من خلال أدائه الخاص, لأن النظام لا يحسب على فرد بذاته ولا مجموعة من الأفراد. النظام اصطلاحًا يعني منظومة متكاملة من القوانين والنصوص والأوامر والنواهي والمؤسسات والهيئات والسيّاسات تتحكّم في المجتمع وأفراده وموارده كافة استنادًا إلى سلطة مخوّلة. وفي هذا المعنى ما يكفي للدّلالة على قوّة النظام وهشاشة الفرد. ولذا قلت إن الفرد يحسب على النظام ولكن النظام لا يحسب على الفرد.
بالضبط مثل فريق كرة القدم : لكلّ لاعب قيمته الشخصية وسعره و وزنه في السوق الرياضية ومستواه من اللياقة و الأداء, وللفريق مستواه العام. فمثلا- محمد صلاح- يحسب بالتأكيد على فريق مصر العربية, مع أن مستواه الشخصي يفوق بكثير المستوى العام للفريق. وكذلك “رونالدو” و”ميسي” مع البرتغال و الأرجنتين. إن الفريق لا يحسب على اللاعب. فهناك منظومة كاملة تدير شأن الفريق، منها الطاقم الإداري واللاعب وطاقم التدريب والأطباء وجمهور المناصرين .. فالفرق واضح بين اللاعب والفريق وبين الفرد والنظام. وكذلك في الأنظمة الفاسدة، لا ينطبق فساد النظام على كل وزير بذاته إلاّ في حال ثبوته عليه بالأدلّة والبراهين. وتحضرني هنا كلمة تاريخية للخليفة، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، قال :” لو كان الفقر رجلا لقتلته”! مدركا أن الفقر مرتبط بنظام اقتصادي ينتجه ويعيد إنتاجه. أما نحن , فنقول : “لو كان الفساد رجلا لقتلناه”. ولكن الفساد ليس برجل…ليس بوزير أو سفير…حتى نقتله. فقتل البعوض بعوضة بعوضة لا يجدي شيئا ضد الملاريا , إن لم يتم في الوقت ذاته تجفيف “المستنقع”. فلنولِّ وجهنا شطر “الفساد” بصفة كونه منظومة وثقافة ونمط عيش وتفكير…
طابت أوقاتكم.