محمد فال بلال يكتب: “هذه قصتي”
هذه قصتي..حول ما قيل بين اليوم والأمس وما قد يقال غدا عن شخصي البسيط، أودّ إعطاء بعض المعلومات عن مسيرتي الوظيفية. وسيتضح لكم أن أخاكم هذا رجل من أهل السياسة له ما له وعليه ما عليه في السياسة (عفا الله عنه وتاب عليه). والسياسة هنا عنوان كبير من عناوين فشل البلد وتخلفه عن الركب وإخفاقاته و و و .. قولوا عنها ما شئتم، ولكنها تبقى لها محمدة جليلة: كونها مناقضة للمال! لن تجدوا رجلا سياسيا حقيقيا يمتلك مالا أو يحلم به إلاّ ما ندر . عيوبنا كثيرة ولكن لا علاقة لها بالمال الحلال وأحرى بالمال العام… والآن، إلى المعلومات:- منذ الانقلاب على الرئيس المختار ولد داداه رحمه الله (1978) إلى غاية الانقلاب على الرئيس معاوية حفظه الله ورعاه (2005) لم أتولّ أي وظيفة في الدولة ما عدا: حاكم في مقاطعة ولد اعلِ بابِ لمدّة 9 أشهر (1979) و وزير خارجية لمدة 19 شهرا (2003). وهذه المعلومة في حد ذاتها تكفي لإزاحة تلك الصورة النمطية و”الكليشيهات” الرهيبة التي يرسمها البعض عن هذا الشخص المسكين … أجل، 24 سنة – من حاكم 1979 إلى وزير 2003 – وأنا أتردد بين السجن والإقامة الجبرية والعمل في قطاع الصيد (شركات احميده واد بشرايَ رحمه الله) وقطاع البنوك (بنك البركة) واستشارة مؤقتة في البريد وموظف في الحزب الجمهوري، وأخيرا نائب في الجمعية الوطنية.. أين التسيير في هذا؟ أين الفساد؟ وأين المال العام؟ لا شركة ولا مشروع ولا مؤسسة ولا إدارة ولا مصلحة ولا تجارة ولا وظيفة ولا راتب حتى.. لقد جردت من صفتي “عقودي” في الوظيفة العمومية عام 1981. – بعد الانقلاب على الرئيس معاوية ولد الطائع حفظه الله وانتخاب الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله تغمده الله بواسع رحمته كلفني هذا الأخير بسفارة دكار (أغشت 2007) وغادرتها بداية (2009) إلى سفارة الدوحة التي خرجت منها (2011).. هب أنني ” أوكل من لرْظَه” و “أسرق من القَرْتَيْلِ” هل تورني وجدت الوقت الكافي لأكل أي من السفارتين؟- عدتُ من قطر 2011 وبعد 7 سنوات حصلت خلالها على قدر من الاستشارات في الداخل والخارج لصالح مكتب “المدار” (أنشأته 2006) استدعيت إلى اللجنة يوم 20 يوليو 2018 للمشاركة في تنظيم انتخابات هي الأصعب والأكثر تعقيدا في تاريخ البلاد. ذهبت مباشرة إلى لجنة الشفافية لدى المحكمة العليا وأديت واجب التصريح عن الممتلكات ومصدرها بما فيها كشوف عن حركة حسابي المصرفي الخاص في البنك الاسلامي الموريتاني وحساب باسم مكتب الدراسات والارشادات (المدار) المسجل في السجل التجاري ولدى المحاكم الموريتانية باسمي. وسأقوم بفعل الشيء ذاته متى انتهت مهمتي بحول الله. وإلى حد الساعة بعد فات انزاد ب “نيمرُو في انواذيبُ الحمد لله.. زائركم لا انگزر قبل أن أبيعه أو أعطيه.- وما إن انتهت إعادة الشوط الثاني في عرفات حتى حلت بنا بعثة من محكمة الحسابات. وجرى التفتيش في ظروف استثنائية حيث كنا في مرحلة انتقالية ضيقة بين توديع انتخابات 2018 وتحضير رئاسيات 2019.. أنتهت البعثة من عملها بعد ما يقارب 3 أشهر من العمل الدؤوب. أعدت تقريرها وأرجو من الله أن ينشر على الانترنيت ليطلع عليه الجميع. أفادتنا بدروس وملاحظات وتوصيات مهمة وأشارت إلى بعض الأخطاء ولم تسجل خروقات تفضي إلى تهمة فساد أو اختلاس أو ما شابه ذلك.- بعد الانتخابات الرئاسية وتنصيب فخامة الرئيس تم انتخابي بصفتي رئيسا للجنة الموريتانية بالإجماع على رأس المنظمة العربية للادارات الانتخابية (مارس 2020). وهو أمر يحتّم عليّ البقاء والاستمرار و يسدّ الباب أمام المغادرة. – وبخصوص المستقبل، أنصح بأن يكون ملف الانتخابات على رأس أولويات الجلسات التشاورية المزمع انعقادها. وأرجو أن تفضي تلك الجلسات إلى صياغة مدونة انتخابية جديدة تحظى بموافقة كل الطيف السياسي والمدني باعتبار ذلك شرط أساسي لسلامة وسلاسة الانتخابات القادمة. وعلى المدونة الجديدة الاستفادة من أخطاء الماضي وابتكار آليات عمل تتماشى وتنسجم مع خصوصياتنا الثقافية والذهنية والجغرافية والمناخية ولا نكتفي بنسخ ما عند الغير دون تمحيص و إضافة.- وبخصوص ما قيل بشأن ميزانية التسيير وتنفيذها، فإن بعض الإخوة الكرام امتدحوا اللجنة من حيث أرادوا الإساءة إليها. ذلك أنّ ميزانيات التسيير تُرسم طبقا للحاجيات اللازمة والضرورية لتسيير الهيئة لمدة 12 شهرا. وقواعد التسيير السليم لا تحبذ التجاوز ولا التعطيل. وقد حرصت اللجنة على أن تكون التقديرات مدروسة بشكل جيد حتى تبقى ضمن النفقات والمصاريف الضرورية: الأجور والإيجار والصيانة والكهرباء والماء والاتصال والأدوات المكتبية، إلخ… وعند اختتام السنة المالية يرفع تقرير عن تنفيذ الميزانية إلى مجلس الحكماء للنظر فيه والمصادقة عليه ومنه إلى وزير المالية.- أما بخصوص ديمومة اللجنة واستمراريتها خارج الفترات الانتخابية وما تشكله من عبء على ميزانية الدولة وعلى كهل المواطن دون مقابل عملي إلى غير ذلك من الانتقادات والإشكالات … فهذه الأمور لا تساءل عنها اللجنة ولا تؤاخذ بها لأنها ليست هي جهة الاختصاص والقرار بشأنها. *****هذه بإيجاز هي المحطات الرئيسية في مسيرتي الوظيفية وأهم النقاط التي أثيرت حول اللجنة. وهنا أسال: هل منا وفينا من يعتقد حقا أنّ كلّ من تولّى وظيفة تسيير في هذا البلد هو مفسد؟ هل منا وفينا من يعتقد حقا أنّ مجرد تولّي مهمة تسيير سببٌ كافٍ للإدانة؟ حسبنا الله ونعم الوكيل! إن الحكم بهذا التعميم المُخِل يضع الصالح والطالح في نفس الخانة ويمنح المفسدَ راحة بال وصفاء واطمئنان لأن “الموت في 10 نزاهة”.وختاما.. يحكى أنّ رجلا جاء للناس بقصة مخالفة تماما لما عندهم من معتقدات وصور ومعلومات.. قالوا لها لن نصدّقك إلاّ إذا أقسمت بالله أنك ما قلت إلا الحقيقة. رفض الرجل وأصر إصرارا على أنه لن يفعل. دانوه بالكذب وجلدوه جلدا.. وبعد ذلك سأله سائل: لماذا لم تقسم بالله وينتهي الأمر؟ فاجابه: لا داعي لليمين. إن من يصدقني لا يحتاج إلى اليمين ومن يكذبني لن يصدّقني مهما أقسمت بالله والملائكة والناس أجمعين.اسمحوا لي الإطالة.. الله يعلم أني أكره طول الكرة، ولكن الله غالب.طابت أوقاتكم بكل خير.