المختار ولد داهي يكتب في الاتحاد الاماراتية: موريتانيا والإمارات.. الماضي والمستقبل
أحضر هذه الأيام بدُبَيْ للإشراف على إحياء أيام ثقافية وفنية وإعلامية بالجناح الموريتاني بـ«أكسبو دبي 2020» تخليداً للذكرى الحادية والستين للاستقلال الوطني. وقد وجدتها سانحة كي أسجل بعض محطات الماضي وشواهد الحال والاستقبال التي تؤكد اتحاد المبادئ وتقاطع المصالح بين موريتانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة خصوصاً وأن دولة الإمارات ستحتفل خلال أيام بعيدها الوطني في الثاني من ديسمبر المقبل.
ولا بد من البدء بالتذكير بالأواصر الطيبة الضاربة في القدم بين موريتانيا والإمارات، قادة وشعباً، أضف إلى ذلك أن تشابك المصالح ووحدة المصير ووشائج الدين واللغة.. باتت المهماز الذي أعطى دفعاً كبيراً لتلك العلاقات الثنائية المتينة.
فمنذ أن قام الرئيس المؤسس لدولة الإمارات، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزيارة ميمونة إلى موريتانيا في عام 1974، ظل التواصل مستمراً بين البلدين وظلت عرى التعاطي تنمو وتزدهر بينهما.
لقد كان المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان والمختار ولد داداه (أول رئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية) مقتنعيْن بأهمية قيام علاقات استثنائية بين البلدين، وبضرورة تعميقها لتكون مثالا يحتذى في العالميْن العربي والإسلامي.
وهكذا احتضنت الإمارات، بكرم وأريحية وإخلاص، علماءَنا وقضاتَنا وأئمتَنا ومفتينا وأساتذَتنا وإعلاميينا وشرطتَنا وطلابَنا وتجارَنا، بما يناهز سبعة آلاف مقيم، فيما وصل عدد الزائرين الإماراتيين لموريتانيا قرابة الستة آلاف زائر.. فكانت الإمارات للموريتانيين وكانت موريتانيا للإماراتيين مأوى عاشوا فيه ويعيشون مبجلين مكرّمين يشعرون أنهم في وطنهم الأول.
وبفضل توجيهات القائدين فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تضاعفت وتيرة التواصل وازداد حجم التبادل، وتنوعت عناوين التعاون وتعددت وسائط التنسيق.. بما يخدم مصالح البلدين والعالم العربي والإسلامي والبشرية جمعاء. لذلك اختار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن تكون الإمارات أول دولة يزورها مباشرةً بعد تنصيبه رئيساً للبلاد. ما مثّل رسالة واضحة لا يصعب تفكيك شفرتها.
لقد بلغ حجم التبادلات التجارية بين موريتانيا والإمارات نحو 325 مليون دولار، فيما تزايدت الاستثمارات الإماراتية في موريتانيا في مجالات مختلفة أبرزها المجال الزراعي. كما موّل الإماراتيون عشرات المشاريع التنموية في موريتانيا، في ميادين النقل والطاقة والصناعات المعدنية والخدمات.
كما مثلتْ العلاقات الثقافية الرسمية وغير الرسمية في الماضي والحاضر أحد أهم جسور التواصل بين البلدين مما أثمر العديد من الشراكات الموفقة هي محل كل التثمين والتشجيع، والأمل كبير في أن تتعزز وتتطور العلاقات الثقافية في القريب العاجل.
ولا ننسى أن الإمارات قدمت لموريتانيا، في عام 1979، قرضا بمبلغ 40 مليون درهم إماراتي لتمويل البنية التحتية، وقدمت لها، في عام 1980، قرضاً بمبلغ 24 مليون درهم لتطوير الزراعة، وآخر بمبلغ 43 مليون درهم في مجال استثمار نهر السنغال، كما قدم لها المرحوم الشيخ زايد هبة سخية لتشييد مستشفى الشيخ زايد الذي ما تزال الإمارات تعنى بصيانته وتطويره وتحسين أدائه.
ولا يفوتني أن أذكر أن الإمارات العربية المتحدة، دعماً لموريتانيا في مواجهتها لجائحة كورونا، أرسلت على وجه السرعة العديدَ من التجهيزات والمستلزمات واللقاحات كان لها دور بارز في تخفيف آثار الجائحة.
لم تكن هذه إلا أمثلة خاطفة من العون السخي الذي أسدته لنا الإمارات، فاستحق منا الإشادة عرفاناً بالجميل في ذكرى يومنا الوطني المجيد.
إن أوجه الشبه ونقاط التقاطع بين الشعبين الموريتاني والإماراتي كثيرة لدرجة تكاد لا تصدق، فبالإضافة إلى الدين واللغة والتراث البدوي الأصيل والآثار الأركيولوجية والمساجد القديمة والمدن التاريخية والتضاريس.. هناك أيضاً نقاط تقاطع في تاريخ تهافتِ الأمم على منطقتي شرق العالم العربي وغربه.
إذن نحن أمام شعبيْن كتب القدرُ لهما أنهما متشابهان في كل الأشياء تقريباً، ناهيك عن الشعر النبطي الإماراتي الشبيه بالشعر اللهجي الموريتاني، بالإضافة إلى التشابه في سباق الهُجن والراحلة والهودج وحليب الإبل والصناعات التقليدية.
ما أسلفتُ من محطات ماضي وشواهد حاضر العلاقات الموريتانية الإماراتية مطمئن ومبشر على غد من العلاقات أنا له ناظر ومنتظر، غد يعزز الموجود ويحقق المزيد من المتاح من العلاقات العلمية والثقافية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين.
معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية
عن الاتحاد الاماراتية